الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمَرْأَةِ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَْجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَالنِّصْفِ وَالرُّبْعِ، أَوْ كَانَ مِنَ الأَْجْزَاءِ الَّتِي يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْكُل مَجَازًا فَالظِّهَارُ يَكُونُ صَحِيحًا.
وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمُشَبَّهُ لَا يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْكُل مَجَازًا مِثْل الْيَدِ وَالرِّجْل وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَال الْمَالِكِيَّةُ يَصِحُّ الظِّهَارُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ الْمُشَبَّهُ جُزْءًا حَقِيقَةً كَالْيَدِ وَالرِّجْل، أَوْ كَانَ جُزْءًا حُكْمًا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ وَالْكَلَامِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ وَالْحَنَابِلَةُ يَصِحُّ الظِّهَارُ إِذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمُشَبَّهُ كَالْيَدِ وَالرِّجْل، وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الظِّهَارُ إِذَا كَانَ مِنَ الأَْجْزَاءِ الْمُنْفَصِلَةِ غَيْرِ الثَّابِتَةِ كَالدَّمْعِ وَالرِّيقِ وَالْكَلَامِ (1) .
الشَّرْطُ الثَّانِي:
9 -
أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ بِامْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَى الزَّوْجِ.
وَالْمَرْأَةُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَى الرَّجُل إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ مُؤَبَّدًا، وَإِمَّا يَكُونُ مُؤَقَّتًا.
فَإِنْ شَبَّهَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ بِامْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيل التَّأْبِيدِ بِلَفْظٍ يَدُل عَلَى الظِّهَارِ، بِأَنْ
(1) البدائع 3 / 233، 234، والمغني لابن قدامة 7 / 342، وشرح الخرشي 3 / 243، 246، ومغني المحتاج 3 / 353.
قَال لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ ظِهَارٌ.
أَمَّا إِذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيل التَّأْقِيتِ، كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ: إِلَى أَنَّ تَشْبِيهَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى سَبِيل التَّأْقِيتِ لَغْوٌ وَلَيْسَ بِظِهَارٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةَ ظِهَارٍ، إِنْ نَوَى بِهِ ظِهَارًا وَقَعَ، وَإِلَاّ فَلَا، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا ذَكَرَ الْبُهُوتِيُّ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَوْرَدَهَا ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ يَكُونُ ظِهَارًا (1) .
10 -
وَإِذَا شَبَّهَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ بِعُضْوٍ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهِ مِنِ امْرَأَةٍ مُحَرَّمَةٍ عَلَيْهِ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعُضْوُ هُوَ ظَهْرُ الأُْمِّ مِثْل أَنْ يَقُول لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي صِحَّةِ الظِّهَارِ بِهِ، قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الظِّهَارِ أَنْ يَقُول: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَفِي حَدِيثِ خَوْلَةَ امْرَأَةِ أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ قَال لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
(1) بدائع الصنائع 3 / 233 - 234، وحاشية الدسوقي 2 / 442 - 443، والخرشي 4 / 106، مغني المحتاج 3 / 354، المغني لابن قدامة 7 / 341، وكشاف القناع 5 / 369.
فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ (1) ، وَمِثْل الأُْمِّ فِي هَذَا الْجَدَّةُ؛ لأَِنَّهَا أُمٌّ أَيْضًا.
وَإِنْ كَانَ الْعُضْوُ الْمُشَبَّهُ بِهِ " ظَهْرَ " غَيْرِ الأُْمِّ وَالْجَدَّةِ، مِمَّنْ تَحْرُمُ عَلَى الرَّجُل تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، كَأُخْتِهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا، وَزَوْجَةِ أَبِيهِ وَابْنِهِ، فَالظِّهَارُ يَكُونُ صَحِيحًا.
