الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومولده ببعلبك في حادي عشر شهر رجب سنة إحدى وعشرين وست مئة.
قال شيخنا الذهبي رحمه الله تعالى: انتفعت به، يعني بصحبته، وأكثرت عنه.
وقال شيخنا البرزالي: دخلت بعلبك أربع مرات، قرأت عليه فيها مسند الشافعي رضي الله عنه، والثقفيات العشرة، ومشيخة تخريج الشيخ شمس الدين بن أبي الفتح، وهي ثلاثة عشر جزءاً، وسنن الشافعي، رواية الطحاوي، وعمن المزني، ونحواً من عشرين جزءاً.
وكان يقدم دمشق، وفي كل مرة نسمع عليه ونستفيد منه. كان قد قدم دمشق في شعبان، فحصل الأنس به والسماع عليه. وتوجه إلى بلده في آخر الشهر، فوصل أول شهر رمضان وأقام أياماً، ولما كان يوم الجمعة خامس شهر رمضان الرابعة دخل إلى خزانة الكتب التي في مسجد الحنابلة، فدخل هذا الفقير موسى المصري، فضربه بعصا على رأسه ضربات، ثم أخرج سكيناً صغيرة فجرحه في رأسه، فاتقى بيديه. فأمسك وحمل إلى والي البلد، وضرب، فأظهر الاختلال في عقله وتجانن، وحمل الشيخ إلى داره، وأتم صومه يومه. ثم إنه حصل له حمى، واشتد مرضه إلى يوم الخميس، دخل إلى رحمه الله تعالى في الساعة الثامنة، ودفن بباب سطحاً، وتأسف الناس عليه.
علي بن محمد بن أبي بكر
بن عبد الله بن مفرج الفقيه شمس الدين الأنصاري الإسكندري الشافعي.
كان جيد القريحة، ذكي الفطرة الصحيحة. له مشاركات في أصول دين وفروع، ودخول في النحو وشروع، واختصر الروضة، وملأ من معرفتها حوضه، وكابد من الفقر أنواعاً، أفضت به إلى أن تجرد وصار عرياناً، ولبس من القطوع والشدائد ألواناً، إلى أن أحسن إليه قاضي سيوط أبو الحجاج يوسف، وأطلقه من فقر كن في قيده يرسف. وأقرأ ولده أبا مدين شعيباً، وكشف عن ذهنه ريناً وريباً، ثم إنه صحب فخر الدين ناظر الجيش، ففاز بلذة العيش، وولاه قضاء بلده فوه، وأبرز سعده إلى الفعل بعد القوة.
ولم يزل إلى أن توجه إلى مكة، فجاءه الأمر الذي قد حتم، وطبع عليه الوجود وختم.
فتوفي رحمه الله تعالى هناك، وقال له سعد القعة: فزت بما هناك.
وكان قد سمع من الدمياطي، ومن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، ولازمه، وأملى عليه شرح الإلمام. وقرأ الفقه والأصول والنحو على علم الدين العراقي.
وتوجه إلى قوص، وتولى إعادة مدرسة ابن السيد، ثم أعرض عنه، وحصل له فقر شديد مدقع مدة، ثم تعرف بخفر الدين ناظر الجيش، فأعطاه شهادة الكارم
بعيذاب وحصل مالاً. وشفع فيه عند قاضي القضاة جلال الدين القزويني، فولاه قضاء فوه، وأجازه بالفتوى، ثم نقله إلى قضاء سيوط، ثم عزله، فتوجه إلى مكة، فتوفي هناك سنة أربعين وسبع مئة. وقد جاوز الستين.
وكتب بخطه كثيراً من الفقه واللغة والتصوف، ووقف كتبه على طلبة العلم.
ومن شعره رحمه الله تعالى:
يا سائلي عن شامة في أنف من
…
فضح الغصون بميسه في عطفه
إن الذي برأ الحواجب صاغها
…
نونين في وجه الحبيب بلطفه
فتنازع النونان نقطة حسنه
…
فأقرها ملك الجمال بأنفه
قلت: وقد نظم القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر رحمه الله تعالى في هذه المادة عدة مقاطيع، ومن أحسنها قوله:
ما خاله بأنفه
…
كطابع الحسن فقط
بل إنه من كحل
…
من مقلتيه قد نقط
وأنشدني من لفظه شيخنا الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان لنفسه في هذا المعنى:
عجبت لخال حل في وسط أنفه
…
وعهدي به وسط الخدود غدا وشيا
ولكنما خداه فيه تغايرا
…
هوى، فابتغى من وجهه أوسط الأشيا
وحسن الفتى في الأنف والأنف عاطل
…
فكيف إذا ما الخال صار له حليا