الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجَدْرِ (1) أَمِنْ الْبَيْتِ هُوَ؟ قَال: نَعَمْ (2) .
وَقَدْ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَعَطَاءٌ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: إِلَى أَنَّ الطَّوَافَ مِنْ وَرَاءِ الْحَطِيمِ فَرْضٌ، مَنْ تَرَكَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِطَوَافِهِ، حَتَّى لَوْ مَشَى عَلَى جِدَارِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ، لأَِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْكَعْبَةِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلاً فِي الطَّوَافِ.
وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الطَّوَافِ مِنْ وَرَاءِ الْحِجْرِ، وَفِعْلُهُ بَيَانٌ لِلْقُرْآنِ، فَيُلْتَحَقُ بِهِ، فَيَكُونُ فَرْضًا.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا: دُخُول الْحِجْرِ فِي الطَّوَافِ وَاجِبٌ لأَِنَّ كَوْنَهُ جُزْءًا مِنَ الْبَيْتِ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ يَثْبُتُ بِهِ الْوُجُوبُ عِنْدَهُمْ لَا الْفَرْضُ (3) .
وَعَلَى ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الطَّوَافَ خَلْفَ الْحِجْرِ لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَطُفْ بِجَمِيعِ الْبَيْتِ.
(1) الجدر: هو الحجر.
(2)
حديث عائشة: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدر أمن البيت هو. أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 439) ومسلم (2 / 973) .
(3)
بدائع الصنائع 2 / 131 و133 و 134، والمسلك المتقسط ص 104، ورد المحتار 2 / 219، وشرح المنهاج 2 / 105، ومغني المحتاج 1 / 486، ومواهب الجليل 3 / 71 - 75 وحاشية العدوي 1 / 466، والشرح الكبير 2 / 31، المغني 3 / 382 والفروع 3 / 499.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَةُ الطَّوَافِ مَا دَامَ بِمَكَّةَ، فَإِنْ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ بِغَيْرِ إِعَادَةٍ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ يُرْسِلُهُ إِلَى مَكَّةَ، وَالأَْفْضَل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ إِعَادَةُ كُل الطَّوَافِ لِيُؤَدِّيَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنَ الْخِلَافِ.
أَمَّا الْوَاجِبُ فِي الإِْعَادَةِ: فَيُجْزِيهِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ يَمِينِهِ خَارِجَ الْحِجْرِ مُبْتَدِئًا مِنْ أَوَّل أَجْزَاءِ الْفُرْجَةِ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ احْتِيَاطًا، وَيَطُوفَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخِرِهِ، ثُمَّ يَدْخُل الْحِجْرَ مِنَ الْفُرْجَةِ الَّتِي وَصَل إِلَيْهَا وَيَخْرُجَ مِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ، أَوْ لَا يَدْخُل الْحِجْرَ، بَل يَرْجِعُ وَيَبْتَدِئُ مِنْ أَوَّل الْحِجْرِ (1) .
سَابِعًا: ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ مِنَ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ:
20 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ ابْتِدَاءَ الطَّوَافِ مِنَ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ، فَلَا يُعْتَدُّ بِالشَّوْطِ الَّذِي بَدَأَهُ بَعْدَ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعَلُوهَا دَلِيل الْفَرْضِيَّةِ؛ لأَِنَّهَا بَيَانٌ لإِِجْمَال الْقُرْآنِ.
وَلَا بُدَّ عِنْدَهُمْ مِنْ مُحَاذَاةِ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ بِجَمِيعِ الْبَدَنِ؛ لأَِنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ مُحَاذَاةُ الْبَيْتِ
(1) المسلك المتقسط ص 104 وقارن بفتح القدير 2 / 151.