الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِطَرَفِهِ (1) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ، لأَِنَّهُ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ، أَشْبَهَ الْقَادِرَ عَلَى الإِْيمَاءِ بِرَأْسِهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ تَسْقُطُ الصَّلَاةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (2) .
وَالرَّاجِحُ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الإِْيمَاءَ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتِ الصَّلَاةُ عَنْهُ، وَلَا يُومِئُ بِعَيْنِهِ وَلَا بِقَلْبِهِ وَلَا بِحَاجِبَيْهِ، خِلَافًا لِزُفَرَ وَرِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ قَال: لَا أَشُكُّ أَنَّ الإِْيمَاءَ بِرَأْسِهِ يُجْزِئُهُ، وَلَا أَشُكُّ أَنَّهُ بِقَلْبِهِ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَشُكُّ فِيهِ بِالْعَيْنِ.
وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ، حَتَّى وَلَوْ زَادَتْ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِذَا كَانَ مُفِيقًا، وَصَحَّحَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إِذَا كَثُرَ؛ لأَِنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْل لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ (3) .
رَابِعًا - إِمَامَةُ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ رُكْنٍ مِنَ الصَّلَاةِ:
25 -
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ مَنْ بِهِ عَاهَةٌ تَمْنَعُهُ مِنْ رُكْنٍ مِنَ الصَّلَاةِ إِذَا كَانَ إِمَامًا بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ الْعَاهَةِ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِمَامَةِ ذِي
(1) حديث الحسين بن علي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" فإن لم يستطع أومأ بطرفه ". ذكره ابن مفلح في الفروع (2 / 46 / 47) وأشار إلى عدم ثبوته.
(2)
المبدع 1 / 101.
(3)
الهداية مع فتح القدير 2 / 5.
الْعَاهَةِ لِلصَّحِيحِ، فَجَوَّزَهَا بَعْضُهُمْ، وَمَنَعَهَا آخَرُونَ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(اقْتِدَاء ف 40) .
خَامِسًا: مَنْ بِهِ عَاهَةٌ عَلَى صُورَةِ مُبْطِلٍ مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ:
الْعَاهَةُ هُنَا تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ: عَاهَةٌ عَارِضَةٌ كَالتَّنَحْنُحِ وَالسُّعَال وَنَحْوِهِمَا، وَعَاهَةٌ خِلْقِيَّةٌ كَالتَّأْتَأَةِ وَالْفَأْفَأَةِ وَنَحْوِهَا.
26 -
أَمَّا الْقِسْمُ الأَْوَّل: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَظْهَرْ بِالسُّعَال وَالتَّنَحْنُحِ وَنَحْوِهِمَا حَرْفَانِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، وَكَذَا إِذَا ظَهَرَ حَرْفَانِ أَوْ أَكْثَرُ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَهُ.
أَمَّا إِذَا اسْتَطَاعَ دَفْعَهُ وَفَعَلَهُ لِتَحْسِينِ الصَّوْتِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
فَجُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِلتَّمَكُّنِ مِنَ الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ لأَِنَّ مَا كَانَ لِمَصْلَحَةِ الْقِرَاءَةِ يُلْحَقُ بِهَا (1) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَفَرَّقُوا بَيْنَ التَّنَحْنُحِ وَغَيْرِهِ كَالسُّعَال وَالتَّأَوُّهِ مَثَلاً، أَمَّا السُّعَال وَنَحْوُهُ فَالأَْشْبَهُ بِأُصُولِهِمْ - وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ - أَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا أَفْسَدَ صَلَاتَهُ. . وَلأَِنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ
(1) فتح القدير 1 / 398.
وَالنُّصُوصُ الْعَامَّةُ تَمْنَعُ مِنَ الْكَلَامِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَرِدْ مَا يُخَصِّصُهُ (1) ، وَلَهُمْ فِي التَّنَحْنُحِ قَوْلَانِ، وَظَاهِرُ قَوْل أَحْمَدَ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ النَّحْنَحَةَ لَا تُسَمَّى كَلَامًا، وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ (2) .
