الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِنَّهُ قُتِل فِي دَارِ الْحَرْبِ بِرَمْيٍ مُبَاحٍ. (1)
4 -
وَإِنْ تَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ فَيَجُوزُ رَمْيُهُمْ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَيَقْصِدُ بِالرَّمْيِ الْمُقَاتِلِينَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَمَاهُمْ بِالْمَنْجَنِيقِ وَمَعَهُمُ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. (2) وَلَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الرَّمْيِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَتِ الْحَرْبُ مُلْتَحِمَةً وَمَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُلْتَحِمَةٍ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَتَحَيَّنُ بِالرَّمْيِ حَال الْتِحَامِ الْحَرْبِ. (3)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُمْ، إِلَاّ إِذَا دَعَتِ الضَّرُورَةُ وَيُتْرَكُونَ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَيَكُونُ تَرْكُ الْقِتَال عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَاجِبًا فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ: جَوَازُهُ مَعَ الْكَرَاهَةِ. (4)
وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ التَّتَرُّسِ فِي بَابِ الْجِهَادِ: عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْقِتَال، وَبَيَانِ الْمَكْرُوهَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ وَالْمَنْدُوبَاتِ فِي الْغَزْوِ.
(1) المغني 8 / 450.
(2)
حديث: " رمي النبي صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق. . . " أخرجه أبو داود في المراسيل بهذا المعنى، وإسناده ضعيف. انظر التلخيص الحبير لابن حجر (4 / 104) .
(3)
فتح القدير 5 / 198، والمبسوط 10 / 65، وبدائع الصنائع 7 / 98، 99، والمغني 8 / 449 ط مكتبة الرياض الحديثة.
(4)
الحطاب 3 / 351، وحاشية الدسوقي 2 / 178، ونهاية المحتاج 8 / 65.
تَتْرِيبٌ
التَّعْرِيفُ:
1 -
التَّتْرِيبُ: مَصْدَرُ تَرَّبَ، يُقَال: تَرَّبْتُ الشَّيْءَ تَتْرِيبًا فَتَتَرَّبَ، أَيْ لَطَّخْتَهُ فَتَلَطَّخَ بِالتُّرَابِ. وَأَتْرَبْتُ الشَّيْءَ: جَعَلْتَ عَلَيْهِ التُّرَابَ، وَتَرَّبْتُ الْكِتَابَ تَتْرِيبًا، وَتَرَّبْتُ الْقِرْطَاسَ فَأَنَا أُتَرِّبُهُ، أَيْ أَضَعُ عَلَيْهِ التُّرَابَ لِيَمْتَصَّ مَا زَادَ مِنَ الْحِبْرِ. (1) وَعَلَى هَذَا، فَتَتْرِيبُ الشَّيْءِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا: جَعْل التُّرَابِ عَلَيْهِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 -
اسْتِعْمَال التُّرَابِ فِي التَّطْهِيرِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ:
التُّرَابُ الطَّاهِرُ قَدْ يُسْتَعْمَل فِي التَّطْهِيرِ، كَمَا إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءٍ، فَإِنَّهُ كَيْ يَطْهُرَ هَذَا الإِْنَاءُ يَجِبُ غَسْلُهُ سَبْعًا إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، هَذَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي
(1) الصحاح، ولسان العرب، والمصباح المنير، ومختار الصحاح. مادة:" ترب ".
إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، زَادَ مُسْلِمٌ أُولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ. (1) وَلِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَال: إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الإِْنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ. (2)
وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُجْعَل التُّرَابُ فِي الْغَسْلَةِ الأُْولَى، لِمُوَافَقَتِهِ لَفْظَ الْخَبَرِ، أَوْ لِيَأْتِيَ الْمَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيُنَظِّفَهُ. وَمَتَى غُسِل بِهِ أَجْزَأَهُ، لأَِنَّهُ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ: إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ وَفِي حَدِيثٍ: أُولَاهُنَّ وَفِي حَدِيثٍ: فِي الثَّامِنَةِ فَيَدُل عَلَى أَنَّ مَحَل التُّرَابِ مِنَ الْغَسَلَاتِ غَيْرُ مَقْصُودٍ.
