الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم صلى الله على سيدنَا مُحَمَّد
أما بعد حمد الله وَالصَّلَاة على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه فَهَذَا الْكتاب الأول من الْكتب الَّتِي يشْتَمل عَلَيْهَا كتاب مملكة بلنسية وَهُوَ كتاب الألحان المنسية فِي حلى حَضْرَة بلنسية
المنصة
هِيَ عروس
من المسهب مُطيب الأندلس ومطمح الْأَعْين والأنفس قد خصها الله بِأَحْسَن مَكَان وحفها بالأنهار والجنان فَلَا ترى إِلَّا مياهاً تتفرع وَلَا تسمع إِلَّا أطياراً تسجع وَلَا تستنشق إِلَّا أزهاراً تنفح وَمَا أجلت لحظا بهَا فِي شئ إِلَّا قلت هَذَا أَمْلَح وَلها الْبحيرَة الَّتِي تزيد فِي ضِيَاء بلنسية صحو الشَّمْس عَلَيْهَا وَيُقَال إِن ضوء بلنسية يزِيد على ضوء سَائِر بِلَاد الأندلس وُجُوهًا صقيل أبدا لَا ترى فِيهِ مَا يكدر خاطراً وَلَا بصراً لِأَن الجنات والأنهار أحدقت بهَا فَلم يثر بأرجائها تُرَاب من سير الأرجل وهبوب الرِّيَاح فيكدر جوها وهواؤها حسن لتم 4 كنها من الإقليم الرَّابِع وَأَخذهَا
من كل حسن بِنَصِيب وَلها الْبَحْر على الْقرب وَالْبر المتسع وَحَيْثُ خرجت من جهاتها لَا تلقى إِلَّا منازه ومسارح وَمن أبدعها وأشهرها الرصافة ومنية ابْن أبي عَامر
وَهِي مَدِينَة متمكنة الحضارة جليلة الْقدر
وَمن كتاب الرَّازِيّ مَنَافِعهَا لأَهْلهَا عَظِيمَة وَلمن انتجعها من النَّاس بَين الْبر وَالْبَحْر وَالزَّرْع والضرع وتعرف بِمَدِينَة التُّرَاب وفيهَا يَقُول شاعرها الَّذِي لَهَا أَن تَفْخَر بِهِ بملء فِيهَا ابْن غَالب أَبُو عبد الله الرصافي
…
خَلِيْلَيَّ مَا لِلْبِيدِ قد عبقت نشرا
…
وَمَا لرءوس الرَّكْبِ قَدْ رُنِّحَتْ سُكْرَا
هَلْ المِسْكُ مَفْتُوقَاً بمدرجة الصِّبَا
…
أم القَوْمُ أَجْرُوا مِنْ بَلَنْسِيَةِ ذِكْرَا
خَلِيْلَيَّ عُوْجَا بِي عَلَيْهَا فَإِنَّهُ
…
حَدِيث كَبَرْدِ المَاءِ فِي الكَبِدِ الحَرَّا
قِفَا غَيْرَ مأمورين ولتصديا بهَا
…
على ثِقَةٍ لِلْغَيْثِ فَاسْتَقِيَا القَطْرَا
بِجِسْرِ مَعَانٍ وَالرَّصَافَةِ إِنَّه
…
على القطران يَسْقِى الرَّصَافَةَ وَالجِسْرَا
بِلادِي التِي رِيشَتْ قُوَيْدِمَتِي بِهَا
…
فُرَيْخَاً وَآَوَتْنِي قَرَارَتُهَا وَكْرَا
مَبَادِيَ لَيْنِ الْعَيْش فِي ريق الصِّبَا
…
أَبى اللهُ أَنْ أَنْسَى لَهَا أَبَدَاً ذِكْرَا
أَكُلَّ مَكَان رَاح فِي الأَرْض مسْقطًا
…
لرأس الفَتَى يَهْوَاه مَا عَاشَ مُضْطَرَّا
وَلا مِثْلِ مدحو من الْمسك تربة
…
تملى الصَّبَا فِيها حَقِيبَتُهَا عِطْرَا
نَبَاتٌ كَأَنَّ الخَدَّ يحمل نوره
…
تخال لُجَيْنَاً فِي أَعَالِيهِ أَوْ تِبْرَا
وَمَاءٍ كَتَرْصِيعِ المجرة جللت
…
نواحيه الأَزْهَارُ فَاشْتَبَكَتْ زُهْرَا
أَنِيقٍ كَرَيْعَانِ الحَيَاةِ التِي حَلَتْ
…
طَلِيقٍ كَرَيَّاِن الشَبَابِ الذِي مَرَّا
بَلَنْسِيَةٌ تِلْكَ الزَّبَرْجَدَةُ التِي
…
تَسِيلُ عَلَيْهَا كُلُّ لُؤْلُؤَةٍ نَهرا
…
.. كَأَن عروسا أبدع الله حسنها
…
فصير من شرخ الشَّبَاب لَهَا عمرا
توبد فِيهَا شعشعابية الضُّحَى
…
إِذا ضَاحَكَ الشَّمْسُ البُحَيْرَةَ وَالنَّهْرَا
تُزَاحِمُ أَنْفَاسُ الرِّيَاحِ بزهرها
…
نجوما فَلا شَيْطَانَ يَقْرُبُهَا ذُعْرَا
هِيَ الدُّرَّةُ البَيْضَاءُ من حَيْثُ جِئْتهَا
…
أَضَاءَت وَمَنْ لِلْدُرِّ أَنْ يُشْبِهَ البَدْرَا
…
التَّاج
ملكهَا فِي مُدَّة مُلُوك الطوائف خادمان من الموَالِي العامرية وهما مبارك ومظفر وَكَانَ من الْعَجَائِب اشتراكهما فِي الْملك حَتَّى إنَّهُمَا لم يمتازا إِلَّا فِي الْحرم خَاصَّة وَلَا تنافس بَينهمَا وَفِيهِمَا يَقُول ابْن دراج شَاعِر الأندلس من قصيدة
…
وَأَظْفَرْتُ آَمَالِي بِقَصْدِ مُظَفَّرٍ
…
وَبُوْرِكَ لِي فِي حُسْنِ رَأْيٍ مُبَارَكِ
…
وَاشْتَدَّ أَمرهمَا وحرصهما فِي الجباية وأضرا بِالنَّاسِ فاستغاثوا إِلَى الله فَهَلَك مبارك متردياً عَن فرسه وَضعف مظفر بعده فَأخْرجهُ أهل بلنسية فانزوى بشاطبة فأسند أهل بلنسية أَمرهم إِلَى