الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عمر بن أحمد بن عبد الدائم
ابن نعمة المقدسي، الشيخ الصالح أبو حفص.
عذبه التتار بالصالحية عذاباً شديداً، ثم حمل إلى داخل البلد، فأقام أياماً يسيرة، ومات في درب القلي رحمه الله تعالى في جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وست مئة. ومولده سنة خمس وعشرين وست مئة. وحضر على الحافظ أبي موسى بن عبد الغني في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وست مئة.
وسمع من ابن الزبيدي والهمداني والإربلي، وابن صباح، والناصح بن الحنبلي، وغيرهم.
قال شيخنا علم الدين البرزالي: وآخر ما قرأت عليه الثالث والرابع والخامس من الخلعيات لسماعه من ابن صباح.
عمر بن أحمد
زين الدين بن الصدر شهاب الدين بن قطينة الزرعي التاجر.
توفي رحمه الله تعالى بدمشق في ثامن عشر صفر سنة خمس وسبع مئة.
عمر بن أحمد
القاضي زين الدين، رئيس ديوان الإنشاء بطرابلس، الصفدي، المعروف بابن حلاوات.
كتب الإنشاء أولاً بصفد، وفاز من الدهر بالحظ والصفد، ثم نقل إلى طرابلس، فنال فيها الحظ والوجاهة والسيادة، وباهى فيها الكواكب بمعاليه وباده.
وكن من رجال الزمان إقداماً، وممن يتعب أعاديه إرغاماً، لا يهاب الأسود إذا فغرت فاها، ولا الأيام إذا أدبرت وأولته جفاها، خبيراً بمداخلة النواب، ومشاكلة الأنواع والأضراب، ما كتب قدام نائب إلا وخلبه، ونهب عقله وسلبه، وأصبح طوع مرامه، وقوساً في يده يرمي بها إلى غرضه بسهامه، ولا يرجع في المملكة لغيره في كلمة، ولا لصاحب وظيفة حركة في النفاد مصطلحة، ولا تجد في بلده أحداً يذكره إلا وهو يقول.
ذاك خليلي وذو يواصلني
…
يرمي ورائي بأسهم وامسلمه
أطاعته المقادير وساعدته، وتأخرت عنه الخطوب وباعدته، ولو أخره الأجل تقدم، ولم يغادر للرؤساء غيره من متردم، فإن القاضي علاء الدين بن الأثير كان يطوي حشاه على محبته، ويرى أنه يستحق التقدم لرتبته، ولكن تقدم بين يديه فرطاً، وسطع له بارق السعد ثم سطا.
وكان فيه خدمة للناس في قضاء أشغالهم، ومبادرة إلى تلقي حوائجهم، وتمشية أحوالهم، لا يتوقف في أمر يقصد فيه، ولا يبالي إن كان تلافه فيه أم تلافيه. وكان يدعي معرفة علوم شتى، وربما تجاوز في بعض الأوقات وأفتى. وينظم وينثر، ويجري في حلبة الشعراء، وما يرى أنه يعثر، ولكنه كان بالنجامة مغرى، ويرى أنه هو بمفرده منها أكبر من أبي معشر قدراً، وهي أجود ما يعرفه، وخيار دينار يخرجه
من كيس معرفته ويصرفه، والحظوظ ما تعلل، والدنيا ما تحتاج إلى تاج بالفضائل مكلل.
ولم يزل في إسعاف وإسعاد وإلطاف وإصعاد، إلى أن وصل إلى غاية ما قدر له من عمره وأعرب بعد رفعه ونصبه بجره.
وتوفي رحمه الله تعالى بطرابلس بكرة السبت رابع شهر رمضان سنة ست وعشرين وسبع مئة.
كان هو أولاً بصفد، وله أخوان تاجران، أحدهما برهان الدين إبراهيم، وهو أوجه تاجر كان في صفد، والآخر يدعى يونس تاجر سفار، وتعلق هذا زين الدين بهذه الصناعة، وتردد إلى شيخنا نجم الدين بن الكمال الصفدي، وقرأ عليه بعض شيء في العربية وتدرب به، وكان ذهنه جيداً، وصار يكتب الدرج عنده، فلما ورد الأمير بتخاص إلى صفد نائباً كان معه الشيخ شهاب الدين أحمد بن غانم، فانضم زين الدين إليه في الباطن، واستبد شهاب الدين بالوظيفة، وانفرد الشيخ نجم الدين بالخطابة، ثم اتفقوا عليه وأخرجوه من صفد، فتوجه إلى دمشق، وما كان إلا قليلاً حتى اتفق القاضي شرف الدين محمد بن النهاوندي الحاكم بصفد هو وزين الدين علي شهاب الدين بن غانم، وأوقعا بينه وبين النائب، وكتب النائب إلى مصر، وأحضر لزين الدين توقيعاً بكتابة سر صفد، وانفرد بالوظيفة.
وكان فيه مروءة وعصبية، وسعة صدر في قضاء أشغال الناس والمبادرة إلى نجاز مرادهم ومساعدتهم على ما يجادلونه، وأنشأ جماعة في صفد من أجنادها، وغيرهم، وكان
ذا خبرة، وسياسة ومداخلة في النواب واتحاد بهم حتى لم يكن لأحد معه حديث. وكان هو المتصرف في المملكة، وتقدم، ورزق الوجاهة، وحظي ونال الدنيا، وجمع بين خطابة القلعة والتوقيع بصفد.
