الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيمَنْ فُرِضَتْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الآْخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (1) أَيْ ذَلِيلُونَ حَقِيرُونَ مُهَانُونَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَحْصُل بِهِ الصَّغَارُ عِنْدَ إِعْطَائِهِمُ الْجِزْيَةَ. اُنْظُرْ مُصْطَلَحَ (أَهْل الذِّمَّةِ، وَجِزْيَةٌ) .
التَّعْزِيرُ بِمَا فِيهِ تَحْقِيرٌ:
5 -
مِنْ ضُرُوبِ التَّعْزِيرِ: التَّوْبِيخُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّحْقِيرِ. وَاسْتَدَل الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّوْبِيخِ فِي التَّعْزِيرِ بِالسُّنَّةِ، فَقَدْ، رَوَى أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَابَّ رَجُلاً فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَقَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا ذَرٍّ: أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ؟ إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ. (2) وَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ. (3)
وَقَدْ فُسِّرَ النَّيْل مِنَ الْعِرْضِ بِأَنْ يُقَال لَهُ مَثَلاً: يَا ظَالِمُ، يَا مُعْتَدِي، وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّعْزِيرِ
(1) سورة التوبة / 29.
(2)
حديث: " يا أبا ذر أعيرته بأمه. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 84 - ط السلفية) .
(3)
حديث: " لي الواجد يحل عرضه وعقوبته " أخرجه أبو داود (4 / 45 - ط عزت عبيد دعاس) وحسنه ابن حجر في الفتح (5 / 62 - ط السلفية) .
بِالْقَوْل، وَقَدْ جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ لاِبْنِ فَرْحُونَ: وَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالْقَوْل فَدَلِيلُهُ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَال: اضْرِبُوهُ فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ (1) . وَفِي رِوَايَةٍ بَكِّتُوهُ، فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ؟ مَا خَشِيتَ اللَّهَ؟ مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ وَهَذَا التَّبْكِيتُ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل (2) .
(ر: تَعْزِيرٌ) .
6 -
قَدْ يَكُونُ التَّحْقِيرُ بِالْفِعْل: كَمَا هُوَ الْحَال فِي تَجْرِيسِ شَاهِدِ الزُّورِ، فَإِنَّ تَجْرِيسَهُ هُوَ إِسْمَاعُ النَّاسِ بِهِ، وَهُوَ تَشْهِيرٌ، وَإِذَا كَانَ تَشْهِيرًا كَانَ تَعْزِيرًا. فَقَدْ وَرَدَ فِي التَّتَارْخَانِيَّةِ فِي التَّشْهِيرِ بِشَاهِدِ الزُّورِ: قَال أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ: يُطَافُ بِهِ وَيُشْهَرُ وَلَا يُضْرَبُ، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.، وَفِي جَامِعِ الْعَتَّابِيِّ: التَّشْهِيرُ أَنْ يُطَافَ بِهِ فِي الْبَلَدِ وَيُنَادَى عَلَيْهِ فِي كُل مَحَلَّةٍ: إِنَّ هَذَا شَاهِدُ الزُّورِ فَلَا تُشْهِدُوهُ. وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُشْهَرُ عَلَى قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ الضَّرْبِ، وَالَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُسَخِّمُ وَجْهَهُ فَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ
(1) حديث: " أتي برجل قد شرب. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 66 - ط السلفية) والرواية الأخرى لأبي داود (4 / 620 - ط عزت عبيد دعاس) .
(2)
ابن عابدين 3 / 182، وتبصرة الحكام 2 / 200، ومعين الحكام للطرابلسي ص 231.