الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم إنه ضعف بصره، وانقطع، وحدث هو وأبوه وأخوه.
وتوفي رحمه الله تعالى في ثامن عشر المحرم سنة ست وثلاثين وسبع مئة.
ومولده في شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين وست مئة.
علي بن يوسف أمير علي بن أمير
صلاح الدين بن الملك الأوحد شادي بن الزاهر، ابن صاحب حمص.
كان هذا أمير علي صورة أبدعها الخلاق، وأفرغ عليها من الجمال ما لاق، كأن الشمس قد طلعت من قده على رمح، والبدر قد طلع من أطواقه وبدا من جبينه الصبح، كأنما صب النديم على وجناته رحيقه، أو الورد لما ورد روضها شق من الغيظ شقيقه، أو المحب لما لمحها أودعها حريقه، بقوام كأنه غصن بانه، أو قضيب ريحانه، وثغر تحكيه الأقحوانة، وشفاه هي على در مبسمة أصداف مرجانة:
يفتر عن لؤلؤ رطب وعن برد
…
وعن أقاح وعن طلع وعن حبب
وعيون تنفث السحر في عقد الحشا، وتفعل في القلوب ما يريده الغرام وما يشا، جفونها سيوف في جفون، وأهدابها سهام يرميها حاجب قوسه كنون، وبشرة رقت فما مثلها في البشر، وشفت كأنها الجوهر إذا صفا، وانقشر، يرى الناظر وجهه غريقاً في مائه، ويقابله الهلال فينطلع في لألائه:
فانقش لما شئت على خاتم
…
وحاذه تقرأه من خده
هذا إلى حياء كأنه مريب، وإطراق لا يملأ معه عينه من أحد، كأنه رقيب قريب، وصيانة كأن الجنيد من جندها، وتقوى كأن السري سرى إلى عندها.
وعلى الجملة فقل أن رأت العيون نظيره، أو دخل معه كفؤ في حظيره.
توجه إلى الحجاز، واحتفل بأثقاله، وبالغ في حمول جماله، فلم يزل إلى أن قارب المدينة النبوية، فتغير مزاجه، وتصعب عليه علاجه، واصطفاه ربه، وضم ذاك الجمال البارع تربه: