الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ وَلَا يَسْتَثْنُونَ} (1) . وَالاِسْتِثْنَاءُ الشَّرْعِيُّ - وَهُوَ التَّعْلِيقُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى - مُبْطِلٌ لِلطَّلَاقِ، (أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ) لَدَى الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِذَا اسْتَوْفَى
شُرُوطَهُ
لِلشَّكِّ فِيمَا يَشَاؤُهُ سُبْحَانَهُ، وَخَالَفَ الْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَقَالُوا: لَا يَبْطُل الطَّلَاقُ بِهِ - أَيْ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ (2) . أَمَّا الاِسْتِثْنَاءُ اللُّغَوِيُّ بِإِلَاّ وَأَخَوَاتِهَا فَمُؤَثِّرٌ وَمُلْغٍ لِلطَّلَاقِ بِحَسَبِهِ إِذَا اسْتَوْفَى شُرُوطَهُ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَاّ وَاحِدَةً، طَلُقَتِ اثْنَتَيْنِ فَقَطْ، وَلَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَاّ اثْنَتَيْنِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً فَقَطْ، فَإِنْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إِلَاّ ثَلَاثًا، وَقَعَ الثَّلَاثُ؛ لأَِنَّهُ إِلْغَاءٌ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاءٌ، وَالإِْلْغَاءُ بَاطِلٌ هُنَا.
شُرُوطُهُ:
يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الاِسْتِثْنَاءِ مِنَ الطَّلَاقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ اسْتِثْنَاءً لُغَوِيًّا أَمْ تَعْلِيقًا عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، شُرُوطٌ هِيَ
(3) :
(1) الآية 17 - 18 من سورة القلم.
(2)
المغني 7 / 402 - 403، والقوانين الفقهية ص 243، ومغني المحتاج 3 / 302، والدر المختار 3 / 366 - 368.
(3)
الدر المختار 3 / 366 - 370، ومغني المحتاج 3 / 300 - 303، والشرح الكبير 2 / 388.
56 -
1 - اتِّصَالُهُ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ عَلَيْهِ، أَيِ اتِّصَال الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، بِحَيْثُ يُعَدَّانِ كَلَامًا وَاحِدًا عُرْفًا، فَإِنْ فَصَل بَيْنَهُمَا بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ لَغَا الاِسْتِثْنَاءُ، وَثَبَتَ حُكْمُ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَال لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَال: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُنْفَصِلاً، طَلُقَتْ، أَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ، ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَال: إِلَاّ وَاحِدَةً وَقَعَ اثْنَتَانِ، وَلَغَا الاِسْتِثْنَاءُ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَال لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ أَمْرٍ، ثُمَّ قَال: إِلَاّ اثْنَتَيْنِ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، لإِِلْغَاءِ الاِسْتِثْنَاءِ بِالْكَلَامِ الْفَاصِل.
إِلَاّ أَنَّهُ يُعْفَى هُنَا عَنِ الْفَاصِل الْقَصِيرِ الضَّرُورِيِّ، كَالسُّكُوتِ لِلتَّنَفُّسِ أَوْ إِسَاغَةِ اللُّقْمَةِ، كَمَا يُعْفَى عَنِ الْكَلَامِ الْمُفِيدِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، كَأَنْ يَقُول لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إِلَاّ اثْنَتَيْنِ، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ بِوَاحِدَةٍ، لأَِنَّ لَفْظَةَ (زَانِيَةُ) بَيَانٌ لِسَبَبِ الطَّلَاقِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَائِنًا إِلَاّ اثْنَتَيْنِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ عِنْدَهُمْ، بِخِلَافِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ إِلَاّ وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ اثْنَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ، وَيَلْغُو الاِسْتِثْنَاءُ لِعَدَمِ إِفَادَةِ هَذَا الْفَاصِل.
57 -
2 - نِيَّةُ الْحَالِفِ الاِسْتِثْنَاءَ قَبْل الْفَرَاغِ مِنَ التَّلَفُّظِ فِي الطَّلَاقِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