فَإِنْ جُعِل مَكَانَ التُّرَابِ غَيْرُهُ مِنَ الأُْشْنَانِ وَالصَّابُونِ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ غَسَلَهُ غَسْلَةً ثَامِنَةً، فَالأَْصَحُّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، لأَِنَّهُ طَهَارَةٌ أَمَرَ فِيهَا بِالتُّرَابِ تَعَبُّدًا، وَلِذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ.
وَلِبَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: يَجُوزُ الْعُدُول عَنِ التُّرَابِ إِلَى غَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِ التُّرَابِ، أَوْ إِفْسَادِ الْمَحَل الْمَغْسُول بِهِ. فَأَمَّا مَعَ وُجُودِهِ وَعَدَمِ الضَّرَرِ فَلَا. وَهَذَا قَوْل ابْنِ حَامِدٍ (3) .
(1) حديث: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا " متفق عليه من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (الفتح 1 / 274 - ط السلفية) وزاد مسلم " أولاهن بالتراب "(1 / 234 - ط الحلبي) .
(2)
حديث: " إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه. . . " أخرجه مسلم (1 / 235 - ط الحلبي) .
(3)
المغني لابن قدامة 1 / 52 - 54 ط الرياض الحديثة وروضة الطالبين 1 / 32 - 33 المكتب الإسلامي، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 21 نشر المكتبة الإسلامية.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُنْدَبُ غُسْل الإِْنَاءِ سَبْعًا بِوُلُوغِ الْكَلْبِ فِيهِ، بِأَنْ يُدْخِل فَمَهُ فِي الْمَاءِ وَيُحَرِّكَ لِسَانَهُ فِيهِ، وَلَا تَتْرِيبَ مَعَ الْغَسْل بِأَنْ يُجْعَل فِي الأُْولَى، أَوِ الأَْخِيرَةِ، أَوْ إِحْدَاهُنَّ. لأَِنَّ التَّتْرِيبَ لَمْ يَثْبُتْ فِي كُل الرِّوَايَاتِ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي بَعْضِهَا، وَذَلِكَ الْبَعْضُ الَّذِي ثَبَتَ فِيهِ، وَقَعَ فِيهِ اضْطِرَابٌ. (1)
وَلِلْحَنَفِيَّةِ قَوْلٌ بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا، لِحَدِيثِ يُغْسَل الإِْنَاءُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ ثَلَاثًا. (2) وَقَوْلٌ بِغَسْلِهِ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا. لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنِ الأَْعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَلْبِ، يَلَغُ فِي الإِْنَاءِ، أَنَّهُ يَغْسِلُهُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا (3) وَوَرَدَ فِي حَاشِيَةِ الطَّحْطَاوِيِّ عَلَى مَرَاقِي الْفَلَاحِ:
(1) الشرح الكبير للدردير 1 / 83 - 84، وجواهر الإكليل 1 / 13 - 14 نشر دار المعرفة، وفتح الباري بشرح صحيح البخاري 1 / 276.
(2)
حديث: " يغسل الإناء من ولوغ الكلب ثلاثا " أخرجه الدارقطني موقوفا على أبي هريرة بلفظ " إذا ولغ الكلب في الإناء فأهرقه، ثم اغسله ثلاث مرات " وقال الشيخ تقي الدين في " الإمام " هذا سند صحيح (نصب الراية1 / 131، وإعلاء السنن 1 / 196 نشر إدارة القرآن والعلوم الإسلامية - باكستان) .
(3)
حديث: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكلب " يلغ في الإناء. . . . " أخرجه الدارقطني (1 / 65 - ط شركة الطباعة الفنية) وقال. تفرد به عبد الوهاب بن الضحاك، وهو متروك الحديث.