الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّرْطُ الثَّالِثُ:
11 -
أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ مُشْتَمِلاً عَلَى مَعْنَى التَّحْرِيمِ.
فَإِذَا قَال الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي مَثَلاً، يَقْصِدُ مِنْ ذَلِكَ تَحْرِيمَ إِتْيَانِ زَوْجَتِهِ كَتَحْرِيمِ إِتْيَانِ أُمِّهِ، أَوْ تَحْرِيمَ التَّلَذُّذِ وَالاِسْتِمْتَاعِ بِهَا كَتَحْرِيمِ التَّلَذُّذِ بِالأُْمِّ وَالاِسْتِمْتَاعِ بِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ ظِهَارًا.
وَإِذَا كَانَ التَّشْبِيهُ لَا يَشْتَمِل عَلَى التَّحْرِيمِ لَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَذَلِكَ كَمَا إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ زَوْجَتَانِ، فَشَبَّهَ إِحْدَاهُمَا بِظَهْرِ الأُْخْرَى؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَتَيْنِ يَحِل لِلزَّوْجِ قُرْبَانُهَا، فَلَا يَكُونُ تَشْبِيهُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالأُْخْرَى مُتَضَمِّنًا لِلتَّحْرِيمِ حَتَّى يَكُونَ ظِهَارًا. وَكَذَا إِذَا قَالَتِ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا: أَنْتَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ: أَنَا عَلَيْكَ كَظَهْرِ أُمِّكَ فَهُوَ لَغْوٌ، لأَِنَّ التَّحْرِيمَ لَيْسَ إِلَيْهَا.
12 -
وَإِنْ شَبَّهَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَكُونُ ظِهَارًا، كَأَنْ يَقُول لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْخَمْرِ أَوِ الْخِنْزِيرِ أَوِ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَلَكِنْ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى نِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ، فَإِنْ قَال: قَصَدْتُ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا، وَإِنْ قَال: قَصَدْتُ التَّحْرِيمَ أَوْ: لَمْ أَقْصِدْ شَيْئًا أَصْلاً كَانَ إِيلَاءً (1) .
(1) البدائع 3 / 170، 232، وفتح القدير على الهداية 3 / 225، والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 2 / 887، 888.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَكُل شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ تَطْلُقُ عَلَيْهِ طَلَاقًا بَائِنًا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ نَافِعٍ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: قَال رَبِيعَةُ: مَنْ قَال: أَنْتِ عَلَيَّ مِثْل كُل شَيْءٍ حَرَّمَهُ الْكِتَابُ، فَهُوَ مُظَاهِرٌ، وَعِنْدَهُمْ يَلْزَمُ الظِّهَارُ بِأَيِّ كَلَامٍ نَوَى بِهِ الظِّهَارَ، نَحْوُ: كُلِي، أَوِ اشْرَبِي، أَوِ اسْقِنِي، أَوِ اخْرُجِي (1) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ: كَأَنْ يَقُول: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ، أَوِ الدَّمِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ:
إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَيْسَ بِظِهَارٍ، وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لأَِنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَا لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلاِسْتِمَاعِ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَال: أَنْتِ عَلَيَّ كَمَال زَيْدٍ، وَهَل فِيهِ كَفَّارَةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: فِيهِ كَفَّارَةٌ، لأَِنَّهُ نَوْعُ تَحْرِيمٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَرَّمَ مَالُهُ، وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ: إِنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ كَانَ طَلَاقًا، وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا، وَإِنْ نَوَى يَمِينًا كَانَ يَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ
(1) شرح الزرقاني 4 / 168، المدونة 3 / 50 - 51.