الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
روى عن عيسى بن الخياط الحراني، وسمع من مجد الدين بن تيمية، وغيرهما.
وكان من أعيان المؤذنين، طيب الصوت، فقيهاً فاضلاً مناظراً مشاركاً في العلوم، وله نظم.
توفي رحمه الله تعالى بقرن الحارة، وحمل إلى دمشق، وكانت جنازته حافلة في ثالث ربيع الآخر سنة خمس وسبع مئة.
ومولده سنة خمس وثلاثين بحران.
وحدث بعرفة ومنى.
عبد الغني بن عروة
ابن عبد الصمد بن عثمان، جمال الدين أبو محمد بن الشيخ الصالح الرأس عيني.
سمع بحلب سنة أربع وأربعين وست مئة على الشيخ عز الدين عبد الرزاق الرأس عيني المعروف بالمحدث.
وكان جمال الدين هذا حسن الخلق خفيف الروح، يتردد إلى الأعيان وغيرهم من الأفرم ومن دونه من جميع الطوائف، ويحاضرهم ويلاطفهم ويستجديهم، وكان يخرج من بيته من بكرة، ويدور على الناس دورة، وما تجيء الثانية أو الثالثة حتى يحصل له العشرون درهماً فما دونها.
وتوفي رحمه الله تعالى يوم السبت رابع عشر جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وسبع مئة، وقد تجاوز الثمانين، ودفن بمقابر الشيخ أرسلان.
وكان كثيراً ما يحكي ويتعيش بوقائعه مع الأمير علم الدين أرجواش نائب قلعة دمشق، لأنه كان به خصيصاً، لا يكاد يصبر عنه. حضر إلى صفد في وقت، وكان الأمير علم الدين سنجر الساقي مشد الديوان بصفد ووالي الولاة، وهو متزوج بابنة أرجواش فتركها في مخدع بحيث تسمع، وأحضر الشيخ عبد الغني واستحكاه، فأخذ يحكي عن أرجواش، ومما حكاه أنه لما توفي الملك المنصور، قال: يا عبد الغني، أحضر لي مقرئين يقرؤون ختمة للسلطان، قال: فأحضرت له جماعة، وجلس أمامهم وإلى جانبه دبوس، وأخذ أولئك يقرؤون على العادة، فقال: دعهم يقرؤون عالياً، ليسمع السلطان في قبره، فقلت لهم: ارفعوا أصواتكم بالقراءة، فقفزوا وما فرغوا منها إلى ربع الليل، فقلت: يا خوند فرغوا، فقال: دعهم ليقرؤوا ختمة أخرى فقال، فقلت لهم: ابدؤوا في أخرى فشرعوا في الثانية، وما فرغوا منها إلى نصف الليل، فقلت: يا خوند فرغوا بسعادتك، فقال: لا، السموات ثلاث، والأرض ثلاثة، والبحار ثلاثة، والمعادن ثلاثة، كل شيء في الدنيا ثلاثة ثلاثة، يقرؤون الأخرة تتمة ثلاثة، فقلت لهم: يا مساكين اقرؤوا أخرى، واحمدوا الله واشكروه كونه ما عرف أن السموات سبع والأرض سبع، فما فرغوا حتى أشرفوا على الهلاك، لأنهم من المغرب إلى بكرة في عياط، فقلت: يا خوند فرغوا، فقال: رسم عليهم إلى بكرة، فإذا تعالى النهار، اكتب عليهم حجة تحت الساعات بالله وبالقيامة الشريفة أن ثواب هذه الختمة لأستاذنا السلطان الملك المنصور، وهات الحجة إلي واعطهم مئة درهم. فما ملكت ابنة أرجواش نفسها، بل فتحت الباب، وخرجت إلى الشيخ عبد الغني ونتفت ذقنه، وخربت عمامته، فخرج منها، وهي تشيخه وتسبه، وأما زوجها؛ فقاسى منها شدة.
وقال: جئت يوماً إلى باب القصر الأبلق، فوجدت الملك الكامل، والصاحب عز الدين بن القلانسي جالسين فدروزتهما، فلم يعطياني شيئاً، فلطفت القول، وزدت فما رشحالي بشيء، فقلت: والله لأغرمنكما جملة كثيرة على هذه العشرة دراهم، وتركتهما، ومضيت، وشددت طبق فاكهة، وحملته حمالاً، وغطيته بفوطة مليحة، وجئت إلى باب الصاحب، ودققت الباب، فخرجت الجارية، فدفعت إليها الطبق، وقلت لها: قولي لمولانا الصاحب، الله يجعلها ساعة مباركة، وتركتها حتى مشت خطوتين، وقلت لها: يا ستي تعالي، هذا بيته الجديد وإلا العتيق؟ فقالت: ولي! إيش يكن بيته الجديد؟ فقلت: يا ستي هاتي الطبق، أنا أحسبه الذي دخل فيه عروساً، وأخذت الطبق ومضيت، فدخلت إلى ستها، وحكت لها الواقعة، فما شكت أن الصاحب تزوج بغيرها، فقعدت في حزن شديد، ولما حضر الصاحب؛ لم تقم إليه، ولم تأخذ شاشه، ولا فرجيته على العادة، فقال: خير ما لكم؟! قالت: روح إلى عروسك الجديدة، فضحك، فصممت، وصار كلما ضحك؛ تصمم، فحلف لها بالطلاق، أن هذا ما جرى منه شيء، فزادت في التصميم، فاغتاظ منها، وحلف بطلاقها، وباتت منه وبقيت مدة إلى أن ترضاها وسألها عن الموجب لذلك، فحكت له الصورة، فعلم من أين أتي؟، وحكى لها الصورة، فصدقته، فجدد لها صداقاً، وزاده، وبذل لها شيئاً بجملة، وغرم في هذه الواقعة قريباً من خمسة آلاف درهم.
وأما الملك الكامل؛ فإنه كان يوماً عند الأفرم يحكي له، ويتلطف، فحضر الملك الكامل، فشكر الأفرم منه، فقال عبد الغني: والله يا خوند، ما في دمشق من يحب