الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} (1)
وَلِهَذَا قَال الْفُقَهَاءُ: بِوُجُوبِ الطَّلَاقِ فِي أَحْوَالٍ، وَبِنَدْبِهِ فِي أَحْوَالٍ أُخْرَى - كَمَا تَقَدَّمَ - عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الضَّرَرِ، وَذَلِكَ تَقْدِيمًا لِلضَّرَرِ الأَْخَفِّ عَلَى الضَّرَرِ الأَْشَدِّ، وَفْقًا لِلْقَاعِدَةِ الْفِقْهِيَّةِ الْكُلِّيَّةِ " يُخْتَارُ أَهْوَنُ الشَّرَّيْنِ (2) ". وَالْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ الْقَائِلَةُ:" الضَّرَرُ الأَْشَدُّ يُزَال بِالضَّرَرِ الأَْخَفِّ (3) " وَيُسْتَأْنَسُ فِي ذَلِكَ بِمَا وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُول اللَّهِ: ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ، وَلَكِنَّنِي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الإِْسْلَامِ، قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْبَل الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً (4) .
مَنْ لَهُ حَقُّ الطَّلَاقِ:
11 -
الطَّلَاقُ: نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَرْقِ وَهُوَ مِلْكٌ لِلزَّوْجِ وَحْدَهُ، ذَلِكَ أَنَّ الرَّجُل يَمْلِكُ مُفَارَقَةَ زَوْجَتِهِ إِذَا وَجَدَ مَا يَدْعُوهُ إِلَى ذَلِكَ بِعِبَارَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْمُنْفَرِدَةِ، كَمَا تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ
(1) الآية 130 من سورة النساء.
(2)
مادة 29 من مجلة الأحكام العدلية.
(3)
المادة 27 من مجلة الأحكام العدلية.
(4)
حديث: " أتردين عليه حديقته. . . ". أخرجه البخاري فتح الباري (9 / 395) .
طَلَبَ إِنْهَاءِ عَلَاقَتِهَا الزَّوْجِيَّةِ إِذَا وُجِدَ مَا يُبَرِّرُ ذَلِكَ، كَإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ، وَغَيْبَةِ الزَّوْجِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابٍ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا تَوْسِعَةً وَتَضْيِيقًا، وَلَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ بِعِبَارَتِهَا، وَإِنَّمَا بِقَضَاءِ الْقَاضِي، إِلَاّ أَنْ يُفَوِّضَهَا الزَّوْجُ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّهَا فِي هَذِهِ الْحَال تَمْلِكُهُ بِقَوْلِهَا أَيْضًا.
فَإِذَا اتَّفَقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الْفِرَاقِ، جَازَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَتِمُّ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى قَضَاءٍ، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي، فَإِنَّ لَهُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِذَا قَامَ مِنَ الأَْسْبَابِ مَا يَدْعُوهُ لِذَلِكَ، حِمَايَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا فِي رِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - أَوْ إِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْمَجُوسِيَّيْنِ وَامْتِنَاعِ الآْخَرِ عَنِ الإِْسْلَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. . إِلَاّ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يُسَمَّى طَلَاقًا سِوَى الأَْوَّل الَّذِي يَكُونُ بِإِرَادَةِ الزَّوْجِ الْخَاصَّةِ وَعِبَارَتِهِ (1) . وَالدَّلِيل عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ هَذَا حَقُّ الزَّوْجِ خَاصَّةً قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (2) . ثُمَّ إِنَّ الرَّجُل الْمُطَلِّقَ لَا يُسْأَل عَنْ سَبَبِ
(&# x661 ;) ابن عابدين 3 / 242.
(2)
حديث: " إنما الطلاق لمن أخذ الساق ". أخرجه ابن ماجه (1 / 672) من حديث ابن عباس، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 358) .