الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَطِيبُ فِي الْكِفَايَةِ، وَالْحَاكِمُ فِي مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَالنَّوَوِيُّ فِي التَّقْرِيبِ، وَابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى قَرِيبٌ مِنَ التَّحْرِيفِ، إِلَاّ أَنَّ التَّحْرِيفَ أَشْمَل، إِذْ يَدْخُل فِيهِ تَغْيِيرُ الْمَعْنَى مَعَ بَقَاءِ اللَّفْظِ عَلَى حَالِهِ.
فَيَكُونُ التَّصْحِيفُ هُوَ التَّحْرِيفَ فِي نَقْطِ الْكَلِمَةِ أَوْ شَكْلِهَا أَوْ حُرُوفِهَا. وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ التَّحْرِيفُ فِي الْمَعْنَى.
أَمَّا ابْنُ حَجَرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ التَّصْحِيفَ خَاصٌّ بِتَبْدِيل الْكَلِمَةِ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى تُشَابِهُهَا فِي الْخَطِّ وَتُخَالِفُهَا فِي النَّقْطِ، وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْعَسْكَرِيِّ فِي كِتَابِهِ (شَرْحُ التَّصْحِيفِ وَالتَّحْرِيفِ) وَذَلِكَ كَتَبْدِيل الْغَدْرِ بِالْعُذْرِ، وَالْخَطْبِ بِالْحَطَبِ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّحْرِيفِ تَصْحِيفًا لأَِنَّ الآْخِذَ عَنِ الصَّحِيفَةِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْكَلِمَةِ الْمُرَادَةِ وَالْكَلِمَةِ الَّتِي تَلْتَبِسُ بِهَا لِمُشَابَهَتِهَا فِي الصُّورَةِ، بِخِلَافِ الآْخِذِ مِنْ أَفْوَاهِ أَهْل الْعِلْمِ (1) . وَكَانَ هَذَا الاِلْتِبَاسُ كَثِيرًا قَبْل اخْتِرَاعِ النَّقْطِ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي الْهِجْرِيِّ، وَقَل
(1) نخبة الفكر، ولقط الدرر ص 83، والتقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للحافظ العراقي ص 282 - 284 بيروت دار الفكر، 1401 هـ، والكفاية في أصول الرواية للخطيب البغدادي ص 146، 149، وتدريب الراوي شرح تقريب النواوي ص 384 المدينة المنورة، المكتبة العلمية 1379 هـ، وتصحيفات المحدثين المقدمة ص 40.
بَعْدَهُ، إِلَاّ أَنَّهُ لَمْ يَنْعَدِمْ حَتَّى عِنْدَ مَنْ يَلْتَزِمُ بِهِ؛ لأَِنَّ النُّقَطَ قَدْ تَسْقُطُ، وَقَدْ تَنْتَقِل عَنْ مَكَانِهَا، فَيَحْصُل الاِلْتِبَاسُ.
ب -
التَّزْوِيرُ:
3 -
الزُّورُ لُغَةً: الْكَذِبُ، وَالتَّزْوِيرُ: تَزْيِينُ الْكَذِبِ (1) .
وَاصْطِلَاحًا: كُل قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ يُرَادُ بِهِ تَزْيِينُ الْبَاطِل حَتَّى يُظَنَّ أَنَّهُ حَقٌّ، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ فِي الْقَوْل كَشَهَادَةِ الزُّورِ، أَمِ الْفِعْل كَمُحَاكَاةِ الْخُطُوطِ أَوِ النُّقُودِ بِقَصْدِ إِثْبَاتِ الْبَاطِل.
فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيفِ أَنَّ التَّزْوِيرَ يَحْدُثُ بِهِ تَغْيِيرٌ مَقْصُودٌ، أَمَّا التَّحْرِيفُ فَقَدْ يَتَغَيَّرُ بِهِ الْوَاقِعُ وَقَدْ لَا يَتَغَيَّرُ، وَقَدْ يَكُونُ التَّحْرِيفُ مَقْصُودًا أَوْ غَيْرَ مَقْصُودٍ، فَفِيهِمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ.
أَنْوَاعُ التَّحْرِيفِ وَالتَّصْحِيفِ:
4 -
التَّحْرِيفُ إِمَّا لَفْظِيٌّ وَإِمَّا مَعْنَوِيٌّ:
فَاللَّفْظِيُّ يَكُونُ فِي السَّنَدِ، كَمَا صَحَّفَ الطَّبَرِيُّ اسْمَ عُتْبَةَ بْنِ النُّدَّرِ فَقَال فِيهِ: ابْنُ الْبَذْرِ.
وَيَكُونُ فِي الْمَتْنِ كَمَا صَحَّفَ ابْنُ لَهِيعَةَ حَدِيثَ احْتَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ (2) فَقَال فِيهِ احْتَجَمَ فِي الْمَسْجِدِ.
(1) مختار الصحاح مادة. " زور ".
(2)
حديث: " احتجر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 517 - ط السلفية) ومسلم (1 / 539 - ط الحلبي) . ورواية التصحيف في مسند أحمد (5 / 185 - ط الميمنية) .