الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الذَّبْحِ تَقَرُّبًا لِلآْلِهَةِ أَوْ لِسَبَبٍ آخَرَ.
غَيْرَ أَنَّ الْعَتِيرَةَ اشْتَهَرَ كَوْنُهَا فِي شَهْرِ رَجَبٍ.
ب -
الأُْضْحِيَّةُ:
3 -
الأُْضْحِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الشَّاةُ الَّتِي تُذْبَحُ ضَحْوَةً، أَيْ وَقْتَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ، أَوْ هِيَ الشَّاةُ الَّتِي تُذْبَحُ يَوْمَ الأَْضْحَى.
وَشَرْعًا: هِيَ مَا يُذَكَّى تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ (1) .
وَهِيَ تَشْتَرِكُ مَعَ الْعَتِيرَةِ فِي أَنَّهَا ذَبِيحَةٌ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ، فَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَ الْعَتِيرَةَ فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ.
ج -
الْعَقِيقَةُ:
4 -
الْعَقِيقَةُ: مَا يُذَكَّى مِنَ النَّعَمِ، شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنْ وِلَادَةِ مَوْلُودٍ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أَنْثَى (2) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 -
جَاءَ الإِْسْلَامُ وَالْعَرَبُ يَذْبَحُونَ فِي شَهْرِ رَجَبٍ مَا يُسَمَّى بِالْعَتِيرَةِ أَوِ الرَّجَبِيَّةِ، وَصَارَ مَعْمُولاً بِذَلِكَ فِي أَوَّل الإِْسْلَامِ (3) ، لِقَوْل
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، وابن عابدين 5 / 11.
(2)
الحطاب والمواق 3 / 255.
(3)
المغني 8 / 650، الحطاب 3 / 248، المجموع شرح المهذب 8 / 446 ط. السلفية.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْل كُل بَيْتٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ (1) .
لَكِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي نَسْخِ هَذَا الْحُكْمِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ طَلَبَ الْعَتِيرَةِ مَنْسُوخٌ (2) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا فَرَعَ لَا عَتِيرَةَ (3)، وَبِمَا رُوِيَ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " نَسَخَ صَوْمُ رَمَضَانَ كُل صَوْمٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَنَسَخَتِ الأُْضْحِيَّةُ كُل ذَبْحٍ كَانَ قَبْلَهَا، وَنَسَخَ غُسْل الْجَنَابَةِ كُل غُسْلٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَالَتْ ذَلِكَ سَمَاعًا مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَِنَّ انْتِسَاخَ الْحُكْمِ مِمَّا لَا يُدْرَكُ بِالاِجْتِهَادِ (4) .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالنَّهْيِ فِي حَدِيثِ لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل وَكِيعِ بْنِ عُوَيْسٍ وَابْنِ كَجٍّ وَالدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَبَرِ نَفْيُ كَوْنِهَا سُنَّةً، لَا تَحْرِيمُ فِعْلِهَا، وَلَا كَرَاهَتُهُ، فَلَوْ ذَبَحَ إِنْسَانٌ ذَبِيحَةً فِي رَجَبٍ، أَوْ ذَبَحَ وَلَدَ النَّاقَةِ لِحَاجَتِهِ
(1) حديث: " على أهل كل بيت أضحية وعتيرة ". أخرجه أبو داود (3 / 226) من حديث مخنف بن سليم، وضعف إسناده الخطابي كما في مختصر السنن للمنذري (4 / 93) .
(2)
المجموع شرح المهذب 8 / 446 ط. السلفية.
(3)
حديث: " لا فرع ولا عتيرة " سبق تخريجه فـ 1.
(4)
البدائع 5 / 69.
إِلَى ذَلِكَ أَوْ لِلصَّدَقَةِ أَوْ إِطْعَامِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَكْرُوهًا.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَهُوَ قَوْل عُلَمَاءِ الأَْمْصَارِ سِوَى ابْنِ سِيرِينَ، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ نَسْخٌ لِلْوُجُوبِ، لَكِنَّهُمْ جَمِيعًا مُتَّفِقُونَ عَلَى الإِْبَاحَةِ (1) .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الإِْبَاحَةِ بِمَا رَوَى الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو التَّمِيمِيُّ أَنَّهُ لَقِيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَال رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ: يَا رَسُول اللَّهِ، الْعَتَائِرُ وَالْفَرَائِعُ؟ قَال: مَنْ شَاءَ عَتَرَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، وَمَنْ شَاءَ فَرَّعَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ (2) وَمَا رُوِيَ عَنْ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَال: إِنَّا كُنَّا نَذْبَحُ فِي رَجَبٍ ذَبَائِحَ فَنَأْكُل مِنْهَا وَنُطْعِمُ مِنْهَا مَنْ جَاءَنَا؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَال وَكِيعٌ: لَا أَتْرُكُهَا أَبَدًا (3) .
وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِالنَّسْخِ الْحَنَفِيَّةُ، لَكِنَّهُمْ لَمْ
(1) المغني 8 / 650، الحطاب 3 / 248.
(2)
حديث الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. أخرجه النسائي (7 / 167 - 169) وفي إسناده ضعف، ولكن له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه أبو داود (3 / 263) والحاكم (4 / 236) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(3)
حديث لقيط بن عامر: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنا كنا نذبح في رجب ذبائح. أخرجه أحمد (4 / 12 - 13) ، وفي إسناده جهالة راويه وكيع بن عدي.
يُبَيِّنُوا حُكْمَ الْعَتِيرَةِ، هَل هُوَ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ أَوْ مُبَاحٌ؟ .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى عَدَمِ نَسْخِ طَلَبِ الْعَتِيرَةِ، وَقَالُوا تُسْتَحَبُّ الْعَتِيرَةُ، وَهُوَ قَوْل ابْنِ سِيرِينَ.
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ نُبَيْشَةَ قَال: نَادَى رَجُلٌ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَال: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ. . . إِلَخْ الْحَدِيثِ.
قَال ابْنُ حَجَرٍ فَلَمْ يُبْطِل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعَتِيرَةَ مِنْ أَصْلِهَا، وَإِنَّمَا أَبْطَل خُصُوصَ الذَّبْحِ فِي شَهْرِ رَجَبٍ.
قَال النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، وَاقْتَضَتْهُ الأَْحَادِيثُ: أَنَّهُمَا لَا يُكْرَهَانِ، بَل يُسْتَحَبَّانِ، (أَيِ الْفَرَعُ وَالْعَتِيرَةُ (1)) .
(1) المجموع 8 / 443 - 444 - 445 - 446، وفتح الباري 9 / 597.