الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التَّعَدِّي يَسِيرًا، وَلَمْ يَبْطُل الْغَرَضُ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ التَّعَدِّي كَثِيرًا، وَلَمْ يُبْطِل الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَسِيرِ. (1)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي بَابِ (الْغَصْبِ) .
التَّبْعِيضُ فِي الْقِصَاصِ:
34 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ مِمَّا لَا يَتَبَعَّضُ بِالتَّبْعِيضِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي التَّفَاصِيل:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ إِذَا عَفَا عَنْ بَعْضِ الْقَاتِل كَانَ عَفْوًا عَنْ كُلِّهِ، وَكَذَا إِذَا عَفَا بَعْضُ الأَْوْلِيَاءِ، صَحَّ الْعَفْوُ، وَسَقَطَ الْقِصَاصُ كُلُّهُ، وَلَمْ يَبْقَ لأَِحَدٍ إِلَيْهِ سَبِيلٌ. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَرُوِيَ مَعْنَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَطَاوُسٍ وَالشَّعْبِيِّ.
لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَل قَتِيلاً، فَجَاءَ وَرَثَةُ الْمَقْتُول لِيَقْتُلُوهُ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ الْمَقْتُول، وَهِيَ أُخْتُ الْقَاتِل: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ حَقِّي، فَقَال عُمَرُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، عَتَقَ الْقَتِيل.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ زَيْدٍ قَال: دَخَل رَجُلٌ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَوَجَدَ عِنْدَهَا رَجُلاً فَقَتَلَهَا، فَاسْتَعْدَى
(1) الحطاب 5 / 293.
إِخْوَتُهَا عُمَرَ، فَقَال بَعْضُ إِخْوَتِهَا: قَدْ تَصَدَّقْتُ. فَقَضَى لِسَائِرِهِمْ بِالدِّيَةِ. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَفْوَ بَعْضِ الْوَرَثَةِ لَا يُسْقِطُ الْقَوَدَ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الْعَافِي مُسَاوِيًا لِمَنْ بَقِيَ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ أَنْزَل دَرَجَةً لَمْ يَسْقُطِ الْقَوَدُ بِعَفْوِهِ. فَإِنِ انْضَافَ إِلَى الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا الأُْنُوثَةُ كَالْبَنَاتِ مَعَ الأَْبِ أَوِ الْجَدِّ، فَلَا عَفْوَ إِلَاّ بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ، فَإِنِ انْفَرَدَ الأَْبَوَانِ فَلَا حَقَّ لِلأُْمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَتْلٍ. (2)
وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْل الْمَدِينَةِ، وَقِيل: هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ إِلَى أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ؛ لأَِنَّ النَّفْسَ قَدْ تُؤْخَذُ بِبَعْضِ النَّفْسِ بِدَلِيل قَتْل الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ. (3)
التَّبْعِيضُ فِي الْعَفْوِ عَنِ الْقَذْفِ:
35 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِهِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال الْمَالِكِيَّةِ (مَا لَمْ يَبْلُغِ الإِْمَامَ) إِلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّبْعِيضِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ، فَإِذَا عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي حَدِّ الْقَذْفِ يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ اسْتِيفَاءُ
(1) بدائع الصنائع 7 / 247، وروضة الطالبين 9 / 239، 242، والمغني 7 / 743 وما بعدها، والمنثور في القواعد للزركشي 3 / 153، والأشباه والنظائر للسيوطي ص143، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 189.
(2)
الحطاب 6 / 253.
(3)
المغني 7 / 743.