وَذَهَبَ إِسْمَاعِيل الزَّاهِدُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ (3) .
27 -
وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْعَاهَةُ الْخِلْقِيَّةُ كَصَاحِبِ التَّأْتَأَةِ وَالْفَأْفَأَةِ وَالأَْلْثَغِ وَنَحْوِهِمْ فَهَذِهِ مَعْفُوٌّ عَنْهَا فِي حَال الصَّلَاةِ مُنْفَرِدًا، وَيُعَامَل هَؤُلَاءِ مُعَامَلَةَ الأُْمِّيِّ، فِي أَنَّهُ تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُمْ إِصْلَاحُ هَذَا الْمَرَضِ وَعِلَاجُهُ، وَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ فُرَادَى وَمَأْمُومِينَ لِقَارِئٍ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ.
أَمَّا إِمَامَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ لِلْقَارِئِ فَهِيَ مَحَل خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.
فَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ التَّأْتَأَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ زِيَادَةُ حَرْفٍ، فَيَكْرَهُونَ الإِْمَامَةَ لِصَاحِبِهَا إِلَاّ لِمِثْلِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ فِي قِرَاءَتِهِمْ نَقْصًا عَنْ حَال الْكَمَال بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ لَا يَفْعَل ذَلِكَ، وَصَحَّتِ الصَّلَاةُ بِإِمَامَتِهِمْ لأَِنَّهُمْ يَأْتُونَ
(1) المدونة 1 / 104، والمغني 2 / 52.
(2)
المغني 2 / 52.
(3)
العناية على الهداية 1 / 399.
بِالْوَاجِبِ وَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ حَرَكَةً أَوْ حَرْفًا، وَذَلِكَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ كَتَكْرِيرِ الآْيَةِ.
وَأَمَّا الأَْرَتُّ، وَهُوَ الَّذِي يُدْغِمُ حَرْفًا فِي غَيْرِهِ، وَالأَْلْثَغُ وَهُوَ الَّذِي يُبَدِّل حَرْفًا بِغَيْرِهِ، فَهَذَانِ وَأَمْثَالُهُمَا لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِمَا، لأَِنَّهُمْ كَالأُْمِّيِّ، وَالأُْمِّيُّ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَارِئِ بِهِ (1) .
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا فِيهِ زِيَادَةُ حَرْفٍ كَالتَّأْتَأَةِ، وَمَا فِيهِ تَغْيِيرُ حَرْفٍ بِحَرْفٍ، أَوْ إِدْغَامُهُ بِهِ، وَيُسَمِّي خَلِيلٌ صَاحِبَ كُل هَذَا (أَلْكَنُ)، وَيُعَلِّقُ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ بِقَوْلِهِ: يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ الاِقْتِدَاءُ بِأَلْكَنَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتِ اللُّكْنَةُ فِي الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالأَْلْكَنُ هُوَ: مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ إِخْرَاجَ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا، سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَلْبَتَّةَ، أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُغَيَّرًا، فَيَشْمَل التِّمْتَامَ، وَهُوَ الَّذِي يَنْطِقُ فِي أَوَّل كَلَامِهِ بِتَاءٍ مُكَرَّرَةٍ، وَالأَْرَتَّ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَل اللَاّمَ تَاءً أَوْ مَنْ يُدْغِمُ حَرْفًا فِي حَرْفٍ، وَالأَْلْثَغَ وَهُوَ مَنْ يُحَوِّل اللِّسَانَ مِنَ السِّينِ إِلَى الثَّاءِ، أَوْ مِنَ الرَّاءِ إِلَى الْغَيْنِ، أَوِ اللَاّمِ أَوِ الْيَاءِ، أَوْ مِنْ حَرْفٍ إِلَى حَرْفٍ، أَوْ مَنْ لَا يَتِمُّ رَفْعُ لِسَانِهِ لِثِقَلٍ
(1) راجع في هذا فتح القدير 1 / 375، والمبدع 2 / 76 وشرح المحلي على المنهاج 1 / 230، الموسوعة مصطلح (ألثغ ف 2) .