الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا التَّبْعِيضُ فِي إِيفَاءِ الْقَرْضِ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يُوفِيَهُ أَنْقَصَ مِمَّا أَقْرَضَهُ. فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا أَمْ لَا، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لأَِصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأَِنَّ الْقَرْضَ يَقْتَضِي الْمِثْل، فَشَرْطُ النُّقْصَانِ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ، فَلَمْ يَجُزْ كَشَرْطِ الزِّيَادَةِ.
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْقَرْضَ جُعِل لِلرِّفْقِ بِالْمُسْتَقْرِضِ، وَشَرْطُ النُّقْصَانِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ مَوْضُوعِهِ. (1)
26 -
وَأَمَّا تَعْجِيل بَعْضِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل مِنْ قِبَل الْمَدِينِ فِي مُقَابِل تَنَازُل الْغَرِيمِ عَنْ بَعْضِ الدَّيْنِ، فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، لَكِنْ إِنْ تَنَازَل الْمَقْرُوضُ بِلَا شَرْطٍ مَلْفُوظٍ أَوْ مَلْحُوظٍ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ فَهُوَ جَائِزٌ. ر: مُصْطَلَحَ (أَجَلٌ)(ف: 89) .
التَّبْعِيضُ فِي الرَّهْنِ:
27 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ التَّبْعِيضِ فِي الرَّهْنِ، فَيَجُوزُ رَهْنُ بَعْضِ الْمُشَاعِ عِنْدَهُمْ، رَهَنَهُ عِنْدَ شَرِيكِهِ أَوْ غَيْرِهِ، قَبِل الْقِسْمَةَ أَمْ لَمْ يَقْبَلْهَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْبَاقِي مِنَ الْمُشَاعِ لِلرَّاهِنِ أَمْ لِغَيْرِهِ. (2)
(1) ابن عابدين 3 / 353، والمغني 4 / 357.
(2)
الحطاب 5 / 2، وروضة الطالبين 4 / 38، والمغني4 / 316.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ الْمُشَاعِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُقَارِنًا كَنِصْفِ دَارٍ، أَمْ طَارِئًا: كَأَنْ يَرْهَنَ الْجَمِيعَ ثُمَّ يَتَفَاسَخَا فِي الْبَعْضِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الطَّارِئَ لَا يَضُرُّ، وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ شَرِيكِهِ أَمْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُقْسَمُ أَمْ لَا.
فَالأَْصْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ رَهْنُ الْمُشَاعِ، فَلَا يَجُوزُ التَّبْعِيضُ فِيهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الأَْصْل الصُّوَرُ التَّالِيَةُ:
أ - إِذَا كَانَتْ عَيْنًا بَيْنَهُمَا، رَهَنَاهَا عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَهْنًا وَاحِدًا.
ب - إِذَا ثَبَتَ الشُّيُوعُ فِيهِ ضَرُورَةً، كَمَا لَوْ جَاءَ بِثَوْبَيْنِ، وَقَال: خُذْ أَحَدَهُمَا رَهْنًا وَالآْخَرُ بِضَاعَةً عِنْدَكَ، فَإِنَّ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَصِيرُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ،؛ لأَِنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنَ الآْخَرِ، فَيَشِيعُ الرَّهْنُ فِيهِمَا بِالضَّرُورَةِ، فَلَا يَضُرُّ. (1)
28 -
أَمَّا حَقُّ الْوَثِيقَةِ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ الْحَبْسُ لِلتَّوَثُّقِ، فَلَا يَتَبَعَّضُ بِأَدَاءِ بَعْضِ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الدَّيْنَ يَتَعَلَّقُ بِالرَّهْنِ جَمِيعِهِ، فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِكُل الْحَقِّ، وَبِكُل جُزْءٍ مِنْهُ، لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَقْضِيَ جَمِيعَ الدَّيْنِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِمَّا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ أَمْ لَا يُمْكِنُ.
قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ رَهَنَ شَيْئًا بِمَالٍ فَأَدَّى
(1) ابن عابدين 5 / 315، 317.