الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَبْنِيَّةٌ عَلَى الاِحْتِيَاطِ، فَلَا بُدَّ مِنْ عَرْضِهَا عَلَى الْقَضَاءِ لِلْحُكْمِ. (1)
شُرُوطُ التَّحْكِيمِ:
يُشْتَرَطُ فِي التَّحْكِيمِ مَا يَأْتِي:
22 -
أ - قِيَامُ نِزَاعٍ، وَخُصُومَةٍ حَوْل حَقٍّ مِنَ الْحُقُوقِ. (2)
وَهَذَا الشَّرْطُ يَسْتَدْعِي حُكْمًا قِيَامَ طَرَفَيْنِ مُتَشَاكِسَيْنِ، كُلٌّ يَدَّعِي حَقًّا لَهُ قِبَل الآْخَرِ.
23 -
ب - تَرَاضِي طَرَفَيِ الْخُصُومَةِ عَلَى قَبُول حُكْمِهِ، أَمَّا الْمُعَيَّنُ مِنْ قِبَل الْقَاضِي فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِهِ، لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْقَاضِي.
وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقَدُّمُ رِضَى الْخَصْمَيْنِ عَنِ التَّحْكِيمِ، بَل لَوْ رَضِيَا بِحُكْمِهِ بَعْدَ صُدُورِهِ جَازَ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لَا بُدَّ مِنْ تَقَدُّمِ التَّرَاضِي. (3)
24 -
ج - اتِّفَاقُ الْمُتَخَاصِمَيْنِ وَالْحَكَمِ عَلَى قَبُول مُهِمَّةِ التَّحْكِيمِ. . . وَمُجْمَل هَذَيْنِ الاِتِّفَاقَيْنِ يُشَكِّل رُكْنَ التَّحْكِيمِ، الَّذِي هُوَ:
(1) الكافي لابن قدامة 3 / 436، والمغني 10 / 191، ومطالب أولي النهى 6 / 471.
(2)
مجلة الأحكام العدلية م 1876 وحاشية الدرر 2 / 336.
(3)
البحر الرائق 7 / 25، وفتح القدير 5 / 502، ومجلة الأحكام العدلية م 1851.
لَفْظُهُ الدَّال عَلَيْهِ مَعَ قَبُول الآْخَرِ.
وَهَذَا الرُّكْنُ قَدْ يَظْهَرُ صَرَاحَةً.، كَمَا لَوْ قَال الْخَصْمَانِ: حَكَّمْنَاكَ بَيْنَنَا. أَوْ قَال لَهُمَا: أَحْكُمُ بَيْنَكُمَا، فَقَبِلَا.
وَقَدْ يَظْهَرُ دَلَالَةً. . . فَلَوِ اصْطَلَحَ الْخَصْمَانِ عَلَى رَجُلٍ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يُعْلِمَاهُ بِذَلِكَ، وَلَكِنَّهُمَا اخْتَصَمَا إِلَيْهِ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، جَازَ.
وَإِنْ لَمْ يَقْبَل الْحُكْمَ، لَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ إِلَاّ بِتَجْدِيدِ التَّحْكِيمِ. (1)
وَلِلْخَصْمَيْنِ أَنْ يُقَيِّدَا التَّحْكِيمَ بِشَرْطٍ. . . فَلَوْ حَكَّمَاهُ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا فِي يَوْمِهِ، أَوْ فِي مَجْلِسِهِ وَجَبَ ذَلِكَ.، وَلَوْ حَكَّمَاهُ عَلَى أَنْ يَسْتَفْتِيَ فُلَانًا، ثُمَّ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَال جَازَ.
وَلَوْ حَكَّمَا رَجُلَيْنِ، فَحَكَمَ أَحَدُهُمَا، لَمْ يَجُزْ، وَلَا بُدَّ مِنِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْمَحْكُومِ بِهِ، فَلَوِ اخْتَلَفَا لَمْ يَجُزْ. (2)
وَكَذَلِكَ لَوِ اتَّفَقَا عَلَى تَحْكِيمِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ.
فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَوِّضَ غَيْرَهُ بِالتَّحْكِيمِ. لأَِنَّ الْخَصْمَيْنِ لَمْ يَرْضَيَا بِتَحْكِيمِ غَيْرِهِ.
وَلَوْ فَوَّضَ، وَحَكَمَ الثَّانِي بِغَيْرِ رِضَاهُمَا،
(1) حاشة الطحطاوي 3 / 207، وحاشية ابن عابدين 5 / 428.
(2)
البحر الرائق 7 / 26، والهداية وشروحها 5 / 502، والفتاوى الهندية 3 / 568، وحاشية ابن عابدين 5 / 431، وحاشية الطحطاوي 3 / 308، ومغني المحتاج 4 / 379، وفتح الوهاب 2 / 208.
