الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ عَقِيلٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَتَحَرَّى فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ.
وَقَال أَبُو ثَوْرٍ وَالْمُزَنِيُّ: لَا يُصَلِّي فِي شَيْءٍ مِنْهَا، كَقَوْلِهِمَا فِي الأَْوَانِي (1) .
ج -
اخْتِلَاطُ الْمُذَكَّاةِ بِالْمَيْتَةِ:
9 -
إِذَا اخْتَلَطَتِ الْمُذَكَّاةُ بِالْمَيْتَةِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي حَالَةِ الاِضْطِرَارِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْمُذَكَّاةِ أَمْ لِلْمَيْتَةِ أَوْ تَسَاوَيَا.
وَفِي حَالَةِ الاِخْتِيَارِ لَا يَجُوزُ التَّحَرِّي إِلَاّ إِذَا كَانَتِ الْغَلَبَةُ لِلْحَلَال.
وَأَمَّا الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمُ التَّحَرِّي مُطْلَقًا فِي هَذَا الْمَجَال (2) .
د -
التَّحَرِّي فِي الْحَيْضِ:
10 -
إِذَا نَسِيَتِ امْرَأَةٌ عَدَدَ أَيَّامِ حَيْضِهَا وَمَوْضِعَهَا، وَاشْتَبَهَ عَلَيْهَا حَالُهَا فِي الْحَيْضِ
(1) المبسوط 10 / 200، وابن عابدين 5 / 221، 469، وحاشية الدسوقي 1 / 79، والحطاب 1 / 160، ونهاية المحتاج 2 / 17، 18، والمغني 1 / 63، وانظر مصطلح:(اشتباه) .
(2)
المبسوط 10 / 196، 197، 198، وابن عابدين 5 / 221، والفروق للقرافي 1 / 226، ونهاية المحتاج 1 / 99، وأسنى المطالب 1 / 23، والأشباه والنظائر للسيوطي 1 / 106، والقواعد لابن رجب 241.
وَالطُّهْرِ فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَرَّى، فَإِنْ وَقَعَ أَكْبَرُ رَأْيِهَا عَلَى أَنَّهَا حَائِضٌ أُعْطِيَتْ حُكْمَهُ، وَإِنْ وَقَعَ أَكْبَرُ رَأْيِهَا عَلَى أَنَّهَا طَاهِرَةٌ أُعْطِيَتْ حُكْمَ الطَّاهِرَاتِ؛ لأَِنَّ غَلَبَةَ الظَّنِّ مِنَ الأَْدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَأَمَّا إِذَا تَحَيَّرَتْ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا شَيْءٌ، فَهِيَ الْمُتَحَيِّرَةُ أَوِ الْمُضَلَّةُ، فَعَلَيْهَا الأَْخْذُ بِالأَْحْوَطِ فِي الأَْحْكَامِ (1) .
وَلِتَفْصِيل أَحْكَامِهَا يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ (حَيْضٌ، اسْتِحَاضَةٌ) .
ثَانِيًا: مَعْرِفَةُ الْقِبْلَةِ بِالاِسْتِدْلَال وَالتَّحَرِّي:
11 -
إِنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ، وَكَانَ بِمَكَّةَ وَفِي حَال مُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ وَمُعَايَنَتِهِ لَهَا، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ عَلَيْهِ التَّوَجُّهَ إِلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ، وَمُقَابَلَةَ ذَاتِهَا.
وَإِنْ كَانَ نَائِيًا عَنِ الْكَعْبَةِ غَائِبًا عَنْهَا: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ اسْتِقْبَال جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِاجْتِهَادٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِصَابَةُ الْعَيْنِ، وَهُوَ الأَْظْهَرُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ.
وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ تَلْزَمُهُ إِصَابَةُ الْعَيْنِ (2) .
(1) ابن عابدين 1 / 190، ومغني المحتاج 1 / 346، والمغني 1 / 321.
(2)
بدائع الصنائع 1 / 118 ط دار الكتاب العربي بيروت، والحطاب 1 / 508 ط دار الفكر بيروت، ونهاية المحتاج 1 / 424 وما بعدها - ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني 1 / 439 ط مكتبة الرياض الحديثة.
