الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ بِسَبَبِ زَحْمَةٍ انْتَهَتْ إِلَيْهَا؛ لأَِنَّ الزِّحَامَ يُصَيِّرُ الْجَمِيعَ مُتَّصِلاً بِالْبَيْتِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَحْمَةٌ بَل طَافَ تَحْتَ السَّقَائِفِ اعْتِبَاطًا، أَوْ لِحَرٍّ، أَوْ لِبَرْدٍ، أَوْ مَطَرٍ أَعَادَ وُجُوبًا مَا دَامَ بِمَكَّةَ، وَلَمْ يَرْجِعْ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ أَوْ مِمَّا يَتَعَذَّرُ مِنْهُ الرُّجُوعُ، وَعَلَيْهِ الدَّمُ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ الشَّدِيدَيْنِ كَالزَّحْمَةِ، كَمَا قَرَّرَ الدُّسُوقِيُّ، وَعَلَى هَذَا لَوْ طَافَ فِي السَّقَائِفِ لِزَحْمَةٍ ثُمَّ قَبْل كَمَالِهِ زَالَتْ الزَّحْمَةُ وَجَبَ إِكْمَالُهُ فِي الْمَحَل الْمُعْتَادِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا، فَلَوْ كَمُل الْبَاقِي فِي السَّقَائِفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعِيدُ ذَلِكَ الَّذِي كَمَّلَهُ فِي السَّقَائِفِ (1) .
خَامِسًا: أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ حَوْل الْبَيْتِ كُلِّهِ:
18 -
وَذَلِكَ يَشْمَل الشَّاذَرْوَانَ، وَهُوَ الْجُزْءُ السُّفْلِيُّ الْخَارِجُ عَنْ جِدَارِ الْبَيْتِ مُرْتَفِعًا عَلَى وَجْهِ الأَْرْضِ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّهُ مِنَ الْكَعْبَةِ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ هَل هُوَ مِنَ الْكَعْبَةِ أَوْ لَيْسَ مِنَ الْكَعْبَةِ؟ فَقَال جَمَاعَةٌ: هُوَ مِنَ الْكَعْبَةِ تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَيْسَ مِنَ الْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ (2) .
(1) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي 2 / 33.
(2)
الحطاب 3 / 70 - 71.
سَادِسًا: أَنْ يَكُونَ الْحِجْرُ دَاخِلاً فِي طَوَافِهِ:
19 -
الْحِجْرُ - بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ - هُوَ الْمَوْضِعُ الْمُحَاطُ بِجِدَارٍ مُقَوَّسٍ تَحْتَ مِيزَابِ الْكَعْبَةِ، فِي الْجِهَةِ الشَّمَالِيَّةِ مِنَ الْكَعْبَةِ، وَيُسَمَّى الْحَطِيمَ أَيْضًا.
وَالْحِجْرُ هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْبَيْتِ، تَرَكَتْهُ قُرَيْشٌ لِضِيقِ النَّفَقَةِ، وَأَحَاطَتْهُ بِالْجِدَارِ، وَقِيل: الَّذِي مِنْهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ أَوْ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ، فَالنَّظَرُ فِي الْقَدْرِ الزَّائِدِ إِلَى طَوَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. مِنْ وَرَائِهِ، وَهُوَ مَا قَطَعَ بِهِ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ (1) .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال لَهَا: أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ قَوْمَكِ لَمَّا بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَلَا تَرُدَّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَال: لَوْلَا حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَفَعَلْتُ فَقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَرَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحِجْرَ إِلَاّ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ (2) وَعَنْهَا
(1) المجموع 8 / 28، 29.
(2)
حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها: " ألم ترى أن قومك لما بنوا الكعبة. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 439) ومسلم (2 / 969) .