الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَاجِ:
أَوَّلاً: حُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ وَالنَّجَاسَةُ:
اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي طَهَارَةِ الْعَاجِ أَوْ نَجَاسَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
4 -
الأَْوَّل: أَنَّهُ نَجِسٌ
، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، قَالُوا: إِنَّ الْعَاجَ الْمُتَّخَذَ مِنْ عَظْمِ الْفِيل نَجِسٌ لأَِنَّ عَظْمَهُ نَجِسٌ، وَسَوَاءٌ أُخِذَ الْعَظْمُ مِنَ الْفِيل وَهُوَ حَيٌّ أَوْ وَهُوَ مَيِّتٌ، لأَِنَّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ، وَسَوَاءٌ أُخِذَ مِنْهُ بَعْدَ ذَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى نَجَاسَتِهِ بِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ (1) } وَالْعَظْمُ مِنْ جُمْلَتِهَا فَيَكُونُ مُحَرَّمًا وَالْفِيل لَا يُؤْكَل لَحْمُهُ، فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى كُل حَالٍ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ كَذَلِكَ بِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يُدْهِنَ فِي عَظْمِ فِيلٍ، لأَِنَّهُ مَيْتَةٌ، وَالسَّلَفُ يُطْلِقُونَ الْكَرَاهَةَ وَيُرِيدُونَ بِهَا التَّحْرِيمَ، وَلأَِنَّهُ جُزْءٌ مُتَّصِلٌ بِالْحَيَوَانِ اتِّصَال خِلْقَةٍ فَأَشْبَهَ الأَْعْضَاءَ.
(1) سورة المائدة: الآية (3) .
وَأَمَّا مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْتَشَطَ بِمُشْطٍ مِنْ عَاجٍ (1) ، وَمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَلَبَ مِنْ ثَوْبَانَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قِلَادَةً مِنْ عَصَبٍ وَسِوَارَيْنِ مِنْ عَاجٍ (2) ، فَلَا دَلِيل فِي ذَلِكَ عَلَى الطَّهَارَةِ، لأَِنَّ الْعَاجَ هُوَ الذَّبْل وَهُوَ عَظْمُ ظَهْرِ السُّلَحْفَاةِ الْبَحْرِيَّةِ، كَذَا قَالَهُ الأَْصْمَعِيُّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْل اللُّغَةِ، وَقَال أَبُو عَلِيٍّ الْبَغْدَادِيُّ: الْعَرَبُ تُسَمِّي كُل عَظْمٍ عَاجًا (3) .
5 -
الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ
، قَال بِذَلِكَ الْحَنَفِيَّةُ - غَيْرُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ - وَهُوَ طَرِيقٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَيْضًا الطَّهَارَةَ، قَال فِي الْفَائِقِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ، قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الْقَوْل بِالطَّهَارَةِ هُوَ الصَّوَابُ.
وَهُوَ قَوْل ابْنِ وَهْبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ الْعَظْمَ لَيْسَ بِمَيِّتٍ؛ لأَِنَّ
(1) حديث: " أنه صلى الله عليه وسلم امتشط بمشط من عاج ". أخرجه البيهقي في السنن (1 / 26 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أنس بن مالك وأشار إلى تضعيف إسناده.
(2)
حديث: أنه صلى الله عليه وسلم طلب من ثوبان أن يشتري لفاطمة. . . تقدم تخريجه فـ 1.
(3)
المجموع شرح المهذب 1 / 23، 236، 238 ط. المطبعة السلفية، والمجموع 9 / 217، والإنصاف 1 / 92، والمغني 1 / 72 - 73 والبدائع 5 / 142.