الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن لم يكن فاجعله حيث ظننته
…
فأنت على قلب الحقائق أقدر
علي بن الحسين بن علي بن بشارة
الفاضل علاء الدين أبو الحسن الشبلي، بالشين المعجمة والباء الموحدة واللام، الدمشقي الحنفي.
سمع كثيراً من اليونيني، وسمع بنفسه، وكتب، وأعاد، وتأهل للإفتاء.
وتوفي رحمه الله تعالى في شعبان سنة أربع وثلاثين وسبع مئة.
ومولده سنة تسعين وست مئة في غالب الظن.
وولي إعادة المدرسة الشبلية. قال شيخنا علم الدين البرزالي: سمع معنا كثيراً، ورافقته في الحج رحمه الله تعالى.
علي بن الحسين بن محمد بن عدنان
السيد الشريف علاء الدين بن الشريف زين الدين بن الشريف محيي الدين بن أبي الجن الحسيني.
كان أولاً خليعاًن ظريفاً خريعاً، فيه دماثة أخلاق، وسعة صدر في حالتي يسر وإملاق. قل أن يرى إلا وهو يضحك، ولسلامة صدره يعتقد ودك ونصحك. وكان الناس يتطفلون على عشرته، ويعتقدون وده لعدم شرته، ولم يكن في باطنه حقد، وخيره دون شره نقد. إلا أنه لسلامة باطنة يتظاهر بمذهب الاعتزال، وإذا أنكرنا عليه حاله في الوقت زال. ومع ذلك فكان عامياً خالياً من العلم، قد ملئ باطنه وظاهره من الحلم.
ولم يزل على حاله إلى أن طفئت شعلته، وراح إلى الله تعالى ومعه نحلته.
وتوفي رحمه الله تعالى في سلخ شعبان سنة سبع وأربعين وسبع مئة.
وكان قد ابتلي بحمى الربع وطالت به مدة سنتين، ثم إنه راح إلى الربوة، وأكل سمكاً ولبناً، وربما أنه نزل في النهر، فمات رحمه الله تعالى.
وكان أولاً بيده شهادة المواريث الحشرية، وله فيها أخبار.
وكنت قد كتبت له توقيعاً بنقابة الأشراف بدمشق في شهر رجب الفرد سنة تسع وثلاثين وسبع مئة، وهو: الحمد لله الذي زان أشراف هذه الأمة بعليها، وجعله من الذرية المنسوبة إلى نبيها، ورفع شأنها إلى رتب تحف الملائكة بناديها والملوك بنديها، وقمع من شأنها برفع لوائها في آفاق الفخار إلى غاية لا يترجل علوي عن علويها، نحمده على نعمه التي لا تزال تجود وليها بجود وليها، ومننه التي طاب عرف رياها، وطار عرف ريها، وأياديه التي بلغت النفوس آمالها بماليها خيراً ومليها، وعوارفها التي نأت عن لحاق الشكر فيما نجد عبارة، وفيها حق وفيها.
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يلمع الإيمان من محيا ألمعيها، وتميس أعطاف قائلها تحت اللواء المعقود في حلالها وحليها، وترد نفس معتقديها الحوض المورود، فتبل غلتها بشهي كوثريها.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده الذي ابتعثه من سادة لم يلو المجد عن لؤيها، ولا أقصى الله المحامد عن قصيها، ورسوله الذي انتخبه من أنجاب كم أنجاب الظلام بسنا السنان من سمهريها وخفية الذي انتفاه من أمجاد لم تستقم طرق النجابة حتى شقها سنبك أعوجيها. صلى الله عليه وآله وصحابته الذين هم خير جماعة، ركبت إلى الشرف مطامطيها، وأعز فئة لم تخط غرض الصواب سهام قسيها، وأفضل زمرة تفرق الأبطال إذا انحسر فوق كميها، وأشرف سادة عاد غنيها على فقيرها، وعاذ فقيرها بغنيها.
صلاة ترفل الأقلام من الطروس في سندسيها، وتبسم شفاه الطروس اللعس عن جوهري كلمها ولؤلؤيها، وشرف ومجد وكرم.