فَأَجَازَ الأَْوَّل حُكْمَهُ، لَمْ يَجُزْ لأَِنَّ الإِْذْنَ مِنْهُ فِي الاِبْتِدَاءِ لَا يَصِحُّ، فَكَذَا فِي الاِنْتِهَاءِ، وَلَا بُدَّ مِنْ إِجَازَةِ الْخَصْمَيْنِ بَعْدَ الْحُكْمِ. وَقِيل: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ، كَالْوَكِيل الأَْوَّل إِذَا أَجَازَ بَيْعَ الْوَكِيل الثَّانِي.
إِلَاّ أَنَّ تَعْلِيقَ التَّحْكِيمِ عَلَى شَرْطٍ، كَمَا لَوْ قَالَا لِعَبْدٍ: إِذَا أُعْتِقْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا، وَإِضَافَتَهُ إِلَى وَقْتٍ، كَمَا لَوْ قَالَا لِرَجُلٍ: جَعَلْنَاكَ حَكَمًا غَدًا، أَوْ قَالَا: رَأْسَ الشَّهْرِ. . . كُل ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَالْفَتْوَى عَلَى الْقَوْل الأَْوَّل. (1)
25 -
وَلَيْسَ لِلْخَصْمَيْنِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى مُحَكَّمٍ لَيْسَ أَهْلاً لِلتَّحْكِيمِ.
وَلَوْ حَكَمَ غَيْرُ الْمُسْلِمِ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ، فَأَجَازَا حُكْمَهُ، لَمْ يَجُزْ، كَمَا لَوْ حَكَّمَاهُ فِي الاِبْتِدَاءِ. (2)
26 -
وَلَا يَحْتَاجُ الاِتِّفَاقُ عَلَى التَّحْكِيمِ لِشُهُودٍ تَشْهَدُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ بِأَنَّهُمَا قَدْ حَكَّمَا الْحَكَمَ.
إِلَاّ أَنَّهُ يَنْبَغِي الإِْشْهَادُ خَوْفَ الْجُحُودِ. وَلِهَذَا ثَمَرَةٌ عَمَلِيَّةٌ: إِذْ لَوْ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ حَكَّمَا الْحَكَمَ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، فَأَنْكَرَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا أَنَّهُ
(1) البحر الرائق 7 / 24، 29، وفتح القدير 5 / 502، والفتاوى الهندية 3 / 217، 570، وجامع الرموز 2 / 231، وحاشية الطحطاوي 3 / 203، 208، وحاشية ابن عابدين 5 / 431.
(2)
الفتاوى الهندية 3 / 268، وفتح القدير 5 / 502، والبحر الرائق 7 / 24، وحاشية ابن عابدين 5 / 428.
حَكَّمَهُ، لَمْ يُقْبَل قَوْل الْحَكَمِ أَنَّ الْجَاحِدَ حَكَّمَهُ إِلَاّ بِبَيِّنَةٍ. (1)
27 -
وَيَجِبُ أَنْ يَسْتَمِرَّ الاِتِّفَاقُ عَلَى التَّحْكِيمِ حَتَّى صُدُورِ الْحُكْمِ، إِذْ إِنَّ رُجُوعَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ عَنِ التَّحْكِيمِ قَبْل صُدُورِ الْحُكْمِ يُلْغِي التَّحْكِيمَ، كَمَا سَنَرَى.
فَلَوْ قَال الْحَكَمُ لأَِحَدِهِمَا: أَقْرَرْتَ عِنْدِي، أَوْ قَامَتْ عِنْدِي بَيِّنَةٌ عَلَيْكَ بِكَذَا، وَقَدْ أَلْزَمْتُكَ، وَحَكَمْتُ بِهَذَا، فَأَنْكَرَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ الإِْقْرَارَ أَوِ الْبَيِّنَةَ لَمْ يُلْتَفَتْ لِقَوْلِهِ، وَمَضَى الْقَضَاءُ. لأَِنَّ وِلَايَةَ الْمُحَكَّمِ قَائِمَةٌ. وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْقَاضِي.
أَمَّا إِنْ قَال ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ عَزَلَهُ الْخَصْمُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَحُكْمَهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، كَالْحُكْمِ الَّذِي يُصْدِرُهُ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ. (2)
28 -
د - الإِْشْهَادُ عَلَى الْحُكْمِ، وَلَيْسَ هَذَا شَرْطًا لِصِحَّةِ التَّحْكِيمِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِقَبُول قَوْل الْحَكَمِ عِنْدَ الإِْنْكَارِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الإِْشْهَادِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. (3)
(1) المبسوط 21 / 63، والدسوقي 3 / 135، ومطالب أولي النهى 6 / 472، وكشاف القناع 6 / 303.
(2)
فتح القدير 5 / 501، 502، والفتاوى الهندية 3 / 269، وجامع الرموز 2 / 232، والمبسوط 21 / 63، والكفاية 3 / 167.
(3)
شرح العناية 5 / 502.