الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَالنِّصْفِ وَالرُّبُعِ، أَوْ أَضَافَهُ إِلَى عُضْوٍ: بَاطِنًا كَانَ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ، أَوْ ظَاهِرًا كَالْيَدِ وَالرِّجْل، طَلُقَتْ كُلُّهَا عِنْدَ الأَْئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَزُفَرَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا زُفَرَ - فَفَرَّقُوا بَيْنَ إِضَافَةِ الطَّلَاقِ إِلَى جُمْلَتِهَا، أَوْ إِلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنْهَا كَالرَّقَبَةِ، أَوِ الْعُنُقِ أَوِ الرُّوحِ، أَوِ الْبَدَنِ أَوِ الْجَسَدِ، أَوْ إِلَى جُزْءٍ شَائِعٍ كَنِصْفِهَا أَوْ ثُلُثِهَا، وَبَيْنَ إِضَافَتِهِ إِلَى مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْجُمْلَةِ كَالْيَدِ وَالرِّجْل حَيْثُ تَطْلُقُ فِي الْحَالَةِ الأُْولَى دُونَ الثَّانِيَةِ. (1)
وَالتَّبْعِيضُ فِي الطَّلَاقِ مِنْ فُرُوعِ قَاعِدَةِ " مَا لَا يَقْبَل التَّبْعِيضَ فَاخْتِيَارُ بَعْضِهِ كَاخْتِيَارِ كُلِّهِ، وَإِسْقَاطُ بَعْضِهِ كَإِسْقَاطِ كُلِّهِ ".
التَّبْعِيضُ فِي الْوَصِيَّةِ:
39 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ التَّبْعِيضِ فِي الْوَصِيَّةِ، إِذَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ شَائِعٍ. كَمَنْ أَوْصَى بِجُزْءٍ أَوْ سَهْمٍ مِنْ مَالِهِ، فَالْبَيَانُ إِلَى الْوَرَثَةِ يُقَال لَهُمْ: أَعْطُوهُ شَيْئًا؛ لأَِنَّهُ مَجْهُولٌ يَتَنَاوَل الْقَلِيل وَالْكَثِيرَ، وَالْوَصِيَّةُ لَا تَمْتَنِعُ
(1) ابن عابدين 2 / 435، 436، 437، والحطاب 4 / 62، 65، وروضة الطالبين 8 / 63، 64، 85، 86، والمغني 7 / 242، 243، والأشباه والنظائر لابن نجيم / 74.
بِالْجَهَالَةِ وَمِثْلُهُ الْحَظُّ، وَالشِّقْصُ، وَالنَّصِيبُ، وَالْبَعْضُ (لأَِنَّ الْوَصِيَّةَ حَقِيقَتُهَا تَصَرُّفُ الْمَالِكِ فِي جُزْءٍ مِنْ حُقُوقِهِ) . (1)
كَذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ: كَمَنْ أَوْصَى بِقُطْنِهِ لِرَجُلٍ، وَبِحَبِّهِ لآِخَرَ، أَوْ أَوْصَى بِلَحْمِ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ لِرَجُلٍ وَبِجِلْدِهَا لآِخَرَ، أَوْ أَوْصَى بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لِرَجُلٍ، وَبِالتِّبْنِ لآِخَرَ.
جَازَتِ الْوَصِيَّةُ لَهُمَا، وَعَلَى الْمُوصَى لَهُمَا أَنْ يَدُوسَا الْحَبَّ، أَوْ يَسْلُخَا الشَّاةَ، أَوْ يَحْلِجَا الْقُطْنَ. وَلَوْ بَانَتِ الشَّاةُ حَيَّةً فَأُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَى صَاحِبِ اللَّحْمِ خَاصَّةً؛ لأَِنَّ التَّذْكِيَةَ لأَِجْل اللَّحْمِ لَا الْجِلْدِ. (2)
وَفِي الْمُغْنِي: إِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِخَاتَمٍ وَلآِخَرَ بِفَصِّهِ صَحَّ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا الاِنْتِفَاعُ بِهِ إِلَاّ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا طَلَبَ قَلْعَ الْفَصِّ مِنَ الْخَاتَمِ أُجِيبَ إِلَيْهِ، وَأُجْبِرَ الآْخَرُ عَلَيْهِ. (3)
التَّبْعِيضُ فِي الْعِتْقِ:
40 -
مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا مَمْلُوكًا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ:
(1) ابن عابدين 5 / 429، والحطاب 6 / 364، وروضة الطالبين 6 / 112، والمغني 6 / 63، 64.
