الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَانْظُر إِلَى آثاره تُغْنك عَن أخباره وَشَاهده مَا أوردهُ فِي تمهيده واستذكاره وَعلمه بالأنساب يُفْصح عَنهُ مَا أوردهُ فِي الِاسْتِيعَاب مَعَ أَنه فِي الْأَدَب فَارس وَكَفاك دَلِيلا على ذَلِك كتاب بهجة الْمجَالِس وبالأفق الداني ظهر علْمه وَعند ملوكه خَفَق عَلَمه وَمن شعره قَوْله
…
إِذا فاخَرْتَ فافْخَرْ بالعلومِ
…
ودَع مَا كَانَ من عَظْمٍ رَميمِ
فكم أمسيتُ مُطَّرَحاً بجهْلٍ
…
وَعلمِي حلَّ بِي بَين النجومِ
وكائنٍ من وزيرٍ سَار نحوي
…
فلازَمني مُلَازمَة الْغَرِيم
وَكم أقبلتُ مُتَّئِداً مُهَاباً
…
فَقَامَ إليَّ من مَلِكٍ عَظِيم
وركبٍ سَار فِي شَرقٍ وغَرْبٍ
…
بذكرى مثل عَرْفٍ فِي نسيم
…
وَقَوله وَقد قصد المعتضد بن عباد من دانية إِلَى إشبيلية
…
قصدتُ إِلَيْك من شَرْق لغَرْب
…
لتُبْصرَ مقلتي مَا حلّ سمْعِي
وتَعْطِفُك المكارمُ نَحْو أصْلٍ
…
دعَاكُمْ رَاغِبًا فِي خيْرِ فَرْعِ
فَإِن جُدْتُمْ بِهِ من بعد عَفْوٍ
…
فَلَيْسَ الْفضل عندكمُ ببِدْعِ
فوعْدَك كي يُسَكِّنُ خَفْقَ قَلْبي
…
ويَرْقَأ منْ جفوني سكْبُ دَمْعي
…
الشُّعَرَاء
608 -
ابْن هَنْدو الداني
من شعراء مُلُوك الطوائف الْمَذْكُورين فِي كتاب الذَّخِيرَة من شعره قَوْله وَقد عرض ابْن هود جنده وَفِيهِمْ بعض الأعلاج فِي نِهَايَة الْجمال ينْفخ فِي قَرْن
.. أعن بابل أجفان عَيْنَيْك تنفث
…
وَعَن قوم مُوسَى قد جعلتَ تحدِّثُ
أَفِي الْحق أَن تحكي سَرَافيل نافخاً
…
وأمكث فِي رَمْسِ الصُّدُود وألْبَثُ
…
609 -
أَبُو بكر مُحَمَّد بن عِيسَى الْمَشْهُور بِابْن اللَّبَّانة
من الذَّخِيرَة كَانَ أَبُو بكر شَاعِرًا يتَصَرَّف وقادراً لَا يتَكَلَّف مرصوص المباني منمّق الْأَلْفَاظ والمعاني وَكَانَ من امتداد الباع والانفراد والانطباع كالسيف الصَّقِيل الفَرَد توحَّد بالإبداع وانفرَد وَذكر أَن أمه كَانَت تبيع اللَّبَن وَأخْبر بوفائه مَعَ الْمُعْتَمد بن عبَّاد وتفجعه لدولته حِين خُلع عَن ملكه وَمِمَّا أنْشدهُ من شعره قَوْله
…
بدا على خدِّه عِذَارٌ
…
فِي مثله يُعْذَرُ الكئيبُ
وَلَيْسَ ذَاك العِذَارُ شَعراً
…
لكنما سِرُّهُ غريبُ
لما أراق الدماءَ ظُلْماً
…
بَدَت على خَدِّه الذنوبُ
…
وَقَوله
…
يَا شادناً حَلَّ فِي السَّوادِ
…
من لحظ عَيْني وَمن فُؤَادِي
…
.. وكعبةً للجمال طافَتْ
…
من حولهَا أنفسُ العبادِ
مَا زدتني ف يالوصال حَظّاً
…
إِلَّا غَدا الشَّوقُ فِي ازديادِ
أعْشَى سَنا ناظرَيْك طَرْفي
…
فَلَيْسَ يلتذُّ بالرُّقادِ
