الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ أَيْضًا عَلَى التَّرْتِيبِ، فَلَا يَرْقَى إِلَى مَرْتَبَةٍ إِذَا كَانَ مَا قَبْلَهَا يَفِي بِالْغَرَضِ وَهُوَ الإِْصْلَاحُ.
تَجَاوُزُ الْقَدْرِ الْمُعْتَادِ فِي التَّأْدِيبِ:
10 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَنْعِ التَّأْدِيبِ بِقَصْدِ الإِْتْلَافِ، وَعَلَى تَرَتُّبِ الْمَسْئُولِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْبُلُوغِ بِالتَّأْدِيبِ أَوِ التَّعْزِيرِ مَبْلَغَ الْحَدِّ. (1) وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ) .
الْهَلَاكُ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمُعْتَادِ:
11 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِي حُكْمِ الْهَلَاكِ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمُعْتَادِ:
فَاتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَأَحْمَدُ عَلَى أَنَّ الإِْمَامَ لَا يَضْمَنُ الْهَلَاكَ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمُعْتَادِ؛ لأَِنَّ الإِْمَامَ مَأْمُورٌ بِالْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. (2)
وَاخْتَلَفُوا فِي تَضْمِينِ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ، إِذَا حَصَل التَّلَفُ مِنْ تَأْدِيبِهِمَا وَلَمْ يَتَجَاوَزَا الْقَدْرَ الْمَشْرُوعَ.
فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى
(1) مغني المحتاج 4 / 193، وابن عابدين 3 / 178، والمغني لابن قدامة 8 / 324، وحاشية الدسوقي 4 / 355، ومواهب الجليل 6 / 319.
(2)
مواهب الجليل 6 / 319، والمغني لابن قدامة 8 / 326، وابن عابدين 3 / 189.
الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ مِنَ التَّلَفِ الَّذِي يَنْشَأُ مِنَ التَّأْدِيبِ الْمُعْتَادِ. (1)
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يَضْمَنُ الزَّوْجُ إِذَا أَفْضَى تَأْدِيبُهُ الْمُعْتَادُ إِلَى الْمَوْتِ؛ لأَِنَّ تَأْدِيبَ الزَّوْجَةِ إِذَا تَعَيَّنَ سَبِيلاً لِمَنْعِ نُشُوزِهَا مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَدْ جَاوَزَ الْفِعْل الْمَأْذُونَ فِيهِ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.، وَلأَِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، فَشُرِطَ فِيهِ سَلَامَةُ الْعَاقِبَةِ. (2)
وَاخْتَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ فِي تَضْمِينِ الأَْبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ وَنَحْوِهِمْ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ يَضْمَنُ الْجَمِيعُ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَأْدِيبِهِمُ التَّلَفُ؛ لأَِنَّ الْوَلِيَّ مَأْذُونٌ لَهُ بِالتَّأْدِيبِ لَا بِالإِْتْلَافِ، فَإِذَا أَدَّى إِلَى التَّلَفِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ، وَلأَِنَّ التَّأْدِيبَ قَدْ يَحْصُل بِغَيْرِ الضَّرْبِ كَالزَّجْرِ وَفَرْكِ الأُْذُنِ، وَخُلَاصَةُ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ:
أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهَا، وَمِنَ الْمُبَاحِ ضَرْبُ الأَْبِ أَوِ الأُْمِّ وَلَدَهُمَا تَأْدِيبًا، وَمِثْلُهُمَا الْوَصِيُّ، فَإِذَا أَفْضَى إِلَى الْمَوْتِ وَجَبَ الضَّمَانُ، وَإِنْ كَانَ الضَّرْبُ لِلتَّعْلِيمِ فَلَا ضَمَانَ؛ لأَِنَّهُ وَاجِبٌ، وَالْوَاجِبُ لَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ (3) .
وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ إِلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛
(1) المغني لابن قدامة 8 / 327، ومواهب الجليل 6 / 319.
(2)
حاشية ابن عابدين 3 / 190.
(3)
حاشية ابن عابدين 5 / 24، 363.