وبعد، فإن أولى النسب بأن ترعى له الأقلام حدوداً، وترفعه إلى غاية تعقد له على السماك ألوية تخفق عذباتها وبنوداً، وتودع في غاب متى دخله دعي داخله الخوف مما ملئ أساود وأسودا، وينتهي إلى محل إذا سرحت العيون في أفيائه لم تلق إلا نعمة وحسوداً.
نسب كأن عليه من شمس الضحى
…
نوراً ونم فلق الصباح عمودا
فهو بيت النبوة الذي أذهب الله عنه الرجس وطهره، وأعلاه على كل ذي شرف باذخ، وأظهره، وفرعه من شجرة أصلها ثابت من أبي القاسم، كما حرره النقل
والنقد، وحبره، وفرعها في السماء، تتشعب غصونه من التبول وحيدره، ولم تزل نقابة الطالبيين تساهمهم الخلافة العباسية في المناصب، وتزاحمهم في كواكب المواكب بالمناكب، وتشركهم في كل عقد وحل، وتجاذبهم سقيا رياضهم بكل وابل وطل، وقد قال الشريف الرضي للطائع، وما استحيا، مهلاً أمير المؤمنين فإننا لم نتفرق في درجة العليا.
ولما خلت الآن هذه الوظيفة السنية، والرتبة العلية العلوية، من النقيب عماد الدين موسى بن جعفر، قدس الله روحه تطاول كل عرابة لتلقي راية مجدها بيمينه، ونظر بعين صلفه، وخطر بعطف شرفه، وشمم عرنينه، واحتاجت العصبة الطاهرة، والأنجم التي كل منها نير فكلها بحمد الله تعالى زاهرة إلى من يسد مسده، ويبلغ أشده الذي لا يبلغ الوصف حده أجمعوا رأيهم على من عقدوا عليه الخناصر، وحكموا بأن الأحق لما حواه من كرم الأصول، وطيب العناصر، واتفقت كلمتهم عليه بمجلس الحكم العزيز الشافعي زاده الله علواً، وأفاد أحكامه رفعة وسمعوا، وقال لسان حاله لما ولي:
لا سيف إلا ذو الفقار
…
ولا فتى إلا علي
ولما كان الجناب العلالي الأميري العلائي أدام الله عزي شرفه، ونفع ببركة سلفه هو الذي أسر القلم ضميره، وحكم الفكر فيه بصفاء السريرة، وأشارت الصفات إليه،
وكادت سماته الصادقة تدل الرائد عليه. فلذلك رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري، ولا زال الشرف بأوامره المطاعة يزيد علاء، ويفوق على مدى الأيام سناً وسناء أن يغوص إليه نقابة الطالبيين بدمشق المحروسة على عادة من تقدمه بحكم رضى السادة الأشراف به، لما حازه من مفاخرة التي تبتلج بها الوجه الوضاء، ومآثره التي يترنم بها الركبان على ذات الأضاء، ومناقبة التي انساقت إليه من الحسين إلى زين العابدين إلى محمد الباقر إلى جعفر الصادق إلى موسى الكاظم إلى علي الرضى، إلى محمد الجواد، وهلم جرا، حتى انتهى صباح ذلك إليه فأسفر بمساعيه وأضا، ولأنه من بيت أحياه محييه، وزاده زيناً، وجعل رئاسته، أعزه الله تعالى، في ذمة الزمان إلى هذا الوقت ديناً، وسماه علياً تفاؤلاً بعلوه، ولذلك جعل أول اسمه عيناً، فليفخر بهذا النسب الذي أضحى على هامة الجوزاء مرخى الذوائب والبيت الذي علت شرفات شرفه، فكأنما تحاول ثأراً عند بعض الكواكب، والمكارم التي شرح الجود بها التباس المذاهب، وليجمع السادة الأشراف عليه بأحسانه، ويودع كبيرهم وصغيرهم من الحنو والرأفة سرادق أجفانه، وينشر عليهم ملاءة عارفته وعرفانه، ويعاملهم بالبر والتقوى حتى يروا طرف الزمان الذي عمه عمه، كيف من الله علي بإنسانه. وليحفظ عليهم أنسابهم المتصلة، ويضبط ما تفرع من أغصانه المتهدلة، حتى لا تشذ شذرة من مكانها، ولا تتركب حبة مع غير جمانها، ولينزهم عن مناكحة غيرهم من الأجانب، ومخالطة من لا يعادلهم في الدرج والمراتب، فقبيح بالجواهر أن ينخرط الجزع في أسلاكها، وغير لائق بالدراري أن لا تدور في غير أفلاكها، وليصنهم عن التبذل في اكتساب المعاش، والتظاهر بغير ما ألفوه من زينة اللباس والرياش.