…
وَقَوله
…
بدا على خَدّه خَال يزينه
…
فزادني شَغَفاً فِيهِ إِلَى شَغَفِ
كأنَّ حَبَّةَ قلبِي حِين رُؤْيته
…
طارتْ فَقَالَ لَهَا فِي الخَدِّ مِنْهُ قِفي
…
وَقَوله
…
يَروقك فِي أهل الْجمال ابنُ سيِّدٍ
…
كترجمةٍ راقَتْ وَلَيْسَ لَهَا مَعْنى
حكى شَجَر الدفلاءِ حُسْناً ومنظراً
…
فَمَا أحسن المَجْلَى وَمَا أقبح المَجْنَى
…
وَقَوله فِي المتَوَكل بن الْأَفْطَس
…
مضيت حساما لَا يفل لَهُ غَرْبُ
…
وأُبْتَ غَماماً لَا يُحَدُّ لَهُ سَكْبُ
وأضحَيْتَ من حاليك تقسِمُ فِي الوَرَى
…
هِباتِ وهبات هِيَ الأمْنُ والرُّعْبُ
وَقد كَانَ قُطْرُ الجوفِ كالجوف يشتكي
…
سَقاماً فَلَمَّا زُرْتَه زَارَهُ الطِّبُّ
فَلَا مُقْلَةً إِلَّا وَأَنت لَهَا سَنىً
…
وَلَا كَبدٌ إِلَّا وَأَنت لَهَا خِلْبُ
…
وَمِنْهَا
…
ومالوا إِلَى التَّسْلِيم فَوق جيادهم
…
كَمَا مَالَتْ الأغصانُ من تحتهَا كُثْبُ
فَقَفَّوْك مَا قَفَّوا وهم للعُلا رحى
…
وداروا كَمَا دارتْ وَأَنت لَهُم قُطْبُ
…
وَقَوله من قصيدة فِي المعتضد بن عباد
…
كِلْني إِلَى أحد الْأَبْنَاء يُنْعِشُني
…
إِن لم يكنْ مِنْك بَحْرٌ فليكنْ نَهَرُ
قد طَال بِي أقْطَعُ الْبَيْدَاء متَّصِلاً
…
وَلَيْسَ يُسْفِرُ عَن وَجْه المُنَى سَفَرُ
جُدْ بِالْقَلِيلِ وَمَا تَدْرِي تجود بِهِ
…
يَا مَا جدا يَهَبُ الدُّنْيَا ويعتذرُ
…
وَقَوله
…
يَا من عَلَيْهِ من المكارم والعُلا
…
بُرْدٌ بتطريز المحامد مُعْلَمُ
…
وَقَوله
…
أُحَدِّثُ عَن يَوْم الوَغَى مِلْءَ منطقي
…
وأسال عَن يَوْم النوال فأسكُتُ
…
وَقَوله
…
أَنا مثلُ مرآةٍ صقيلٍ وجْهُها
…
ألْقى الْوُجُوه بِمثل مَا تَلقانِي
كالماءِ لَيْسَ يُريك من لونٍ سوى
…
مَا تَحْتَهُ من سَائِر الألوان
…
وَمِنْهَا
…
مَلِكٌ إِذا عَقَدَ المغافرَ للوَغَى
…
حَلَّ الملوكُ معاقد التيجان
وَإِذا غَدَتْ راياته منشورة
…
فالخافقات لهنَّ فِي خَفَقانِ
…
وَمن سمط الجمان سَمَوْألُ الشُّعَرَاء وَرَيْحَانَة الْأُمَرَاء الَّذِي ارتضع أخْلاف الدول حافلة الشُّطور وأطلع السِّحْرَ الْحَلَال فِي أثْنَاء السطور وَأنْشد لَهُ قصيدة مِنْهَا
…
والروضُ إِن بعدتْ عَلَيْك قُطوفُهُ
…
وفَدَتْكَ عَنهُ الريحُ وهْيَ بَليلُ
حَسْبُ النسيم من اللطافة أنَّه
…
صحَّتْ بِهِ الأحسام وَهُوَ عليل
…
وَمن أُخْرَى قَوْله
…
هلاّ ثناكِ عليَّ قَلْبٌ مُشْفِقُ
…
فترَيْ فَرَاشاً فِي فِراشِ يُحْرَقُ
أَنْت المنيَّةُ والمُنَى فِيك اسْتَوَى
…
ظلُّ الغمامة والهجيرُ المُحْرقُ
وَيُقَال إنَّكِ أيْكَةٌ حَتَّى إِذا
…
