الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ جَرَوْا عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ يَصْدُقُ عَلَى الْعُقُوبَةِ الصَّادِرَةِ مِنَ الزَّوْجِ أَوِ الأَْبِ أَوْ غَيْرِهِمَا -، كَمَا يَصْدُقُ عَلَى فِعْل الإِْمَامِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: التَّعْزِيرُ يَفْعَلُهُ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ، وَكُل مَنْ رَأَى أَحَدًا يُبَاشِرُ الْمَعْصِيَةَ (1) .
هَذَا، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِالْعُقُوبَةِ الصَّادِرَةِ مِنَ الإِْمَامِ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ فِي مُصْطَلَحِ (تَعْزِيرٌ)
فَالتَّأْدِيبُ أَعَمُّ مِنَ التَّعْزِيرِ فِي أَحَدِ إِطْلَاقَيْهِ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 -
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ تَأْدِيبِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِهِ الزَّوْجِيَّةِ، وَفِي أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ. (2)
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ تَأْدِيبِهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَتَرْكِ الصَّلَاةِ، فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَنْعِ، وَجَوَّزَهُ آخَرُونَ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (3)
كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ تَأْدِيبُ
(1) المبسوط للسرخسي 9 / 36، وفتح القدير 7 / 119، ومغني المحتاج 4 / 191، 199، وتبصرة الحكام 2 / 293، وكشاف القناع 4 / 72، وحاشية ابن عابدين 3 / 177.
(2)
المغني لابن قدامة 7 / 47، والأم للشافعي 5 / 194، والرهوني 8 / 165، ومواهب الجليل 4 / 16، وابن عابدين 3 / 190.
(3)
حاشية ابن عابدين 1 / 235، 5 / 363، ومغني المحتاج 1 / 131، والمغني لابن قدامة 1 / 615 - 616.
الصَّبِيِّ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ، وَلِتَعْلِيمِ الْفَرَائِضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذَلِكَ بِالْقَوْل إِذَا بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ، وَبِالضَّرْبِ إِنْ لَزِمَ لإِِصْلَاحِهِ إِذَا بَلَغَ عَشْرًا؛ لِحَدِيثِ: عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلَاةَ لِسَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ (1) .
وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ تَأْدِيبِ الإِْمَامِ وَنُوَّابِهِ لِمَنْ رُفِعَ إِلَيْهِمْ:
فَذَهَبَ الأَْئِمَّةُ: أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ، إِلَى وُجُوبِ إِقَامَةِ التَّأْدِيبِ عَلَيْهِمْ فِيمَا شُرِعَ التَّأْدِيبُ فِيهِ، إِلَاّ إِذَا رَأَى الإِْمَامُ أَنَّ فِي تَرْكِ التَّأْدِيبِ مَصْلَحَةً، وَقَالُوا: إِنَّهُ إِنْ كَانَ التَّأْدِيبُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ وَجَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، يَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَرَأَى الإِْمَامُ مَصْلَحَةً فِي إِقَامَةِ التَّأْدِيبِ، أَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُذْنِبَ لَا يَنْزَجِرُ إِلَاّ بِالضَّرْبِ وَجَبَ؛ لأَِنَّهُ زَاجِرٌ مَشْرُوعٌ لِوَجْهِ اللَّهِ فَوَجَبَ كَالْحَدِّ (2) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الإِْمَامِ إِقَامَةُ التَّأْدِيبِ، وَلَهُ تَرْكُهُ.
وَحُجَّتُهُمْ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْرَضَ عَنْ جَمَاعَةٍ
(1) حديث: " علموا الصبي الصلاة. . . " أخرجه أبو داود (1 / 332 - ط عزت عبيد دعاس) والترمذي (2 / 259 - ط الحلبي) وحسنه، واللفظ للترمذي.
(2)
ابن عابدين 3 / 187، ومواهب الجليل 6 / 320، والمغني لابن قدامة 8 / 326.