وَلَا يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مَعَ وُجُودِ مَحَارِيبِ الصَّحَابَةِ، وَكَذَلِكَ مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي تَكَرَّرَتِ الصَّلَوَاتُ إِلَيْهَا.
كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاِجْتِهَادُ إِذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ مِنْ أَهْل الْمَكَانِ الْعَالِمِ بِهَا، بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَقْبُول الشَّهَادَةِ، فَالذِّمِّيُّ وَالْجَاهِل وَالْفَاسِقُ وَالصَّبِيُّ لَا يُعْتَدُّ بِإِخْبَارِهِ فِي هَذَا الْمَجَال.
فَإِذَا عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنْ إِصَابَةِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَالتَّوَجُّهِ إِلَى جِهَتِهَا اسْتِدْلَالاً بِالْمَحَارِيبِ الْمَنْصُوبَةِ الْقَدِيمَةِ، أَوْ سُؤَال مَنْ هُوَ عَالِمٌ بِالْقِبْلَةِ، مِمَّنْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ مِنْ أَهْل الْمَكَانِ: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْل الاِجْتِهَادِ فِي أَمْرِ الْقِبْلَةِ، فَعَلَيْهِ الاِجْتِهَادُ. وَالْمُجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ هُوَ: الْعَالِمُ بِأَدِلَّتِهَا وَهِيَ: النُّجُومُ، وَالشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ، وَالرِّيَاحُ، وَالْجِبَال، وَالأَْنْهَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْوَسَائِل وَالْمَعَالِمِ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً بِأَحْكَامِ الشَّرْعِ. فَإِنَّ كُل مَنْ عَلِمَ بِأَدِلَّةِ شَيْءٍ كَانَ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فِيهِ، وَإِنْ جَهِل غَيْرَهُ.
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَدِلَّتِهَا، أَوْ كَانَ أَعْمَى فَهُوَ مُقَلِّدٌ وَإِنْ عَلِمَ غَيْرَهَا (1) .
فَالْمُصَلِّي الْقَادِرُ عَلَى الاِجْتِهَادِ إِنْ صَلَّى بِغَيْرِ
(1) ابن عابدين 1 / 290 ط دار إحياء التراث العربي، والمبسوط 10 / 190 - 192 ط دار المعرفة، والحطاب 1 / 509، دار الفكر، والدسوقي 1 / 226 ط دار الفكر، ونهاية المحتاج 1 / 440، 441، 442، 443 ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني 1 / 440، 441 ط، مكتبة الرياض الحديثة.
اجْتِهَادٍ، فَالْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَدَّاهُ الاِجْتِهَادُ إِلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إِلَى غَيْرِهَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ، فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الأَْرْبَعَةِ، لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ، كَمَا لَوْ صَلَّى ظَانًّا أَنَّهُ مُحْدِثٌ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ (1) .
وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ: (اسْتِقْبَالٌ) .
12 -
مَنْ عَجَزَ عَنْ مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ بِالاِسْتِدْلَال، بِأَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الأَْدِلَّةُ لِحَبْسٍ أَوْ غَيْمٍ، أَوِ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ أَوْ تَعَارَضَتْ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُخْبِرُهُ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ عَلَيْهِ التَّحَرِّيَ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ؛ لأَِنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَالإِْمْكَانِ، وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إِلَاّ التَّحَرِّي.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ كَانَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ، سَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ أَمْ لَا، وَيَقْضِي لِنُدْرَةِ حُصُول ذَلِكَ (2) .
(1) المراجع السابقة في المذاهب الأربعة.
(2)
حاشية ابن عابدين 1 / 289، وبدائع الصنائع 1 / 118، وفتح القدير 234، 237 ط دار إحياء التراث العربي، والمغني 10 / 444 ط مكتبة الرياض الحديثة، وحاشية الدسوقي 1 / 227، ونهاية المحتاج 1 / 443 ط مصطفى البابي الحلبي.