غَنَّيتِ قيل هيَ الْحمام الأوْرَقُ
يَا قَدَّ ذابلةِ الوَشيج ولونَها
…
لكنْ سنانُك أكحلٌ لَا أزْرَقُ
يَا من رشَقْتُ إِلَى السلوّ فردّني
…
سبقت جفونك كلّ سهم يَرْشُقُ
جَسدي من الْأَعْدَاء فِيك لِأَنَّهُ لَا يَسْتبِين لطَرفِ طيفٍ يرمُق
لم يدر طيفك كوضعي من مضجَعِي
…
فعذَرته فِي أنَّه لَا يَطرُق
خَفِيتُ لَدَيْهِ مَنابعي ومنابتي
…
فالدَّمْعُ يَنْشَعُ والصبابةُ تُورقُ
وكأنَّ أَعْلَام الْأَمِير مبسِّرٌ
…
نُشِرَت على قلبِي فأصبحَ يَخْفُقُ
…
وَمن القلائد المديدُ الباع الفريد الانطباع الَّذِي ملك للمحاسن مَقاداً وغَدا لَهُ البديع منقاداً ونبَّه على مَكَانَهُ من ابْن عباد ووفاته لَهُ
وَأنْشد لَهُ قَوْله
…
حُنِيَتْ جوانحُه على جَمْرِ الغَضَى
…
لما رأى برقاً أضاءَ بِذِي الأضا
واشتمَّ من ريح الصَّبا رَوْحَ الصِّبا
…
فقَضَى حُقُوق الشوق فِيهِ بِأَن قَضى
والتفَّ فِي حَبِرَاته فحسبتُها
…
من فوقِ عِطفيه رِدَاء فَضْفضا
قَالُوا الخيالُ حياتُه لوزارةٍ
…
قلتُ الحقيقةُ قلتمُ لَو غَمَّضا
يَهْوَى العَقِيقَ وساكنيه وَإِن يكن
…
خَبَرُ العقيق وساكنيه قد انقَضى
ويودّ عودته إِلَى مَا اعتاده
…
وَلما عَاد الشبابُ وَقد مضى
…
.. ألِفَ السُّرَى فكأنَّ نَجْماً ثاقباً
…
صَدع الدُّجى منهُ وبرْقاً مُومِضا
طلبَ الغِنَى من ليله ونهاره
…
فلهُ على القمرين مالٌ يُقْتَضى
…
وَمِنْهَا
…
والليلُ قد سَدَّى وألحَمَ ثوبَهُ
…
والفجرُ يرسلُ فِيهِ خيطأ أبيضا
…
وَطلب من نَاصِر الدولة صَاحب مَيورقة السَّراح وَقد خَافَ فِي ذَراه فَكتب إِلَيْهِ
…
عَسَى رَأفَةٌ فِي سَراحٍ كريمٍ
…
أبلُّ ببَرْد نداهُ الغليلا
وعَلّي أُراح من الطالبين
…
فأسكن للأمْنِ ظلاًّ ظليلا
وَمن بَلَّهُ الغيثُ فِي بَطْن وادِ
…
وَبَات فَلَا يَأمَنَنَّ السيولا
لقد أوقدوا ليَ نيرانهمْ
…
فصيَّرني اللهُ فِيهَا الخليلا
أفرُّ بنفسي وَإِن أصبحتْ
…
مَيُورْقَةُ مصْراً وجَدْوَاكَ نيلا
…
وَمن مَشْهُور شعره قَوْله
…
عَرِّجْ بمُنْعرَجات وَادِيهمْ عسَى
…
تلقاهم نزلُوا الْكَثِيب الأوعَسَا
اطْلُبْهُمُ حَيْثُ الرياضُ تفتَّحَت
…
والريحُ فاحتْ والصباحُ تنفَّسا
مَثِّلْ وجوهَهمُ بدوراً طلعا
…
وتخيل الخيلان بنمان شهبا كنسا
وَإِذا أردْت تنعُّماً بِقُدودهمْ
…
فاهصِرْ بنَعْمانَ الغصونَ المُيَّسا
بِأبي غزال مِنْهُم لم يتَّخِذْ
…
إِلَّا القَنا من بعد قلبِيَ مَكْنِسَا
لبِسَ الحديدَ على لُجَين أديمِهِ
…
فعجبتُ من صبْحٍ توَشَّحَ حِنْدسا
…
وأتى يجرُّ ذوابِلاً وذوائباً
…
فَرَأَيْت روضاً بالصَّلال تَحرَّسا
…