الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتوصل بآدابه وأمداحه إِلَى المقتد بن هود وَحل عِنْده مَحل الْوَاسِطَة من الْعُقُود والعَلَم من البرود وَمن شعره قَوْله
…
أخطأْت فِي بِرِّ الَّذِي لم يَرْعَهُ
…
وغدَا يلاحظني بمُقْلة ساخِرِ
إِن التَّوَاضُع للَّذي يَعْتدّهُ
…
ضَعَةً لجهْلٌ مَا لَهُ من عاذرِ
…
وَقَوله
…
إِذا غِبْتُ عَنْكُم لَا يَرِبْكُمْ تطاولٌ
…
لبعدٍ فوُدّي زَائِد الصَّفوِ والبِرِّ
كَمَا عُتِّقت صَهْبَاءُ من طول عهدها
…
وجاءَتك باستحيائها فِي حُلى التِّبْر
…
الشُّعَرَاء
637 -
أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن عبد الله بن هُرَيْرَة الْأَعْمَى التُّطِيليّ
من الذَّخِيرَة لَهُ أدب بارع وَنظر فِي الغوامض وَاسع وَفهم لَا يجارَى وذهن لَا يُبَارى ونظم كالسحر الْحَلَال ونثر كَالْمَاءِ الزلَال جاءَ فِي ذَلِك بالنادر المُعْجِز فِي الطَّوِيل مِنْهُ والموجز وَكَانَ فِي الأندلس مَسْرىً للإحسان ومرَدّاَ فِي الزَّمَان إِلَّا أَنه لم يطلّ زَمَانه وَلَا امْتَدَّ أَوَانه فاعْتُبِط عِنْد مَا بِهِ اغْتُبط
وَمن القلائد لَهُ ذهن يكْشف الغامض الَّذِي يَخْفَى وَيعرف رسم المُشْكل وَإِن عَفَا أبْصَر الخفيَّات بفهعه وقَصَر فكَّها على خاطره ووهمه
الْغَرَض من شعره قَوْله
…
مَللْتُ حِمْصَ ومَلَّتْني فَلَو نطقتْ
…
كَمَا نطقتُ تلاحينا على قَدَرِ
وسوَّلتْ ليَ نَفسِي أَن أفارقها
…
والماءُ فِي المُزْن أصْفَى مِنْهُ فِي الغُدُرِ
…
وَمِنْهَا
…
أما اشْتقت منِّيَ الأيامُ فِي وطَني
…
حَتَّى تُضَايق فِيمَا عَن مِن وَطري
وَلَا قضتْ من سَواد الْعين حاجتَها
…
حَتَّى تكرّ على مَا كَانَ فِي الشَّعَر
…
وَقَوله من قصيدة
…
سَطَا أسَداً وأشْرقَ بَدْرَ تِمٍّ
…
ودارت بالحتوف رَحىً زَبون
وأحدفت الرِّماحُ بِهِ فأعْيا
…
عليَّ أهَالةٌ هيَ أم عَرينُ
…
وَقَوله
…
هَذَا الْهوى وقديماً كنت أحْذَرُهُ
…
السُّقْمُ مَورِدُهُ وَالْمَوْت مصدَرَهُ
جِدٌّ من الشوق كَانَ الْهزْل أَوله
…
أقل شئ إِذا فكَّرْتُ أكثَرُهُ
ولي حبيبٌ دَنَا لَوْلَا تمَنُّعُهُ
…
وَقد أَقُول نَأى لَوْلَا تذكُّرُهُ
…
وَله الرثاء الطَّوِيل الْمَشْهُور الَّذِي أنْشدهُ صَاحب القلائد أَوله
…
خُذَا حَدِّثاني عَن فُلٍ وفلانٍ
…
لعَلي أُرَى باقٍ على الحَدَثانِ
…
وَمِنْه
…
أَبَا حَسَنٍ أما أَخُوك فقد مَضَى
…
فيا لَهْفَ نَفسِي مَا التقى أخوانِ
ونبَّهني ناعٍ مَعَ الصُّبْح كلما
…
تشاغلْتُ عَنهُ عَنَّ لي وعناني
أُغَمِّضُ أجفاني كأَنِّيَ نائِمٌ
…
وَقد لجَّتِ الأحشاءُ فِي الخفقان
…
وَمِنْهَا
…
يَقُولُونَ لَا يَبْعَدْ وللهِ درُّهُ
…
وَقد حِيل بَين العَيْر والنَّزَوانِ
ويأبَون إِلَّا ليتَه ولعلَّه
…
وَمن أَيْن للمقصوص بالطَّيَرانِ
…
وَمن فرائده قَوْله
…
بحياة عصياني عليكِ عواذلي
…
إِن كَانَت القُرُباتُ عندكِ تنفعُ
هَل تذكرين ليالياً بِتْنَا بهَا
…
لَا أنتِ باخِلةٌ وَلَا أَنا أقْنَعُ
…
وَقَوله فِي مطلع قصيدة
…
