الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَحِيَّةٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
التَّحِيَّةُ مَصْدَرُ حَيَّاهُ يُحَيِّيهِ تَحِيَّةً، أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ: الدُّعَاءُ بِالْحَيَاةِ، وَمِنْهُ " التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ " أَيِ الْبَقَاءُ، وَقِيل: الْمُلْكُ، ثُمَّ كَثُرَ حَتَّى اُسْتُعْمِل فِي مَا يُحَيَّا بِهِ مِنْ سَلَامٍ وَنَحْوِهِ، وَتَحِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ لِمُؤْمِنِي عِبَادِهِ السَّلَامُ، فَقَدْ شَرَعَ لَهُمْ إِذَا تَلَاقَوْا وَدَعَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بِأَجْمَعِ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. (1) قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} . (2)
وَاسْتَعْمَل الْفُقَهَاءُ عِبَارَةَ (التَّحِيَّةِ) فِي غَيْرِ السَّلَامِ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
2 -
حُكْمُ التَّحِيَّةِ النَّدْبُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ تَخْتَلِفُ فِي الأَْدَاءِ كَمَا يَلِي:
(1) لسان العرب، والمصباح المنير مادة:" حيا "، وتفسير القرطبي 5 / 297، 298 ط دار الكتب المصرية.
(2)
سورة النساء / 58.
أ -
التَّحِيَّةُ بَيْنَ الأَْحْيَاءِ:
3 -
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الاِبْتِدَاءَ بِالسَّلَامِ سُنَّةٌ مُرَغَّبٌ فِيهَا، وَرَدَّهُ فَرِيضَةٌ (1) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} . وَلِلتَّفْصِيل ر: (سَلَامٌ) .
ب -
تَحِيَّةُ الأَْمْوَاتِ:
4 -
تَحِيَّةُ مَنْ فِي الْقُبُورِ السَّلَامُ، فَإِذَا مَرَّ الْمُسْلِمُ بِالْقُبُورِ أَوْ زَارَهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ يَقُول مَا وَرَدَ (2) وَهُوَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْل الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ، نَسْأَل اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ. (3)
ج -
تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ:
5 -
يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِكُل مَنْ يَدْخُل مَسْجِدًا غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - يُرِيدُ الْجُلُوسَ بِهِ لَا الْمُرُورَ فِيهِ، وَكَانَ مُتَوَضِّئًا - أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قَبْل الْجُلُوسِ. وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثٌ رَوَاهُ
(1) تفسير القرطبي 5 / 297 - 304، وفتح الباري 11 / 2، 12 - 14 ط السعودية، وأسهل المدارك 3 / 351 - 353 ط عيسى الحلبي بمصر، وشرح المنهاج 4 / 215 ط مصطفى الحلبي بمصر.
(2)
الفتاوى الهندية 5 / 350، والمغني 2 / 566، ومنهاج الطالبين 1 / 351.
(3)
حديث: " السلام عليكم أهل الديار. . . . " أخرجه مسلم (2 / 671 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
أَبُو قَتَادَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا دَخَل أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ (1) وَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُمَا لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ يَقُول نَدْبًا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْل وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. فَإِنَّهَا تَعْدِل رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الأَْذْكَارِ، وَهِيَ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وَالْقَرْضُ الْحَسَنُ. (2)
وَيُسَنُّ لِمَنْ جَلَسَ قَبْل الصَّلَاةِ أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّيَ، لِمَا رَوَى جَابِرٌ رضي الله عنه قَال: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ، وَرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَال: يَا سُلَيْكُ قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا (3) فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِالْجُلُوسِ.
كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ تَتَأَدَّى بِفَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ.
6 -
وَأَمَّا إِذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ
(1) حديث: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 537 - ط السلفية) ومسلم (1 / 495 - ط الحلبي) .
(2)
ابن عابدين 1 / 456 - 457، والشرح الصغير 1 / 405، 406 ط دار المعارف بمصر، وجواهر الإكليل 1 / 73، والقليوبي 1 / 215، وروضة الطالبين 1 / 332، والمغني لابن قدامة 1 / 455، 2 / 135 ط مكتبة الرياض الحديثة، وكشاف القناع 1 / 327 ط عالم الكتب بيروت، ومواهب الجليل 2 / 68 - 69، والفتاوى الهندية 5 / 321، والدسوقي 1 / 313 - 314.
(3)
حديث: " يا سليك قم فاركع ركعتين " أخرجه مسلم (2 / 597 - ط الحلبي) .
وَالْمَالِكِيَّةُ - إِنْ قَرُبَ رُجُوعُهُ لَهُ عُرْفًا - وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ: إِلَى أَنَّهُ تَكْفِيهِ لِكُل يَوْمٍ مَرَّةً. وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَكَرُّرُ التَّحِيَّةِ بِتَكَرُّرِ الدُّخُول عَلَى قُرْبٍ كَالْبُعْدِ. (1) وَإِذَا كَانَتِ الْمَسَاجِدُ مُتَلَاصِقَةً، فَتُسَنُّ التَّحِيَّةُ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهَا (2)
7 -
وَكَذَلِكَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ دَخَل الْمَسْجِدَ وَالإِْمَامُ يَخْطُبُ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (3) ، وَالصَّلَاةُ تُفَوِّتُ الاِسْتِمَاعَ وَالإِْنْصَاتَ، فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْفَرْضِ لإِِقَامَةِ السُّنَّةِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شُرَيْحٌ، وَابْنُ سِيرِينَ وَالنَّخَعِيُّ وَقَتَادَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ يُوجِزُ فِيهِمَا، لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ الْمُتَقَدِّمِ. وَبِهَذَا قَال الْحَسَنُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ وَمَكْحُولٌ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ (4) .
(1) المراجع السابقة.
(2)
القليوبي 1 / 215.
(3)
سورة الأعراف / 204.
(4)
بدائع الصنائع 1 / 264 ط دار الكتاب العربي، وابن عابدين 1 / 550، والقوانين الفقهية / 86، وبداية المجتهد 1 / 166 ط مكتبة الكليات الأزهرية، وروضة الطالبين 2 / 30، والمغني لابن قدامة 2 / 319