وانتمى إلى القاضي علاء الدين بن الأثير فمال إليه، ولما جاءه خبره من طرابلس بكى عليه، ولو أن زين الدين كان حياً لما انفلج ابن الأثير ما كان كاتب السر في باب السلطان غيره. ولما قال له السلطان من يصلح لهذا المنصب؟ قال: أما في مصر فما أعرف أحداً، وأما في الشام فما كنت أعرف أحداً غير ابن حلاوات وقد مات.
وكان ابن حلاوات قد داخل نواب صفد كثيراً، ويقع بين النواب وبين تنكز، وعزل جماعة منهم، ثم لما جاء إليها الأمير سيف الدين أرقطاي نائباً وقع بينهما، واتصلت القضية بالسلطان وهي واقعة طويلة، فرد فيها الأمر إلى تنكز، فطلب ابن حلاوات إلى دمشق وقد امتلأ غيظاً عليه، ولما دخل عليه رماه بسكين كان في يديه لو أصابته جرحته أو قضت عليه، ورسم علي وصادره، فوزن ثمانية آلاف درهم، فسعى له الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب والقاضي علاء الدين بن الأثير مع السلطان، واتفق أن مات موقع طرابلس في تلك الأيام فما كان بعد ثمانية أيام تقريباً حتى جاء ابريد بالإفراج عنه، وإعادة ما أخذ منه، وهذا أمر ما اتفق لغيره في تلك الأيام، وتجهيزه إلى طرابلس موقعاً، وكان المرسوم مؤكداً، فما أمكن تذكر إلا اعتماد ما رسم به في حقه، وتوجه إلى طرابلس رئيس ديوان الإنشاء، ودخلها في مستهل
جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبع مئة، وأقام بها في وجاهة ورياسة وحرمة وافرة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في التاريخ المذكور.
وكان يعرف النجامة وعلم الرمل جيداً، ويدعي أنه من جماعة الشيخ محيي الدين بن عربي، وينتمي إلى مقالته، ويرى رأيه في الوحدة، ولم يتفق لي به اجتماع خاص، بل رأيته غير مرة، وسمعت خطبه كثيراً.
وأخبرني من رآه أنه كان يتعذر علي كتابة اسمه عمر، فيكتب صورة نمر، ثم بعد ذلك يركب عليها حرف العين، لتتكمل له صورة عمر.
ولما ورد في تلك المدة إلى دمشق دخل الشيخ شهاب الدين أحمد بن غانم إلى الأمير سيف الدين تنكز، وشكى منه شكوى بالغة، وقال: يا خوند! هذا فعل بي، هذا اعتمد معي، هذا حبس أولادي في قلعة صفد، وقيدهم، وزاد في ذلك، ثم إنه بعد ذلك اجتمع بقاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، فقال له: يا شيخ شهاب الدين! أنت من بيت فقراء وصالحين، وهذا الذي فعلته بهذا المسكين ابن حلاوات بين يدي هذا الملك الجبار، ما كان يناسب طريقك، فقال له: يا مولانا قاضي القضاة لا تكن حليماً عند غضب غيرك، هذا حط رجلي في المعصار وعصرني، ولو كان ذلك على حوافر بغلتك ضرطت ناراً.
وكان قد كتب إليه شيخناً نجم الدين كتاباً يحرضه عليه فيه ويغريه به، ومنه:
ألا طعان ألا فرسان عادية
…
إلا تجشوكم بين التنانير
فكتب الجواب إليه عن ذلك، ومنه أبيات وهي:....
ودخل زين الدين بن حلاوت في تلك النازلة وهو بدمشق إلى الصاحب شمس الدين، وقال: يا مولانا الصاحب أنا ما بقيت أعمل صنعة التوقيع، اعملوا إلي معلوماً ودعوني في هذا الجامع الأموي أشغل الناس في ستة عشر علماً، وكان شهاب الدين بن غانم حاضراً. فقام وقال: يا مولانا الصاحب هذا غلط منه، وإنما يعرف ثمانية عشر علماً لأنها اثنا عشر برداة وست أواذات في علم النغم، وهذا إلا والده مشبب وهو مطنكل، وأنشده أبياتاً منها:
وإذا رأى المزمار هزت عطفه
…
نسب إلى الأجداد والآباء
ومن شعر زين الدين بن حلاوات:
ولابسة البلور ثوباً وجسمها
…
عقيق وقد حفت سموط لآلي
إذا جليت عاينت شمساً منيرة
…
وبدراً حلاه من نجوم ليال
قلت: هذا القول فاسد؛ لأن البلور جسمها وهو الزجاج، ولباسها العقيق، وهو الخمرة، وأحسن من قول زين الدين رحمه الله تعالى قول الأول:
وكأنها وكأن حامل كأسها
…
إذ قام يجلوها على الندماء
شمس الضحى رقصت فنقط وجهها
…
بدر السما بكواكب الجوزاء
ووجدت منسوباً إلى زين الدين رحمه الله تعالى:
خصت يداك بستة محمودة
…
ممدوحة بالبأس والإحسان
قلم ولثم واصطناع مكارم
…
ومثقف ومهند وسنان