أَمَّا إِنْ كَانَ الْعُضْوُ الْمُشَبَّهُ بِهِ لَيْسَ هُوَ الظَّهْرُ فَالتَّشَبُّهُ بِهِ يَكُونُ ظِهَارًا إِذَا كَانَ مِنَ الأَْعْضَاءِ الَّتِي يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَيْهَا مِثْل الْبَطْنِ وَالْفَخِذِ، فَإِنْ كَانَ مِنَ الأَْعْضَاءِ الَّتِي يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهَا كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَالْيَدِ فَلَا يَكُونُ ظِهَارًا، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (2)، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ إِذَا كَانَ يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهِ لَا يَتَحَقَّقُ بِالتَّشْبِيهِ بِهِ مَعْنَى الظِّهَارِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: التَّشْبِيهُ بِغَيْرِ الظَّهْرِ يَكُونُ ظِهَارًا مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ جُزْءًا حَقِيقَةً كَالرَّأْسِ وَالْيَدِ وَالرِّجْل أَمْ كَانَ جُزْءًا حُكْمًا كَالشَّعْرِ وَالرِّيقِ وَالدَّمْعِ وَالْعَرَقِ، فَلَوْ قَال الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَرَأْسِ أُمِّي أَوْ كَيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ قَال لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَشَعْرِ أُمِّي أَوْ كَرِيقِهَا كَانَ ظِهَارًا؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْجْزَاءَ وَإِنْ كَانَ يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهَا إِلَاّ أَنَّهَا لَا يَحِل التَّلَذُّذُ
(1) حديث خولة تقدم تخريجه فـ / 4.
(2)
بدائع الصنائع 3 / 231.
أَوْ الاِسْتِمْتَاعُ بِهَا، وَالتَّلَذُّذُ أَوْ الاِسْتِمْتَاعُ هُوَ الْمُسْتَفَادُ بِعَقْدِ الزَّوَاجِ، فَيَكُونُ التَّشْبِيهُ بِجُزْءٍ مِنْهَا ظِهَارًا، مِثْل التَّشْبِيهِ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَحِل النَّظَرُ إِلَيْهِ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا شَبَّبَهَا بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الأُْمِّ - غَيْرِ الظَّهْرِ - فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَذْكُرُ فِي مَعْرِضِ الْكَرَامَةِ وَالإِْعْزَازِ، كَالْيَدِ وَالرِّجْل وَالصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ وَالشَّعْرِ، فَقَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا - وَهُوَ الْجَدِيدُ - أَنَّهُ ظِهَارٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُذْكَرُ فِي مَعْرِضِ الإِْعْزَازِ وَالإِْكْرَامِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَعَيْنِ أُمِّي، فَإِنْ أَرَادَ الْكَرَامَةَ فَلَيْسَ بِظِهَارٍ، وَإِنْ أَرَادَ الظِّهَارَ وَقَعَ ظِهَارًا قَطْعًا (2) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ التَّشْبِيهَ بِجُزْءٍ غَيْرِ الظَّهْرِ يَكُونُ ظِهَارًا مَتَى كَانَ مِنَ الأَْجْزَاءِ الثَّابِتَةِ كَالْيَدِ وَالرِّجْل وَالرَّأْسِ، أَمَّا لَوْ كَانَ مِنَ الأَْجْزَاءِ غَيْرِ الثَّابِتَةِ كَالرِّيقِ وَالْعَرَقِ وَالدَّمْعِ وَالْكَلَامِ أَوْ كَالشَّعْرِ وَالسِّنِّ وَالظُّفُرِ فَلَا يَصِحُّ الظِّهَارُ إِذَا كَانَ التَّشْبِيهُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا؛ لأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الأَْعْضَاءِ الثَّابِتَةِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِذَا أُضِيفَ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَكَذَلِكَ الظِّهَارَ (3) .
(1) بداية المجتهد 2 / 90، والخرشي 4 / 103، روضة الطالبين 8 / 263، ومغني المحتاج 3 / 353.
(2)
روضة الطالبين 8 / 263.
(3)
المغني لابن قدامة 7 / 346.