الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى التَّبَذُّل فِي التَّزْكِيَةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ (2) وَلأَِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَضُرَّ بِنَفْسِهِ لِنَفْعِ غَيْرِهِ، وَإِذَا كَانَ مِمَّنْ لَا تُقْبَل شَهَادَتُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ مَقْصُودَ الشَّهَادَةِ لَا يَحْصُل مِنْهُ، وَهَل يَأْثَمُ بِالاِمْتِنَاعِ إِذَا وُجِدَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يَقُومُ مَقَامَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِلْحَنَابِلَةِ:
أَحَدُهُمَا: يَأْثَمُ، لأَِنَّهُ قَدْ تَعَيَّنَ بِدُعَائِهِ، وَلأَِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنِ الاِمْتِنَاعِ بِقَوْلِهِ:{وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} .
وَالثَّانِي: لَا يَأْثَمُ، لأَِنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِي حَقِّهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يُدْعَ إِلَيْهَا. (3)
أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّل:
5 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى جَوَازِ أَخْذِ
(1) سورة البقرة / 282.
(2)
حديث: " لا ضرر ولا ضرار ". أخرجه ابن ماجه وأحمد بن حنبل من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال الهيثمي: رجاله ثقات. ورواه الحاكم والدارقطني عن أبي سعيد رضي الله عنه، والحديث حسنه النووي، وقال: رواه مالك وله طرق يقوي بعضها بعضا. وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به. (سنن ابن ماجه 2 / 784 ط الحلبي، وفيض القدير 6 / 431، 432، وجامع العلوم والحكم ص 286 ط الحلبي) .
(3)
المغني 9 / 147.
الأُْجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّل قَوْلاً وَاحِدًا فِي الْمَذْهَبَيْنِ، إِنْ كَانَ التَّحَمُّل فَرْضَ كِفَايَةٍ وَفِيهِ كُلْفَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ التَّحَمُّل، كَأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ، فَلَهُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ إِنْ كَانَ فِي التَّحَمُّل كُلْفَةٌ عَلَى الأَْصَحِّ فِي الْمَذْهَبَيْنِ.
وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الأَْقْوَال عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فِي أَخْذِ الأُْجْرَةِ عَلَى التَّحَمُّل، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ لِمَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، وَلَا لِمَنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَهُمْ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ. وَقِيل: يَجُوزُ أَخْذُ الأُْجْرَةِ لِلْحَاجَةِ، وَقِيل: يَجُوزُ مُطْلَقًا.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَتَحَمُّل الشَّهَادَةِ - وَكَذَلِكَ أَدَاؤُهَا - يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يُعْتَبَرُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَلَا أُجْرَةَ لِلشَّاهِدِ. (1)
تَحَمُّل الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ:
6 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي الأَْمْوَال، وَمَا يُقْصَدُ بِهِ الْمَال، وَالأَْنْكِحَةُ، وَالْفُسُوخُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّضَاعُ، وَالْوِلَادَةُ، وَعُيُوبُ النِّسَاءِ، وَحُقُوقُ اللَّهِ عَدَا
(1) ابن عابدين 4 / 370، والاختيار 2 / 147، والفتاوى الهندية 3 / 452، والدسوقي 4 / 199، وتحفة المحتاج 8 / 481، والروضة 11 / 275، والإنصاف 12 / 6 - 7