أعِدْ نظرا فِي صَفْحَتَيْ ذَلِك الخَدِّ
…
فَإِنِّي أَخَاف الياسمينَ على الوَرْدِ
…
وَقَوله من قصيدة
…
إِذا صدق الحسامُ ومُنْتَضِيهِ
…
فكلُّ قرارةٍ حصنٌ حصينٌ
وَمَا أسَدُ العرين بِذِي امتناعٍ
…
إِذا لم يَحْمِهِ إِلَّا العَرينُ
…
الْأَهْدَاب
موشحة للأعمى مَشْهُورَة
…
ضاحكٌ عَن جُمَانْ سافرٌ عَن بَدْرِ
ضَاقَ عَنهُ الزمانْ وَحَواهُ صَدْرِي
أهِ مِمَّا أجِدْ شَفَّني مَا أجدْ
قَامَ بِي وقعدْ بإطِشٌ مُتَّئِدْ
كلما قلتُ قدْ قَالَ لي أَيْن قد
…
.. وانثنى غصنَ بانْ
…
ذَا فَنَنٍ نَضْرِ
لاعبتْهُ يدانْ
…
للصَّبا والقَطْرِ
لَيْسَ لي بك بُدْ خُذ فُؤَادِي يَدْ
لم تَدَعْ لي جَلَدْ غير أَنِّي أجهد
مكرع من شهد واشتياقي بشهد
مَا لِبنْتِ الدِّنانْ ولذاك الثَّغْرِ
لَيْسَ مُحيَّا الْأمان من حُمَيَّا الخَمْرِ
بِي جوىً مُضْمرُ لَيْت جهدي وَفْقُهْ
كلما يُذكَرُ ففؤادي أُفْقُه
ذَلِك المنظرُ لَا يداوي عشقُهْ
بِأبي كَيفَ كانْ فلكيٌّ دُرِّي
رقَّ حَتَّى استبانْ عُذْرُه وعُذْري
هَل إِلَيْك سبيلْ أَو إِلَى أَن أيَسَا
ذبتُ إِلَّا قليلْ عَبْرةً أَو نَفَسَا
مَا عَسى أَن أَقُول سَاءَ طني بعَسَى
وانقضى كل شانْ وَأَنا أسْتَشْري
خالعاً من عِنانْ
…
جَزَعي أَو صَبْري
…
.. مَا على من يلوم لَو تلاهى عَنِّي
هَل سوى حُبِّ ريمْ دينُهُ التَّجنِّي
أَنا فِيهِ أَهِيم وَهُوَ بِي يُغَنِّي
قد رأيتكْ عِيَانْ آش عَلَيْك ساتدري
سايطول الزمانْ وتجرِّب غَيْرِي
…
موشحة أُخْرَى لَهُ
…
غُصْنٌ يَميسْ على كُثْبانِ رَيّان أمْلَدْ
بَين القوام وَبَين اللِّينِ يكَاد ينقدّ
بمهجني أوْطَف تيَّاه
مهفهفٌ ينثني عِطْفَاه
بالأسْد قد فتكتْ عَيناهُ
سَطَا فسلَّ من الأجفانِ سَيْفا مؤَيَّدْ
أَنا القتيلْ بِهِ فِي الحِين دَمي تقلَّدْ
راموا مرامهم عُذَّالي
وَلست عَن حُبِّه بالسّالي
إِن السلوّ من الْمحَال
وَكَيف يحسنُ بِي سُلْواني عَن حُبِّ أغْيَدْ
لَو بعتُ بِهِ نَفسِي وديني لَكُنْت أرشد
…
.. صِلْ مستهامك يَا با بكرِ
فقد بلغتَ المَدَى من هَجْرِ
كم قد طَوَتْكَ ضروب فكري
والشوق يفصح لي كتماني والدمع يَشْهَدْ
وَقد حَرَمْتَ الْكرَى أجفاني وَلست أسعد
قَدٌّ كَمثل الْقَضِيب الناعمِ
يهتزّ مثل اهتزاز الصارم
بدرٌ بدا تَحت ليلِ فاحِمِ
قد مازج الْورْد بالسّوسانِ مِنْهُ على الخَدّ
ونفحه عَن شَذَا دارِينِ أذكى من النَّدِّ
يَا حُسْنَها من فتاةٍ رُودْ
زارتْه يومَ صباح العِيد
غنَّت على رَأسه فِي الْعود
خلِّ سِواري وخُذْ هِمْياني حَبِيبِي أَحْمد
واطلع معي للسرير خيوني ترقُد مجرَّدْ
…
وَقيل إِنَّه حضر مَعَ ابْن بقى وَغَيرهمَا من الوشّاحين فِي إشبيلية وَاتَّفَقُوا على أَن يصنع كل وَاحِد موشحة ويحضروا جَمِيع مَا قَالُوهُ فِي مجْلِس حُكْم فصنعوا ذَلِك واجتمعوا فِي الْمجْلس فابتدأ الْأَعْمَى وَأنْشد
…
ضاحكٌ عَن جمانْ سافرٌ عَن بَدْرِ
ضَاقَ عَنهُ الزمانْ وحواه صَدْرِي
…
فخرَّق الجميعُ الورقَ الَّذِي كتبُوا فِيهِ موشحاتهم فَإِنَّهُم سمعُوا مَا يفتضحون بمعارضته