الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِحْدَادُهَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: امْتِنَاعُهَا عَنِ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مُدَّةً مَخْصُوصَةً فِي أَحْوَالٍ مَخْصُوصَةٍ حُزْنًا عَلَى فِرَاقِ زَوْجِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ بِالْمَوْتِ - وَهُوَ بِالإِْجْمَاعِ - أَمْ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى خِلَافٍ (1) .
6 -
وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحِدَّةِ أَنْ تَسْتَعْمِل الذَّهَبَ بِكُل صُوَرِهِ، فَيَلْزَمُهَا نَزْعُهُ حِينَ تَعْلَمُ بِمَوْتِ زَوْجِهَا، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الأَْسَاوِرِ وَالدَّمَالِجِ وَالْخَوَاتِمِ، وَمِثْلُهُ الْحُلِيُّ مِنَ الْجَوَاهِرِ، وَيُلْحَقُ بِهِ مَا يُتَّخَذُ لِلْحِلْيَةِ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْعَاجِ وَغَيْرِهِ. (2)
وَجَوَّزَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ لُبْسَ الْحُلِيِّ مِنَ الْفِضَّةِ، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ مَرْدُودٌ، لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْحُلِيِّ عَلَى الْمُحِدَّةِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: وَلَا الْحُلِيَّ (3) وَلأَِنَّ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 616 - 617، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل للحطاب 4 / 154، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي 7 / 140 - 142 ط الحلبي 1357 هـ، والمغني لابن قدامة 9 / 166، 168 ط المنار 1348 هـ، وحاشية سعدي جلبي على شرح فتح القدير 3 / 219، وفتح القدير 4 / 162، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 2 / 479، والمجموع شرح المهذب 17 / 221، وقليوبي وعميرة 4 / 53.
(2)
المجموع شرح المهذب 17 / 29 - 30، وقليوبي وعميرة 4 / 53، وفتح القدير 4 / 162، والفتاوى الهندية 1 / 533، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 479، والمغني لابن قدامة 9 / 167 ط المنار، والمحرر في فقه الحنابلة 2 / 107 - 108.
(3)
حديث: " ولا الحلي "، أخرجه أبو داود (2 / 727 - ط عزت عبيد دعاس) بلفظ " ولا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي. . . " وصححه ابن حبان (ص 322 - موارد الظمآن - ط السلفية) .
الزِّينَةَ تَحْصُل بِالْفِضَّةِ، فَحَرُمَ عَلَيْهَا لُبْسُهَا وَالتَّحَلِّي بِهَا كَالذَّهَبِ. وَقَصَرَ الْغَزَالِيُّ الإِْبَاحَةَ عَلَى لُبْسِ الْخَاتَمِ مِنَ الْفِضَّةِ، لأَِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا تَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِحِلِّهِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَحَلَّى لِتَتَعَرَّضَ لِلْخُطَّابِ بِأَيِّ وَسِيلَةٍ مِنَ الْوَسَائِل تَلْمِيحًا أَوْ تَصْرِيحًا (1) لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ: وَلَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ وَلَا الْحُلِيَّ.
التَّحَلِّي فِي الإِْحْرَامِ:
7 -
وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُرِيدُهُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ مِمَّنْ أَحْرَمَ بِهِمَا فِعْلاً.
وَتَحَلِّي الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ بِالذَّهَبِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحُلِيِّ مُبَاحٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ سِوَارًا أَمْ غَيْرَهُ، لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ، وَلْيَلْبَسْنَ بَعْدَ
(1) حاشية ابن عابدين 2 / 617، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 2 / 478 - 479، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 7 / 141 - 142، والمغني لابن قدامة 9 / 169 ط المنار.
ذَلِكَ مَا أَحْبَبْنَ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ، مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ. (1)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَأَمَّا الْخَلْخَال وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْحُلِيِّ مِثْل السِّوَارِ وَالدُّمْلُوجِ (2) فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لُبْسُهُ. وَقَدْ قَال أَحْمَدُ: الْمُحْرِمَةُ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا يَتْرُكَانِ الطِّيبَ وَالزِّينَةَ، وَلَهُمَا مَا سِوَى ذَلِكَ، وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ لِلْمُحْرِمَةِ الْحَرِيرَ وَالْحُلِيَّ. وَكَرِهَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ تَلْبَسَ الْمَرْأَةُ الْخَاتَمَ وَالْقُرْطَ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ، وَكَرِهَ السِّوَارَيْنِ وَالدُّمْلُجَيْنِ وَالْخَلْخَالَيْنِ. وَظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ: الرُّخْصَةُ فِيهِ. وَهُوَ قَوْل ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. قَال أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ الْحُلِيَّ وَالْمُعَصْفَرَ. وَقَال عَنْ نَافِعٍ: كَانَ نِسَاءُ ابْنِ عُمَرَ وَبَنَاتُهُ يَلْبَسْنَ الْحُلِيَّ وَالْمُعَصْفَرَ وَهُنَّ مُحْرِمَاتٌ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ فِي الْمَنَاسِكِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: تَلْبَسُ الْمُحْرِمَةُ مَا تَلْبَسُ وَهِيَ حَلَالٌ مِنْ خَزِّهَا وَقَزِّهَا وَحُلِيِّهَا. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ
(1) مطالب أولي النهى 2 / 353 وحديث: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء في إحرامهن. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 52 - ط السلفية) .
(2)
الدملج والدملوج: هو الحلي يلبس على العضد. (لسان العرب) .
الثِّيَابِ مِنْ مُعَصْفَرٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حُلِيٍّ قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَجُوزُ الْمَنْعُ مِنْهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ، وَيُحْمَل كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ فِي الْمَنْعِ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الزِّينَةِ.
وَلُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لِلرَّجُل، وَفِيهِ الْفِدَاءُ، وَيَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ. (1)
8 -
وَمِنَ التَّحَلِّي فِي الإِْحْرَامِ أَنْ يَتَطَيَّبَ فِي بَدَنِهِ. وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ، لَكِنَّهُ سُنَّ اسْتِعْدَادًا لَهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَكَرِهَ الْمَالِكِيَّةُ الإِْحْرَامَ بِمُطَيَّبٍ، وَنَدَبُوهُ بِغَيْرِهِ.
وَالتَّطَيُّبُ فِي ثَوْبِ الإِْحْرَامِ قَبْل الإِْحْرَامِ مَنَعَهُ الْجُمْهُورُ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الْمُعْتَمَدِ عِنْدَهُمْ.
وَأَمَّا بَعْدَ الإِْحْرَامِ فَإِنَّ التَّحْلِيَةَ بِالطِّيبِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ هُوَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ، (2) وَأَمَّا لُبْسُ الْمَرْأَةِ حُلِيَّهَا فِي الإِْحْرَامِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِغْرَاءٌ ر:(إِحْرَامٌ) .
(1) المسلك المتقسط 83، والشرح الكبير 2 / 55، والمجموع 7 / 260، ونهاية المحتاج 2 / 449، ومطالب أولي النهى 2 / 353، والمغني 3 / 330 ط الرياض.
(2)
المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 211 - 216، والمغني لابن قدامة 3 / 315 - 317 م الرياض الحديثة، وتنوير الأبصار 2 / 221، ورد المحتار على الدر المختار 2 / 162، 164، والشرح الكبير 2 / 59، 61 - 62، ومنار السبيل في شرح الدليل 1 / 274 المكتب الإسلامي، وشرح اللباب 80 - 81.