الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جميع المعلقات السبع من أولها إلى آخرها، وملحة الإعراب للشيخ أبي محمد القاسم بن الحريري رحمه الله تعالى في مجلس واحد عرضاً عن ظهر قلب، وهذا يتعدى إلى اللب بهمزة السلب، كالسيل إذا تحدر على الحقيقة من علي، والجود إذا أتى من كريم ملين والحق إذا توضح من جليل جلي:
فما رآه ناظري عارضاً
…
لكنه صاحب ديوان
وما تفاءلت له كاتباً
…
بل حاكماً في صدر إيوان
وقد شهدت له فراستي أنه ينزل من العلم الشريف في أعلى ربع، ويعرف اللغة، فلا يغيب شيء من غابها عنه، لأنه قد حفظ السبع، ويترقى في سماء الفضائل بدراً لا يغيب عنها، ولا يغرب، ويخرس الفصحاء ببيانه حتى لا يعرب كلامه يعرب، والله يسعده سعادة يزين الدياجي بسرجها، وتصعده رتباً، رقي أهل بيته في درجها، بمنه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
علي بن يحيى
ابن محمد بن عبد الرحمن السلمي، الحنفي، الرئيس، القاضي، علاء الدين أبو الحسن بن جمال الدين بن الفويرة.
كتب هذا علاء الدين الخط المنسوب الباهر، وجود النسخ الذي يفضح الروض
إذا كان بإزاء الأزاهر، وأتى بخطه في قوائم الحساب، كأنه عقود الجواهر، ونبغ بعد والده ورأس، واحترز من مطاعن السيادة. واحترس.
وكان بيده شهادة الخزانة ونظر الأسرى، ووجد من ألم هذا النظر ما رجعت به عينه حسرى، وخرج عنه مرات، وعاد إليه، ولكن بعد ما أتى على ما لديه، ثم خرج عنه آخراً، وعدم منه على ما قيل بحراً زاخراً.
ثم إنه رسم له بتوقيع الدست في الشام، فباشره دون نصف العام، وجاءه حينه، وملئت بالتراب عينه.
وتوفي رحمه الله تعالى في يوم الأربعاء ثالث عشري شوال سنة أربع وخمسين وسبع مئة.
كان في نظر الأسرى فسلط عليه القاضي علاء الدين بن الأطروش محتسب دمشق، فأخذها منه في أيام الأمير سيف الدين يلبغا، فاحتاج إلى كلفة حتى بطلت القضية. ثم إنه أخذها مرة أخرى فيما أظن أو غيره، فاحتاج إلى كلفة، ثم أخرجت عنه، فاحتاج إلى كلفة، ثم إنها خرجت عنه للأمير ناصر الدين بن المحسني، وبقي منها بطالاً إلى أن حضر القاضي علاء الدين بن فضل الله إلى دمشق صحبة السلطان الملك الصالح، فسأله أن يكون في الدست موقعاً، فوعده بذلك إذا وصلوا إلى مصر. ولما وصلوا جاءه التوقيع، وباشر، وجرى عليه ما لم يجر على غيره لكونه دخل في هذه الوظيفة، وليس من أهلها، ونظم الشاميون والمصريون في ذلك، فمن ذلك قول القاضي شمس الدين محمد بن قاضي شهبة، وأنشد فيه من لفظه:
توقيع مملكة الدست الشريف غدا
…
يقول من حنق الأنفاس مغبون
صبرت للقط لما لم يكن نجساً
…
صبر المؤمل من حين إلى حين
وبالفويرة قد أصبحت ذا نجس
…
بالله يا أولياء الأمر كبوني
وأنشدني لنفسه أيضاً:
توقيع دست المسلمين يقول لم
…
أذنب ولم أجرم ففيم قصاصي
في الشام تقرض بالفويرة حلتي
…
والقط في مصر فكيف خلاصي
وأنشدني من لفظه لنفسه نجم الدين أحمد بن غانم:
أدست الملك أنت عظيم قدر
…
وأنت كبدر أفق وسط داره
فما لك بالقذارة يا مفدى
…
أهنت وحط فيك اليوم فاره
وأنشدني آخر:
توفيع ديواننا ينادي
…
يا رب ما للأنام غيره
اضربي القط والزغاري
…
وقد تنجست بالفويره
وكان الأمير علاء الدين ألطنبغا وهو نائب دمشق قد رسم له بصحابة ديوان الجامع الأموي في سابع شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة.
وكتبت له توقيعاً بذلك ونسخته: " رسم بالأمر العالي لا زال علياً وليه، نجياً صفية، ملياً إحسانه إلى من يرى به المنصب وفيه وفيه، أن يرتب المجلس السامي القضائي العلائي في كذا، لأن الكاتب
الذي راحت براحته الطروس مدبجة، والسطور شفاها، وحروفها لاختلاف وضعها ثغور مفلجة، والمداد مسكاً لأن المعاني به نافجة نافحة، ولا يقال نفجة، والحاسب الذي لو شاء لقط النيل على أصابعه، وحرر حركات البرق بعقود أنامله التي هي أسرع من لوامعه، وضبط حاصل الجامع حتى أصبح مأسوراً في جوامعه، والأصيل الذي تتردد الرئاسة خلال خلاله، وتتعدد السيادة من معاطفه إذا خطر في حلة كماله، وتشهد له المحاسن فإن الناس طالما شاهدوا إحسان جماله ".
فليباشر ذلك مباشرة تليق برئاسته، وتضمن له الفضل الذي يديم الله له ملابس تناسته، حتى يقول الناس: إن الليث قد فاز بمدح شبله، والغيث حاز المنح بوبله، ويقسم المجد بهذا البلد ووالد وما ولد إن الفضل به اتحد، واشتمل عليه وبه انفرد، وهذا الجامع عمره الله تعالى بذكره يتحقق أنه ذو حسن ورونق يطرب من يلقها ومن ذا الذي لم يطرب لمعبد أمواله جمة، وأحواله مهمة، ولياليه بوقودها متوضحة إذا كانت أيام غيره مدلهمة، عليه جملة من الرواتب، وعدة من الجوامك تدرها سحائب النفقات من يد كل كاتب، يسترفده حتى بيت المال، وناهيك بذلك وتستجديه بقية المساجد، فينير لياليها الحوالك.
فليعمل جهده في حراسة ماله، وصيانة ما يساق لزينته وجماله، وليجتهد فيما هو لازمه من وظيفة جملت الأوان، ويعتمد على السداد، فما له رفيق إلا وله بيت وهو