الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والصالحين، وله ورد من التلاوة. وروى جزء ابن الفرات عن ابن عبد الدائم، وسمع من غيره. وعمر داراً مليحة إلى جانب الركنية، ومات بعد فراغها بمدة يسيرة.
علي بن يحيى بن إسماعيل بن القيسراني
القاضي علاء الدين ابن القاضي شهاب الدين ابن القاضي الصدر الكبير عماد الدين.
نشا في حياة والده، ودخل ديوان الإنشاء في دمشق في أواخر أيام سيف الدين تنكز، وقطع بعده، ثم إنه استخدمه الفخري.
وكان شاباً عاقلاً، ساكناً متثاقلاً، كثير الصمت، بهي السمت، كتب جيداً في قلم الرقاع، وروض به الطروس، فكانت كالزهر النابت في أخصب البقاع، واشتغل وحصل، واجتهد في طلب الأدب وأصل.
وكان والده يجتهد عليه، ويود لو ساق الفضائل بأزمتها إليه. وكان في ذهنه وقفة تقصر به عن اللحاق، وتجعل بدر فضله مخصوصاً بالمحاق؛ إلا أنه حفظ الحاجبية والمعلقات بعد القرى، العظيم، وأحرز غير ذلك في عقده النظيم.
ولم يزل على حاله إلى أن أذوى الموت زهرته الغضة، وجعل الدموع من الحزن عليه مرفضة.
وتوفي رحمه الله تعالى.... من شعبان سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة.
كان قد مرض مرضة طول فيها، وأقام قريباً من سنة، ثم إنه حصل له استقاء، ولوالده رحمهما الله تعالى، ومات والده قبله بشهر، وأفاق هو، ثم إنه نقض الاستسقاء عليه ومات.
وكان بعد إمساك تنكز، قد منع من مباشرة كتابة الإنشاء بدمشق، ولما جلس الفخري في القصر الأبلق استخدمه، فكتبت له توقيعاً ارتجالاً، ونسخته:
رسم بالأمر العالي لا زال وليه علياً، وحفيه بكل خير ملياً، وصفيه تقر به السيادة من الدول نجياً، أن يعاد المجلس السامي القضائي العلائي إلى كتابة الإنشاء الشريف بدمشق المحروسة، لأنه من قوم كل منهم كريم. وكاتب ورئيس، إذا ابتدع في المعالي طريقة لم يكن له فيها تابع ولا عاتب، ومدبر لم يرتب الزمان أن ذكر مجدهم المؤثل فيه راتب، نشأت أصولهم في رياض بلاغة ووزارة، وسارت محامدهم في الآفاق فأخجلت الكواكب السيارة، وجرت بسعودهم التي ورثوها من جدودهم الأفك المدارة. وسكن الزمان بجبال حلومهم الراسخة بعد الطيش، واستغنى الملوك بكتبهم عن تجهيز الكتائب إلى كل جيش، وطابت أنفاس السحر برياهم؛ لأن بني مخزوم ريحانة قريش، وضربت أعراقهم حتى اتصلت بخالد بن الوليد، ونظر الناس منهم كل كفو غناه كالذهب عتيد، وباسه كالحديد شديد، وتجمل الدهر منهم بمدبر كان موفقاً في خدمة نور الدين الشهيد، طالما جالسوا الملوك على أسرتهم، وجاودوا الغيوث فعموا الأنام بمبرتهم، ونادموا النجوم فعاطوهم كؤوس مسرتهم، كما أغاث قلمهم ملهوفاً، وكان بمعرته جارماً، وكم حلب في حلب وغيرها رزقاً، وفي غيرها، وما كان حارماً.
فليباشر ذلك مقتدياً بما لأبيه أدام الله تعالى نعمته في هذه الوظيفة من الآثار الحميدة، والمناقب التي أخذت أياديها على المحامد عهوداً أكيدة، والآثار التي لا يطاول
الزمان قصورها المشيدة، والفضائل التي هي في الديوان بيت القصيدة، حتى تجملت به الدنيا، وأقسم الفضلاء أن القاضي الفاضل لم يقض نحباً، وأنه يحيا، مهتدياً بسمت عمه خلد الله سعوده، فإنه لهذه الدنيا شرف، ولهذه الأيام من أقلامه غاب لا يدخلها ليث خطب إلا انهزم وانصرف، ولهذه الأيام من تواقيعه جنات فيها حور الأرزاق، تأوي إلى غرف، وليدبج بأقلامه المهارق التي تمطرها البلاغة، وتعلم الناس بمعانيها كيف يكون السحر وبألفاظها صناعة الصياغة. والوصايا عنهم يؤخذ بيانها، ومنهم يشير إلى الهدى بنانها فما ينبه عليها، ولا يدل على الطريق الآخذة إليها، وتقوى الله هي العمدة، والذخر العتيد عند الشدة، فلا ينسى فيها نصيبه، ولا يقدم غيرها في المهمات كتيبة، والخط الكريم أعلاه حجة في العمل بمقتضاه، إن شاء الله تعالى.
وكتب إليه رحمه الله تعالى وقد عرض علي من حفظه المعلقات السبع وملحة الإعراب للحريري: أما بعد حمد الله تعالى حق حمده، وصلاته على سيدنا محمد نبيه وعبده وسلامه، فقد عرض علي الجناب الكريم العلائي ابن المقر الشريف الشهابي بن القيسراني:
مولى إذا أعمل أقلامه
…
لم يبق في الجود لغيث حصص
فالبرق من حرقته يلتظي
…
والرعد في السحب كثير الغصص
لذا ألو الحاجات في بابه
…
تطرب إن وقع فوق القصص