الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضيافة، تصاريف الدهر في تعاريف الزجر، افتقاد الخرائد المواهر في انتقاد فرائد الجواهر، تقرير الأبحاث في خواص المولدات الثلاث، اختباء الاختبار، الإساة بأدواء النسا والباه، اقتناع الحذاق في أنواع الأوفاق، بسط الفوائد ي شرح حساب القواعد، شرح الإسعردية في الحساب، المناسخات المصرية، الأجوبة القاهرية، المناسخات الحلبية، الأجوبة الحلبية، المسألة الحجموية، الأجوبة الحموية، الأجوبة الموصلية، الترسلات الشامية، الأجوبة الشامية، لم تكمل رسالة النصح العلوي على لسان الجامع الأموي، إخلاص الخواص. تمت.
وأنشدني رحمه الله تعالى من لفظه لنفسه:
صد عني فلم تلم يا عذولي
…
لست أسلو هواه حتى الممات
لا تقل قدأسا ففي الوجه منه
…
حسنات يذهبن بالسيئات
علي بن محمد
الصاحب علاء الدين بن الحراني
جاء إلى دمشق عوضاً عن الصاحب أمين الدين، فما أقبل عليه الأمير سيف الدين تنكز، ولا توهم فيه أنه لمثل درة الشام يحرز، ولا أن معرفته لإظهار سرائرها تبرز، فتركه واقفاً وما أجلسه، واستوحش منه فما أنسه. وكأن نفسه رحمه الله تعالى استشعرت بشؤمه، وأن هذا يستخرج مخبوء ماله ومكتومه، فما كان بعد قليل حتى أمسكه السلطان، وحكم أيدي العيث والفساد فيما عمره من الأوطان، وعرضت على الصاحب
علاء الدين حواصله وأمواله، وآلات بيوته وغلاله، فلم يدع خبيثاً إلا أظهره، ولا مكتوماً إلا استخرج مضمره، حتى قال مماليكه: أين كان لنا هذا مخبوءاً، وما نرى هذا الصاحب إلا عدواً.
ثم إنه استمر بدمشق إلى أن جاء الفخري وملكها، وسلك تلك الطريق التي سلكها، فتلقى الصاحب علاء الدين ذلك المهم الأعظم بصدره ونهض بعبئه الذي يعجز غيره عن دفع شره، وأراد ذلك المهم أموالاً يفوت الحصر عدها ونفقات يخجل البحار نقدها، ثم إنه استعفى من نظر الشام فأجيب، وخلص من الأمر العجيب، ثم إنه تولى أيام الكامل شعبان فعاد إلى دمشق ثانياً، واتفق خروج يلبغا على السلطان وأصبح عن طاعته نائياً، فكلفه إلى نظير ذلك المهم. وعاوده ذلك الخطب الملم:
وإذا خشيت من الأمور مقدراً
…
وفررت منه فنحوه تتوجه
ولما انقضى ذلك الخطب الذي عرى والحادث الذي دهم الورى، استعفى فأعفي، وحظه لا يمكن طرفه أن يغفي. ثم لما أن قتل يلبغا حضر الحوطة على موجوده، وضبط ما في أغوار حاصلة ونجوده، فقضى هذا المهم وأكمله، وفصل طلب الإعفاء من أمر دمشق وأجمله. وقال: ما أدري حظي من دمشق ما هو؟، والناس بمثل حسنها لم يضاهوا:
أظمتني الدنيا فلما جبتها
…
مستمطراً مطرت علي مصائبا
ولكنه في هذه المرات الثلاث، والكرات الخباث، يباشر بصلف زائد، وعفاف غضه بنسيم النزاهة مائد، لم يخن في قليل ولا كثير، ولا تعرض إلى فتيل ولا نقير. واشتهر بالأمانة عند الملوك، وصار خبره في ذلك كالشمس عند الدلوك.
وما زال بالقدس منقطعاً إلى أن نزل به ضيف المنية، وطفئت قناديله المضية.
وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وسبع مئة بالقدس.
وأول ما عرفت من أمره أنه كان يكتب الدرج عن الأمير فخر الدين أقجبا الفارسي مش الدواوين بصفد، وكان يعرف إذ ذاك بعلاء الدين بن المقابل، لأن أباه كان مقابل الاستيفاء بصفد، ثم إنه خدم كاتباً للأمير عز الدين أيدمر الشجاعي نائب قلعة صفد. وكان فيه إذ ذاك كيس ولطف وذوق وانهماك على عشر المطابيع والفضلاء، وبيته مجمع الأصحاب والعشراء، وفيه مكارم وخدمة للناس، ثم إن الشجاعي توجه إلى البيرة نائباً فلم يتوجه معه.
ثم إن الشجاعي جاء إلى القدس ناظر الحرمين، وكان الصاحب علاء الدين عنده، ثم إنه ترك ذلك جميعه، وتجرد ولبس زي الفقراء، ودخل اليمن بالكجكول والثوب العسلي، وغاب هناك مدة، وجرت له أمور شاقة، حكاها لي من الأمراض والوحدة والفقر.
ثم إنه حضر إلى دمشق، وتوجه إلى مصر في أواخر سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، ثم إنه خدم كاتباً عند الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب ولما مات خدم عند الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي الوزير. ولما مات خدم عند الأمير سيف الدين طغاي
تمر، صهر السلطان الملك الناصر، واشتهر في مصر بالكفاية والأمانة. ولما مات جهزه السلطان إلى الكرك ناظراً فتقلق من ذلك، وحضر إلى مصر، فخدم عند الأمير سيف الدين قوصون مدة يسيرة. ثم إن السلطان جهزه إلى دمشق وزيراً عوضاً عن الصاحب أمين الدين، فباشرها مباشرة حسنة بعفة وصلف زائد، وجاء الفخري، وجرى ما جرى، فقام له بكل ما أراد، ومنعه من أشياء كان يريد فعلها من مصادرة الناس فقال له: مهما أردت عندي. وتوجه معه إلى مصر، وطلب الإقالة، فرتب له مرتب، وأقام مدة على ذلك.
ثم إن الكامل شعبان طلبه جهزه إلى دمشق وزيراً ثانياً، فلما وصل إليها اتفق خروج يلبغا على الكامل، وحضر إليه النواب من أطراف الشام وأراد لهم نفقات وكلفاً كثيرة فقام لهم بذلك المهم وسده، ولم يمكن يلبغا من التعرض إلى أموال الناس، وتوجه لمصر، وعمل تقديراً للشام، وحضر وهو على يده، فلم يمش له حال، فطلب الإقالة وتوجه إلى القدس، وانقطع به.
ثم حضر للحوطة على موجود يلبغا، فضبطه، وحرره، وعاد إلى القدس منقطعاً إلى الله تعالى.
وكان به فتق فعظم وتزايد، وكان في عانته، فلم يزل ينمو إلى أن كان يعلقه في فوطة إلى عنقه، وتفاقم أمره في ذلك الفتق إلى أن قتله، رحمه الله تعالى.
وفي هذه المرات التي يحضرها إلى دمشق لم يوسع له دائرة، ولا اتخذ مماليك ولا جواري ولا خدام ولا فعل ما يجب لمثل هذه الوظيفة من البذخ والخدم والحشم،