الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَّفِقُ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُول الْعَمَل بِالتَّأْوِيل الصَّحِيحِ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي طُرُقِهِ وَمَوَاضِعِهِ، وَمَا يُعْتَبَرُ قَرِيبًا، وَمَا يُعْتَبَرُ بَعِيدًا. يَقُول الآْمِدِيُّ: التَّأْوِيل مَقْبُولٌ مَعْمُولٌ بِهِ إِذَا تَحَقَّقَ بِشُرُوطِهِ، وَلَمْ يَزَل عُلَمَاءُ الأَْمْصَارِ فِي كُل عَصْرٍ مِنْ عَهْدِ الصَّحَابَةِ إِلَى زَمَنِنَا عَامِلِينَ بِهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (1) . وَفِي الْبُرْهَانِ: تَأْوِيل الظَّاهِرِ عَلَى الْجُمْلَةِ مُسَوِّغٌ إِذَا اُسْتُجْمِعَتِ الشَّرَائِطُ، وَلَمْ يُنْكِرْ أَصْل التَّأْوِيل ذُو مَذْهَبٍ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّفَاصِيل. (2)
وَعَلَى أَيِّ حَالٍ فَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ فِي كُل مَسْأَلَةٍ، وَعَلَيْهِ اتِّبَاعُ مَا أَوْجَبَهُ ظَنُّهُ كَمَا يَقُول الآْمِدِيُّ (3) .
وَيَقُول الْغَزَالِيُّ: مَهْمَا كَانَ الاِحْتِمَال قَرِيبًا، وَكَانَ الدَّلِيل أَيْضًا قَرِيبًا، وَجَبَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّرْجِيحُ، وَالْمَصِيرُ إِلَى مَا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ، فَلَيْسَ كُل تَأْوِيلٍ مَقْبُولاً بِوَسِيلَةِ كُل دَلِيلٍ، بَل ذَلِكَ يَخْتَلِفُ وَلَا يَدْخُل تَحْتَ ضَبْطٍ. (4)
وَيَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: لِكُل مَسْأَلَةٍ ذَوْقٌ يَجِبُ أَنْ تُفْرَدَ بِنَظَرٍ خَاصٍّ. (5)
(1) إرشاد الفحول ص 177، والأحكام للآمدي 2 / 136.
(2)
البرهان للجويني 1 / 515.
(3)
الأحكام للآمدي 2 / 141.
(4)
المستصفى 1 / 389.
(5)
روضة الناظر ص 93.
هَذَا، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الأُْصُول أَمْثِلَةٌ لِلْمَسَائِل الْفَرْعِيَّةِ الَّتِي اُسْتُنْبِطَتْ أَحْكَامُهَا عَنْ طَرِيقِ تَأْوِيل النُّصُوصِ، مَعَ بَيَانِ وُجْهَةِ نَظَرِ الَّذِينَ نَحَوْا هَذَا الْمَنْحَى وَالَّذِينَ عَارَضُوهُمْ.
أَثَرُ التَّأْوِيل:
6 -
لِلتَّأْوِيل أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي الْمَسَائِل الْفَرْعِيَّةِ الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنَ النُّصُوصِ، إِذْ هُوَ سَبَبُ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي أَحْكَامِ هَذِهِ الْمَسَائِل. وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، أَنَّ الْعَمَل بِالْمُخْتَلَفِ فِيهِ لَا يُنْكَرُ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ شَاذًّا، لَكِنَّ الأَْفْضَل مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ، وَذَلِكَ بِتَرْكِ مَا هُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ كَذَلِكَ إِذَا كَانَ غَيْرُهُ يَرَاهُ حَرَامًا، وَبِفِعْل مَا هُوَ مُبَاحٌ إِذَا كَانَ غَيْرُهُ يَرَاهُ وَاجِبًا. وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اخْتِلَافٌ) . وَنَذْكُرُ هُنَا بَعْضَ الآْثَارِ الْعَمَلِيَّةِ لِلتَّأْوِيل مِنْ خِلَال بَعْضِ الْمَسَائِل:
7 -
أَوَّلاً: أَمْثِلَةٌ لِلتَّأْوِيل الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ:
أ - مِنَ الْمُقَرَّرِ أَنَّ كُل مَنْ ثَبَتَتْ إِمَامَتُهُ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ، وَحَرُمَ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ لِلنُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ طَائِفَةٍ عَلَى