وليمنعهم من التحاكم إلا إليه، والوقوف في التنازع إلا بين يديه، ولا يدعهم يتبذلون فإنهم سادة من فاه أو تكلم، وأشرف من تكرم أو تحلم، وبقية قوم إذا غضبوا غضبة مضرية قطر السيف دماء وتثلم، وإذا أعاروا ذرى المنابر سيداً صلى عليهم وسلم، وليأمرهم بالاتضاع لمن دونهم في المحافل والمجامع، والانقياد في الخير، فإن الناس يدخلون معهم في النسب الواسع، وليستوق المباشرين في تحصيل ما لهم وصرفه، وإنفاقه في طبقاته حين جناه وقطفه، وليحذرهم كل الحذر من الخوض فيما شجر بين الصحابة، ومن القول إنه كان الخطأ مع هذا، ومع ذلك الإصابة، فإنه لم يخرج أحد منهم عن الكتاب والسنة، والقاتل والمقتول بين علي ومعاوية من أهل الجنة، وكل منهم اجتهد فيما ترك وأخذ، وأنعم النظر فيما تناول ونبذ، والمجتهد يخطئ تارة ويصيب، وله من الأجر على كل حال نصيب، ولكن كان الحق مع علي يدور كيف دار، ويسير مع مقاصد كيفما سار.
وأما المقالات المبتدعة، والضلالات التي خاب من شام برقها وانتجعة، فليزجرهم عن الخوض في باطلها الذي لا يعلم، ويكن عليهم في مثل ذلك قاسياً، ومن كان حازماً فليقس أحياناً على من يرحم، فقد دون أهل الباطل مقالات ابتدعوها، وزخارف لا يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم من تلك العقائد التي زرعوها.
أما أمر الخلافة فإنه ثابت الأساس، واضح القياس، مأمون الالتباس، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما نهى وأمر:" اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر "، وقد ماتا قبل علي، فلو تولى الخلافة قبلهما لما صح إخبار هذا الخبر، ولا كان له من المعجزات أثر، وقد بايع علي أبا بكر فيما بعد مجتهداً، ولو كانت خلافته غير صحيحة لما سوغ نكاح الحنفية حتى أولدها محمداً، والحجج في هذا الباب كثيرة، والأدلة فيها قاطعة عند أولي البصيرة، وأنت أيها السيد أعلى الله قدرك أدرى بهذه الأمور، لأنك جهينة أخبارها، وحقيبة أسرارها التي توجد عند أخيارها دون أشرارها، فبصرهم المحجة، ولقنهم الحجة، وأقل الأقسام الإمساك عما لا عاصروه، ولا عالجوا جرحه المؤلم، ولا شاهدوا فتنة التي كانت كقطع الليل المظلم.
وأما العقائد فحذرهم من الخوض في أخطار لجتها، والركوب على ظهر محجتها، كالقول بأنه الكسف الساقط، أو أنه يأتي " في ظلل من الغمام " والرعد الضاغط، ولهذا يسلمون على ما يزمجر من السحاب، ويخالون أن الأبرق سوطه المتألق بالتهاب، أو أنه اشتبه بغيره اشتباه الغراب، واعترفوا بهذا الباطل ودانوا، وغلطوا جبريل في الوحي، فمالوا عن الهدى ومالوا أو أنه الضوء من الضوء، يعنون أنه لا فرق إلا أن أحدهما أسبق، فافترى القائل بهذا وحاد عن الحق ولم يلحق، أو أن العصمة للأئمة والمعصية جائزة على الأنبياء، فإن القائل بهذا من أكبر الضلال والأشقياء، أو أن الإمام الظاهر حجته مسورة. والمستور حجته ظاهرة، فإن ذلك