الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَوَال الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا. (1)
وَالأَْصْل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ: أَنَّ نَجِسَ الْعَيْنِ لَا يَطْهُرُ بِالاِسْتِحَالَةِ، فَالْكَلْبُ أَوْ غَيْرُهُ يُلْقَى فِي الْمَلَاّحَةِ فَيَصِيرُ مِلْحًا، وَالدُّخَانُ الْمُتَصَاعِدُ مِنْ وُقُودِ النَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ الْبُخَارُ الْمُتَصَاعِدُ مِنْهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ مِنْهُ نَدَاوَةٌ عَلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ، ثُمَّ قَطَّرَ، نَجِسٌ. (2)
4 -
ثُمَّ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْخَمْرَ إِذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا خَلًّا فَتَطْهُرُ بِالتَّخَلُّل؛ لأَِنَّ عِلَّةَ النَّجَاسَةِ الإِْسْكَارُ وَقَدْ زَالَتْ، وَلأَِنَّ الْعَصِيرَ لَا يَتَخَلَّل إِلَاّ بَعْدَ التَّخَمُّرِ غَالِبًا، فَلَوْ لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّهَارَةِ تَعَذَّرَ الْحُصُول عَلَى الْخَل، وَهُوَ حَلَالٌ بِالإِْجْمَاعِ.
وَأَمَّا إِنْ خُلِّلَتْ بِطَرْحِ شَيْءٍ فِيهَا بِفِعْل إِنْسَانٍ فَلَا تَطْهُرُ عِنْدَهُمْ.
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا لَوْ تَخَلَّلَتْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ فَلَا تَطْهُرُ عِنْدَهُمْ أَيْضًا، سَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ دَخْلٌ فِي التَّخْلِيل كَبَصَلٍ وَخُبْزٍ حَارٍّ، أَمْ لَا كَحَصَاةٍ.
وَكَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْمُلْقَاةُ طَاهِرَةً أَوْ نَجِسَةً. (3) وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ أَكْثَرُ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَخْلِيلٌ وَاسْتِحَالَةٌ) .
(1) ابن عابدين 1 / 209، 217، والدسوقي 1 / 52 - 53، والإنصاف 1 / 318، والمغني 9 / 72.
(2)
نهاية المحتاج 1 / 247، ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني 1 / 72 ط مكتبة الرياض الحديثة، وروضة الطالبين 1 / 28 ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر.
(3)
المراجع السابقة.
ب -
تَطْهِيرُ الْجِلْدِ بِالدِّبَاغِ:
5 -
لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي نَجَاسَةِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْل الدِّبَاغِ، (1) وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهِ بَعْدَهُ عَلَى اتِّجَاهَاتٍ كَثِيرَةٍ. وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ وَخِلَافٌ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ، فَصَّلَهُ الْفُقَهَاءُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنِ النَّجَاسَةِ وَكَيْفِيَّةِ تَطْهِيرِهَا، (2) وَيُرَاجَعُ فِيهِ أَيْضًا مُصْطَلَحُ:(دِبَاغَةٌ) .
ج -
تَحَوُّل الْوَصْفِ أَوِ الْحَالَةِ:
تَحَوُّل الْمَاءِ الرَّاكِدِ إِلَى الْمَاءِ الْجَارِي:
6 -
الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمَاءَ النَّجِسَ الرَّاكِدَ إِذَا تَحَوَّل إِلَى جَارٍ يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ جَرَيَانِهِ، وَالْجَارِي مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ جَارِيًا (3) بِأَنْ يَدْخُل الْمَاءَ مِنْ جَانِبٍ وَيَخْرُجَ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ حَال دُخُولِهِ، وَإِنْ قَل الْخَارِجُ، لأَِنَّهُ صَارَ جَارِيًا حَقِيقَةً، وَبِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَقَعَ الشَّكُّ فِي بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، فَلَا تَبْقَى مَعَ الشَّكِّ.
وَفِيهِ قَوْلَانِ ضَعِيفَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
الأَْوَّل: لَا يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ التَّحَوُّل، بَل لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِ قَدْرِ مَا فِيهِ.
وَالثَّانِي: لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِ ثَلَاثَةِ أَمْثَالِهِ.
(1) يسمى الجلد قبل الدباغ (إهابا) و (مسكا) .
(2)
ابن عابدين 1 / 135، 136 ط دار إحياء التراث الإسلامي بيروت، وحاشية الدسوقي 1 / 54، 55 ط دار الفكر، والمغني 1 / 66 وما بعدها.
(3)
الاختيار 1 / 15.
وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْل الْمُخْتَارِ وَالْقَوْلَيْنِ الآْخَرَيْنِ فِي: أَنَّ الْخَارِجَ مِنَ الْحَوْضِ يَكُونُ طَاهِرًا بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ، بِنَاءً عَلَى الْقَوْل الْمُخْتَارِ. وَلَا يَكُونُ طَاهِرًا قَبْل الْحُكْمِ بِطَهَارَةِ الْمَاءِ الرَّاكِدِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الآْخَرَيْنِ.
وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ: الْبِئْرُ وَحَوْضُ الْحَمَّامِ وَالأَْوَانِي. (1)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ يَتَحَوَّل الْمَاءُ الْكَثِيرُ النَّجِسُ طَهُورًا بِزَوَال التَّغَيُّرِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِصَبِّ مَاءٍ مُطْلَقٍ عَلَيْهِ، قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، أَوْ مَاءٍ مُضَافٍ مُقَيَّدٍ انْتَفَتْ نَجَاسَتُهُ، أَمْ بِإِلْقَاءِ شَيْءٍ فِيهِ كَتُرَابٍ أَوْ طِينٍ، وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ أَحَدُ أَوْصَافِ مَا أُلْقِيَ فِيهِ. لأَِنَّ تَنَجُّسَهُ إِنَّمَا كَانَ لأَِجْل التَّغَيُّرِ وَقَدْ زَال، وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا، كَالْخَمْرِ إِذَا صَارَتْ خَلًّا، وَفِي تَغَيُّرِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِنَزْحِ بَعْضِهِ قَوْلَانِ. (2)
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمَاءَ إِذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ لَا يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ نَجِسٍ، لِحَدِيثِ إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِل الْخَبَثَ (3) أَيْ لَا يَقْبَل النَّجِسَ.
هَذَا مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ فَيَنْجُسُ
(1) ابن عابدين 1 / 130، 131.
(2)
حاشية الدسوقي 1 / 46، 47.
(3)
حديث: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث " أخرجه أبو داود واللفظ له والترمذي والحاكم، ونسبه ابن حجر أيضا إلى الشافعي وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي. قال المباركفوري بعد سرد طرق الحديث المختلفة: والحاصل أن الحديث صحيح قابل للاحتجاج، وكل ما اعتذروا به عن العمل والقول به فهو مدفوع. (سنن أبي داود 1 / 51 ط عزت عبيد دعاس، وتحفة الأحوذي 1 / 215 - 221 نشر المكتبة السلفية، والمستدرك 1 / 132، والتلخيص الحبير 1 / 16 نشر المكتبة الأثرية، ونيل الأوطار 1 / 37 ط دار الجيل، والسنن الكبرى للبيهقي 1 / 260) .
لِحَدِيثِ: إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلَاّ مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ. (1)
فَإِنْ تَغَيَّرَ وَصْفٌ مِنْ هَذِهِ الأَْوْصَافِ تَنَجَّسَ، فَإِنْ زَال تَغَيُّرُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَاءٍ انْضَمَّ إِلَيْهِ طَهُرَ. وَمَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ، فَإِنْ بَلَغَهُمَا بِمَاءٍ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ فَطَهُورٌ. وَلَوْ كَوْثَرٌ بِإِيرَادِ طَهُورٍ فَلَمْ يَبْلُغْ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَطْهُرْ. وَقِيل: هُوَ طَاهِرٌ لَا طَهُورٌ. (2)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: يَخْتَلِفُ تَطْهِيرُ الْمَاءِ الْمُتَنَجِّسِ بِالْمُكَاثَرَةِ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالٍ ثَلَاثٍ لِلْمَاءِ:
(1) حديث: " إن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما. . . " أخرجه البيهقي بلفظ " إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحدث فيها " وقال: الحديث غير قوي، إلا أنا لا نعلم خلافا في نجاسة الماء إذا تغير بالنجاسة. وقال النووي: اتفق المحدثون على تضعيفه، قال في البدر المنير: إن الاستثناء المذكور ضعيف فتعين الاحتجاج على نجاسة الماء المتغير بالنجاسة بالإجماع. أما شطر الحديث الأول: " إن الماء طهور لا ينجسه شيء " فقد أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن. وقد صححه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل والحاكم وغيره. (السنن الكبرى للبيهقي 1 / 260 ط الهند، وتحفة الأحوذي 1 / 203 - 205 نشر المكتبة السلفية، ونيل الأوطار للشوكاني 1 / 34، 35 ط دار الجيل) .
(2)
المنهاج للنووي وشرحه للمحلي 1 / 21 و 22.