(2)
ابن عابدين 5 / 429.
(3)
ابن عابدين 5 / 425، والحطاب 6 / 372، والمغني 6 / 64، وروضة الطالبين 6 / 150.
فَفِي الْحَالَةِ الأُْولَى:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ الإِْعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ وَلَا يَتَبَعَّضُ بِالتَّبْعِيضِ؛ لأَِنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ السِّرَايَةَ، فَمَنْ أَعْتَقَ بَعْضَ مَمْلُوكٍ لَهُ، فَإِنَّهُ يَسْرِي الْعِتْقُ إِلَى بَاقِيهِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مُعَيَّنًا كَرَأْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ، أَوْ جُزْءًا مُشَاعًا كَنِصْفِهِ، أَوْ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ، عَتَقَ الرَّقِيقُ كُلُّهُ. (1)
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الإِْعْتَاقَ يَتَجَزَّأُ، سَوَاءٌ كَانَ بَاقِيهِ لَهُ، أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا أَوْ مُوسِرًا. (2)
41 -
وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ: وَهِيَ مَا إِذَا كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا، وَأَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ أَوْ بَعْضَهَا، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ تَبَعًا لِكَوْنِ الْمُعْتِقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا:
فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم: عَتَقَ مَا عَتَقَ وَيَبْقَى الْبَاقِي رَقِيقًا (3) . وَبِهِ قَال الْبَتِّيُّ: وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى
(1) بدائع الصنائع 4 / 86، وفتح القدير 4 / 255، وابن عابدين 3 / 15، والحطاب 6 / 336، وروضة الطالبين 12 / 110، 111، وكشاف القناع 4 / 515، 516، والمغني 9 / 335، 336.
(2)
فتح القدير 4 / 355، وبدائع الصنائع 4 / 86، وابن عابدين 3 / 15.
(3)
بدائع الصنائع 4 / 86، والمغني 9 / 336.
ابْنُ التَّلْبِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. (1)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُعْتِقَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا عَتَقَ كُلَّهُ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَاقِيهِ لِشَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبَهُ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي إِلَى بَاقِيهِ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ. (2) لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ شِرْكًا، أَوْ قَال: نَصِيبًا، وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْل فَهُوَ عَتِيقٌ، وَإِلَاّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ. (3)
وَهَذَا قَوْل إِسْحَاقَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ جَرِيرٍ.
وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ إِلَاّ الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ وَالسِّعَايَةُ مَعَ الإِْعْسَارِ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ شُبْرُمَةَ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَالأَْوْزَاعِيِّ (4) . لِمَا رَوَى
(1) حديث: " أن رجلا أعتق نصيا له. . . " أخرجه أبو داود 4 / 259 ط عزت عبيد دعاس وحسنه ابن حجر في الفتح 5 / 159 ط السلفية.
(2)
الحطاب 6 / 336، وروضة الطالببن 12 / 112، وكشاف القناع 4 / 515، 516، والمغني 9 / 341، 336.
(3)
حديث: " من أعتق شقصا له من عبد أو شركا نصيبا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 132 ط السلفية) ومسلم (3 / 1286 ط الحلبي) من حديث ابن عمر.
(4)
فتح القدير 4 / 260، وبدائع الصنائع 4 / 86، والمغني 9 / 341.