الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا، وَالْمَدَارُ عَلَى مَعْرِفَةِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ مِنَ الطَّلَاقِ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1) وَقَدْ فَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَا جِمَاعَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (2) . وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَسَأَل عُمَرُ رضي الله عنه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيَتْرُكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ، ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْل أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ (3) . وَمَا وَرَدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: طَلَاقُ السُّنَّةِ تَطْلِيقَةٌ وَهِيَ طَاهِرٌ فِي غَيْرِ جِمَاعٍ، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى، فَإِذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ طَلَّقَهَا أُخْرَى، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَيْضَةٍ (4) .
(1) الآية 1 من سورة الطلاق.
(2)
المغني 7 / 298.
(3)
حديث: " مرة فليراجعها. . . " تقدم فـ 9.
(4)
المغني 7 / 298. وأثر عبد الله بن مسعود: طلاق السنة تطليقة، أخرجه النسائي (6 / 140) .
وَالْمَعْنَى الْعَامُّ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ، أَنَّ السُّنِّيَّ يَمْنَعُ النَّدَمَ، وَيُقَصِّرُ الْعِدَّةَ عَلَى الْمَرْأَةِ فَيَقِل تَضَرُّرُهَا مِنْ الطَّلَاقِ.
حُكْمُ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ:
41 -
اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ، مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى وُقُوعِ الإِْثْمِ فِيهِ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ الْمُتَقَدِّمَةَ. فَإِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي الْحَيْضِ وَجَبَ عَلَيْهِ مُرَاجَعَتُهَا، رَفْعًا لِلإِْثْمِ لَدَى الْحَنَفِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، وَقَال الْقُدُورِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الرَّجْعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لَا وَاجِبَةٌ (1) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ مُرَاجَعَةَ مَنْ طَلَّقَهَا بِدْعِيًّا سُنَّةٌ، وَعَبَّرَ الْحَنَابِلَةُ عَنْ ذَلِكَ بِالاِسْتِحْبَابِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَقْسِيمِ الْبِدْعِيِّ إِلَى: حَرَامٍ وَمَكْرُوهٍ، فَالْحَرَامُ: مَا وَقَعَ فِي الْحَيْضِ أَوِ النِّفَاسِ مِنَ الطَّلَاقِ مُطْلَقًا، وَالْمَكْرُوهُ: مَا وَقَعَ فِي غَيْرِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، كَمَا لَوْ أَوْقَعَهُ فِي طُهْرِهَا الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ، وَعَلَى هَذَا يُجْبَرُ الْمُطَلِّقُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ عَلَى الرَّجْعَةِ رَفْعًا لِلْحُرْمَةِ، وَلَا يُجْبَرُ غَيْرُهُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ بِدْعِيًّا (2) .
(1) ابن عابدين 3 / 233.
(2)
الدسوقي 2 / 361 - 362.