الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
احْتَمَلَهَا رَسْمُ الْمُصْحَفِ الإِْمَامِ.
وَيَحْصُل الأَْمْنُ مِنْ تَحْرِيفِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ بِالتَّلَقِّي مِنْ أَفْوَاهِ الْقُرَّاءِ الْعَالِمِينَ بِالْقِرَاءَةِ، وَلَا يَنْبَغِي الاِكْتِفَاءُ بِتَعَلُّمِهَا بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ فِي الْمُصْحَفِ.
أَمَّا تَغْيِيرُ الْمَعْنَى بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمُرَادِ بِهِ، فَهُوَ نَوْعٌ شَدِيدٌ مِنَ التَّحْرِيفِ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ إِمَّا بِالْقُرْآنِ، وَإِمَّا بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَإِمَّا بِمُقْتَضَى لِسَانِ الْعَرَبِ لِلْعَالِمِينَ بِهِ. وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِمُجَرَّدِ الرَّأْيِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ شَرْعًا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَال فِي الْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ فَأَصَابَ فَقَدْ أَخْطَأَ (1)
وَإِذَا كَانَ التَّحْرِيفُ لِمُوَافَقَةِ الْهَوَى وَتَأْيِيدِهِ كَانَ فَاعِلُهُ أَشَدَّ ضَلَالاً وَإِضْلَالاً، فَإِنَّ الإِْيمَانَ بِكِتَابِ اللَّهِ يَقْتَضِي أَنْ يُتَّخَذَ الْكِتَابُ مَتْبُوعًا، يَأْتَمِرُ الْمُؤْمِنُونَ بِأَمْرِهِ وَيَقِفُونَ عِنْدَ نَهْيِهِ، لَا أَنْ يُجْعَل تَابِعًا لِلأَْهْوَاءِ كَمَا اتَّخَذَتْهُ بَعْضُ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ.
هَذَا فِيمَا قَدْ يَصْنَعُهُ الْمُفَسِّرُ مِنَ التَّغْيِيرِ وَالتَّحْرِيفِ لِلْمَعْنَى عَنْ عَمْدٍ، وَأَمَّا التَّفْسِيرُ الْمُغَيِّرُ، خَطَأٌ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْذَرَ مِنْهُ فَلَا يَتَصَدَّى لِلتَّفْسِيرِ إِلَاّ عَالِمٌ بِالْقُرْآنِ عَالِمٌ بِالسُّنَنِ وَالْعَرَبِيَّةِ،
(1) حديث: " من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ " رواه الترمذي (5 / 200 - ط الحلبي) وقال: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل العلم في سهيل بن أبي حزم.
قَدْ تَعَلَّمَ أُصُول التَّفْسِيرِ، وَعَرَفَ نَاسِخَ الْقُرْآنِ مِنْ مَنْسُوخِهِ، وَعَرَفَ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْمُفَسِّرِ (1) .
ب -
التَّحْرِيفُ وَالتَّصْحِيفُ لِلأَْحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ:
حُكْمُ التَّصْحِيفِ:
6 -
يَقُول الْمُحَدِّثُونَ: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الصَّحِيحِ تَعَمُّدُ تَغْيِيرِ صُورَةِ الْحَدِيثِ مَتْنًا أَوْ إِسْنَادًا، إِلَاّ لِعَالِمٍ بِمَدْلُولَاتِ الأَْلْفَاظِ، عَالِمٍ بِمَا يُحِيل الْمَعْنَى، فَلَهُ أَنْ يُغَيِّرَ عَلَى أَنْ يَتَجَنَّبَ تَحْوِيل الْمَعْنَى. وَالتَّصْحِيفُ الْمَقْصُودُ نَوْعٌ مِنَ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى (2) .
أَمَّا مَا يَقَعُ مِنَ التَّصْحِيفِ وَالتَّحْرِيفِ عَلَى سَبِيل الْخَطَأِ، فَإِنَّ مَنْ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ أَشْيَاءُ مِنْ ذَلِكَ فَاحِشَةٌ، فَيُقَال فِيهِ: إِنَّهُ سَيِّئُ الضَّبْطِ، وَيُتْرَكُ حَدِيثُهُ فَلَا يُؤْخَذُ بِهِ، نَقَل أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيِّ أَنَّ الْغَفْلَةَ الَّتِي يُرَدُّ بِهَا حَدِيثُ الرَّجُل الرِّضَا الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْكَذِبَ هِيَ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِهِ غَلَطٌ، فَيُقَال لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيُحَدِّثُ بِمَا قَالُوهُ وَيُغَيِّرُ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِمْ، لَا يُعْرَفُ فَرْقُ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، أَوْ يُصَحِّفُ تَصْحِيفًا فَاحِشًا يَقْلِبُ الْمَعْنَى لَا يَعْقِل ذَلِكَ. وَنُقِل عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَال: مَنْ
(1) الإتقان في علوم القرآن 2 / 175 وما بعدها.
(2)
شرح نخبة الفكر للشيخ علي القاري الحنفي ص 145.