الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالأَْصْل فِي هَذَا الْبَابِ مَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَال: كُنَّا مَعَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُل رَجُلٍ مِنَّا عَلَى خَيَالِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَل قَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (1) وَقَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: قِبْلَةُ الْمُتَحَرِّي جِهَةُ قَصْدِهِ.
ثَالِثًا: التَّحَرِّي فِي الصَّلَاةِ:
13 -
مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ فَلَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِنْ كَانَ يَعْرِضُ لَهُ الشَّكُّ كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ لَهُ رَأْيٌ تَحَرَّى، وَبَنَى عَلَى أَكْبَرِ رَأْيِهِ، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: مَنْ شَكَّ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَبْنِي عَلَى الأَْقَل، وَيَأْتِي بِمَا شَكَّ فِيهِ مُطْلَقًا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا شَكَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ الأَْخْذُ بِالأَْقَل، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ السَّلَامِ فَقَوْلَانِ عِنْدَهُمْ: أَحَدُهُمَا:
(1) سورة البقرة / 115. وحديث عامر بن ربيعة أخرجه ابن ماجه (1 / 326 - ط الحلبي) وذكر ابن كثير الأحاديث في ذلك في تفسيره ثم قال: وهذه الأسانيد فيها ضعف، ولعله يشد بعضها بعضها (تفسير ابن كثير 1 / 278 - ط الأندلس) .
(2)
حديث. " من شك في الصلاة فليتحر الصواب ". تقدم تخريجه (ف 3) .
أَنْ يَقُومَ إِلَى التَّدَارُكِ، كَأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ.
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ الإِْمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ. فَمَنْ كَانَ إِمَامًا وَشَكَّ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى تَحَرَّى وَبَنَى عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيَبْنِي عَلَى الْيَقِينِ (الأَْقَل) ، وَفِي رِوَايَةٍ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ كَالإِْمَامِ، هَذَا إِذَا كَانَ لَهُ رَأْيٌ، أَمَّا إِذَا اسْتَوَى عِنْدَهُ الأَْمْرَانِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ إِمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا (1) .
رَابِعًا: التَّحَرِّي فِي الصَّوْمِ:
14 -
مَنْ كَانَ مَحْبُوسًا أَوْ كَانَ فِي بَعْضِ النَّوَاحِي النَّائِيَةِ عَنِ الأَْمْصَارِ، أَوْ بِدَارِ حَرْبٍ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ التَّعَرُّفُ عَلَى الأَْشْهُرِ بِالْخَبَرِ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّحَرِّي وَالاِجْتِهَادُ فِي مَعْرِفَةِ شَهْرِ رَمَضَانَ، لأَِنَّهُ أَمْكَنَهُ تَأْدِيَةُ فَرْضٍ بِالتَّحَرِّي وَالاِجْتِهَادِ، فَلَزِمَهُ كَاسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ.
فَإِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَنْ أَمَارَةٍ تَقُومُ فِي نَفْسِهِ دُخُول شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ، ثُمَّ إِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ شَهْرَ رَمَضَانَ، أَوْ لَمْ يَنْكَشِفْ لَهُ الْحَال أَجْزَأَهُ فِي قَوْل عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهُ أَدَّى فَرْضَهُ بِالاِجْتِهَادِ، وَأَدْرَكَ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالتَّحَرِّي.
وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَ شَهْرًا قَبْلَهُ، فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ
(1) فتح القدير 1 / 452، والدسوقي 1 / 275، ونهاية المحتاج 1 / 79، والوجيز 1 / 51، والمغني 2 / 17، 18.