الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخِيَارُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، إِلَاّ أَنْ يَجِدَ الْمَجْبُوبُ الْمَرْأَةَ رَتْقَاءَ، فَلَا يَنْبَغِي ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَهُمَا؛ لأَِنَّ عَيْبَهُ لَيْسَ هُوَ الْمَانِعُ لِصَاحِبِهِ مِنْ الاِسْتِمْتَاعِ.
فَإِنْ كَانَ عَيْبُهُ مِنْ جِنْسِ عَيْبِ صَاحِبِهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُمَا؛ لأَِنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ، وَلَا مَزِيَّةَ لأَِحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ، فَأَشْبَهَا الصَّحِيحَيْنِ. وَالثَّانِي: لَهُ الْخِيَارُ لِوُجُودِ سَبَبِهِ. (1)
ج -
وَهَل يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ قَدِيمًا
؟
97 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ السَّابِقَ عَلَى الْعَقْدِ، وَالْمُرَافِقَ لَهُ، وَالْحَادِثَ بَعْدَهُ، سَوَاءٌ فِي إِثْبَاتِ الْخِيَارِ، لأَِنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَنْفَعَةٍ، وَحُدُوثُ الْعَيْبِ بِهَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ كَمَا فِي الإِْجَارَةِ، إِلَاّ أَنَّ بَيْنَهُمْ نَوْعُ اخْتِلَافٍ فِي بَعْضِ ذَلِكَ عَلَى مَا يَلِي:
فَالْمَالِكِيَّةُ يُصَرِّحُونَ بِأَنَّ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ السَّابِقَ عَلَى الْعَقْدِ أَوِ الْمُقَارِنَ لَهُ هُوَ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ، أَمَّا الْعَيْبُ الطَّارِئُ عَلَى الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ فِي الزَّوْجَةِ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ خِيَارٌ مُطْلَقًا، وَهُوَ مُصِيبَةٌ حَلَّتْ بِهِ، وَبِإِمْكَانِهِ التَّخَلُّصُ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ فِي الزَّوْجِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ فَاحِشًا كَثِيرَ الضَّرَرِ فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ لَا تُمْكِنُ مَعَهُ الْعِشْرَةُ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ تُخَيَّرْ.
(1) المغني 7 / 112.
وَالْعُيُوبُ الْفَاحِشَةُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هِيَ: الْجُذَامُ الْبَيِّنُ الْمُحَقَّقُ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا، وَالْبَرَصُ الْفَاحِشُ دُونَ الْيَسِيرِ، وَالْعِذْيَطَةُ، فَقَدِ اسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهَا عَيْبٌ فَاحِشٌ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ، وَالاِعْتِرَاضُ، وَالْخِصَاءُ، وَكِبَرُ الذَّكَرِ الْمَانِعِ مِنَ الْوَطْءِ، هَذَا إِذَا حَدَثَتْ قَبْل الْوَطْءِ، فَإِذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَا خِيَارَ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِسَبَبٍ مِنَ الزَّوْجِ كَأَنْ جَبَّ نَفْسَهُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ خُيِّرَتِ الزَّوْجَةُ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ يُخَيَّرُ بِهِ مُطْلَقًا، أَمَّا الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ حَادِثًا بِالزَّوْجِ، كَالْجَبِّ، فَإِنَّهَا تُخَيَّرُ بِهِ إِنْ كَانَ قَبْل الدُّخُول جَزْمًا، وَبَعْدَ الدُّخُول عَلَى الأَْصَحِّ، وَذَلِكَ لِحُصُول الضَّرَرِ بِهِ كَمَا فِي الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ، وَلَا خَلَاصَ لَهَا إِلَاّ بِالْفَسْخِ، فَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِذَلِكَ، وَيَسْتَوِي هُنَا أَنْ تَجُبَّهُ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا. إِلَاّ أَنَّ الشَّافِعِيَّةَ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْعِنِّينَ، فَقَالُوا: إِنْ وَصَل إِلَى زَوْجَتِهِ مَرَّةً ثُمَّ تَعَنَّنَ، لَمْ يَكُنْ لَهَا خِيَارٌ.
وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَفِي الْقَوْل الْقَدِيمِ: أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ الزَّوْجُ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الْخَلَاصِ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ، بِخِلَافِهَا. وَفِي
(1) الدسوقي 2 / 278 - 279 - 280.