الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّأْرِيخُ قَبْل الإِْسْلَامِ:
5 -
لَمْ يَكُنْ لِلْعَرَبِ قَبْل الإِْسْلَامِ تَأْرِيخٌ يَجْمَعُهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ كُل طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تُؤَرِّخُ بِالْحَادِثَةِ الْمَشْهُورَةِ فِيهَا.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ بَنِي إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، كَانُوا يُؤَرِّخُونَ مِنْ نَارِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بُنْيَانِ الْبَيْتِ، حِينَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيل عليهما السلام، ثُمَّ أَرَّخَ بَنُو إِسْمَاعِيل مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ حَتَّى تَفَرَّقُوا، فَكَانَ كُلَّمَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ تِهَامَةَ أَرَّخُوا بِمَخْرَجِهِمْ، وَمَنْ بَقِيَ بِتِهَامَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيل يُؤَرِّخُونَ مِنْ خُرُوجِ سَعْدٍ وَنَهْدٍ وَجُهَيْنَةَ بَنِي زَيْدٍ، مِنْ تِهَامَةَ حَتَّى مَاتَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَأَرَّخُوا مِنْ مَوْتِهِ إِلَى الْفِيل، ثُمَّ كَانَ التَّارِيخُ مِنَ الْفِيل حَتَّى أَرَّخَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه مِنَ الْهِجْرَةِ. (1)
وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِالأَْيَّامِ وَالْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ، كَحَرْبِ الْبَسُوسِ وَدَاحِسٍ وَالْغَبْرَاءِ، وَبِيَوْمِ ذِي قَارٍ، وَالْفُجَّارِ وَنَحْوِهِ.
أَمَّا قَبْل ذَلِكَ، وَفِي الْبِدَايَةِ عِنْدَمَا كَثُرَ بَنُو آدَمَ فِي الأَْرْضِ، فَإِنَّهُمْ أَرَّخُوا مِنْ هُبُوطِ آدَمَ إِلَى الطُّوفَانِ، ثُمَّ إِلَى نَارِ الْخَلِيل عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ يُوسُفَ عليه السلام، ثُمَّ
(1) الكامل لابن الأثير 1 / 10 ط المنيرية، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي ص 146 ط العلمية، وتهذيب ابن عساكر 1 / 22 ط دمشق.
إِلَى خُرُوجِ مُوسَى عليه السلام مِنْ مِصْرَ بِبَنِي إِسْرَائِيل، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ دَاوُدَ عليه السلام، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ سُلَيْمَانَ عليه السلام، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ عِيسَى عليه السلام. وَأَرَّخَتْ حِمْيَرُ بِالتَّبَابِعَةِ، وَغَسَّانُ بِالسَّدِّ، وَأَهْل صَنْعَاءَ بِظُهُورِ الْحَبَشَةِ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ بِغَلَبَةِ الْفُرْسِ (1) . وَأَرَّخَتِ الْفُرْسُ بِأَرْبَعِ طَبَقَاتٍ مِنْ مُلُوكِهَا، وَالرُّومُ بِقَتْل دَارَا بْنِ دَارَا إِلَى ظُهُورِ الْفُرْسِ عَلَيْهِمْ. وَأَرَّخَ الْقِبْطُ بِبُخْتَ نَصَّرَ إِلَى قِلَابَطْرَةَ (كِلْيُوبَتْرَا) صَاحِبَةِ مِصْرَ. وَالْيَهُودُ أَرَّخُوا بِخَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَالنَّصَارَى بِرَفْعِ عِيسَى عليه السلام. (2)
سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ الْهِجْرِيِّ:
6 -
يُرْوَى أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ: أَنْ يَأْتِيَنَا مِنْكَ كُتُبٌ لَيْسَ لَهَا تَارِيخٌ، فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ، وَبَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ، فَقَال عُمَرُ: الْهِجْرَةُ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِل فَأَرِّخُوا بِهَا، وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، فَلَمَّا اتَّفَقُوا قَالُوا: ابْدَءُوا
(1) الإعلان للسخاوي / 146 و147 ط. العلمية.
(2)
الإعلان للسخاوي / 147 - 148 ط. العلمية، وانظر ما ذكره ابن عساكر في تاريخه 1 / 19 - 22 ط. دمشق.