الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ التَّرَدُّدُ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ لأَِحَدِهِمَا عَلَى الآْخَرِ عِنْدَ الشَّاكِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ: أَنَّ الشَّكَّ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ، وَهُوَ الْوُقُوفُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَا يَمِيل الْقَلْبُ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَإِذَا تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُطْرَحِ الآْخَرُ فَهُوَ ظَنٌّ، فَإِذَا طَرَحَهُ فَهُوَ غَالِبُ الظَّنِّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ
الْيَقِينِ
(1) .
ب -
الْوَهْمُ:
3 -
الْوَهْمُ فِي اللُّغَةِ: سَبْقُ الْقَلْبِ إِلَى الشَّيْءِ مَعَ إِرَادَةِ غَيْرِهِ.
وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ إِدْرَاكُ الطَّرَفِ الْمَرْجُوحِ، أَيْ مَا يُقَابِل الظَّنَّ (2) .
ج - الْيَقِينُ:
4 -
الْيَقِينُ فِي اللُّغَةِ: الْعِلْمُ الْحَاصِل عَنْ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ، وَلِهَذَا لَا يُسَمَّى عِلْمُ اللَّهِ يَقِينًا.
وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ فَهُوَ: جَزْمُ الْقَلْبِ بِوُقُوعِ الشَّيْءِ أَوْ عَدَمِ وُقُوعِهِ (3) .
(1) التعريفات للجرجاني / 113 ط، حلبي.
(2)
شرح البدخشي 1 / 25 ط. صبيح.
(3)
شرح المجلة للأتاسي 1 / 18.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
الظَّنُّ عَلَى أَضْرُبٍ: مَحْظُورٌ، وَمَأْمُورٌ بِهِ، وَمَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَمُبَاحٌ.
فَأَمَّا الْمَحْظُورُ. فَمِنْهُ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، لأَِنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَرْضٌ وَوَاجِبٌ مَأْمُورٌ بِهِ، وَسُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى مَحْظُورٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، فَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْل مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُول: لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَاّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ عز وجل (1) وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ (2) .
وَمِنَ الظَّنِّ الْمَحْظُورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سُوءُ الظَّنِّ بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ ظَاهِرُهُمُ الْعَدَالَةُ، فَعَنْ صَفِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفًا، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً، فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ سَكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنَ الأَْنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:
(1) حديث جابر: " لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن. . . " أخرجه مسلم (4 / 2206) .
(2)
حديث " حسن الظن من حسن العبادة ". أخرجه أحمد (2 / 407) وأبو داود (5 / 266) من حديث أبي هريرة، وفي إسناده راو قال عنه الذهبي في الميزان (2 / 234) : نكرة.
عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُول اللَّهِ، قَال: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِْنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا أَوْ قَال: شَيْئًا (1)
ثُمَّ إِنَّ كُل ظَنٍّ فِيمَا لَهُ سَبِيلٌ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِمَّا تُعُبِّدَ بِعِلْمِهِ فَهُوَ مَحْظُورٌ؛ لأَِنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَعَبَّدًا بِعِلْمِهِ، وَنُصِبَ لَهُ الدَّلِيل عَلَيْهِ، فَلَمْ يَتْبَعِ الدَّلِيل وَحَصَل عَلَى الظَّنِّ كَانَ تَارِكًا لِلْمَأْمُورِ بِهِ.
وَأَمَّا مَا لَمْ يَنْصِبْ لَهُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يُوصِلُهُ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ، وَقَدْ تُعُبِّدَ بِتَنْفِيذِ الْحُكْمِ فِيهِ، فَالاِقْتِصَارُ عَلَى غَالِبِ الظَّنِّ وَإِجْرَاءِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَذَلِكَ نَحْوُ مَا تُعُبِّدْنَا بِهِ مِنْ قَبُول شَهَادَةِ الْعُدُول، وَتَحَرِّي الْقِبْلَةِ، وَتَقْوِيمِ الْمُسْتَهْلَكَاتِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ الَّتِي لَمْ يَرِدْ بِمَقَادِيرِهَا تَوْقِيفٌ، فَهَذِهِ وَمَا كَانَ مِنْ نَظَائِرِهَا قَدْ تُعُبِّدْنَا فِيهَا بِتَنْفِيذِ أَحْكَامِ غَالِبِ الظَّنِّ.
وَأَمَّا الظَّنُّ الْمَنْدُوبُ إِلَيْهِ فَهُوَ: حُسْنُ الظَّنِّ بِالأَْخِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ مُثَابٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الضَّرْبُ مِنَ الظَّنِّ مَنْدُوبًا وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا كَمَا كَانَ سُوءُ الظَّنِّ مَحْظُورًا لِوُجُودِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَهُمَا، وَهِيَ احْتِمَالٌ أَنْ لَا يَظُنَّ بِهِ
(1) حديث صفية: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا. . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 336، 337) ومسلم (4 / 1712)
شَيْئًا فَكَانَ مَنْدُوبًا.
وَأَمَّا الظَّنُّ الْمُبَاحُ، فَمِنْهُ: ظَنُّ الشَّاكِّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّحَرِّي وَالْعَمَل عَلَى مَا يَغْلِبُ فِي ظَنِّهِ، فَإِنْ عَمِل بِمَا غَلَبَ عَلَيْهِ ظَنُّهُ كَانَ مُبَاحًا، وَإِنْ عَدَل عَنْهُ إِلَى الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ كَانَ جَائِزًا (1) .
وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الظَّنَّ يَنْقَسِمُ فِي الشَّرْعِ إِلَى وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ وَحَرَامٍ وَمُبَاحٍ، فَالْوَاجِبُ حُسْنُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالْحَرَامُ سُوءُ الظَّنِّ بِهِ تَعَالَى، وَبِكُلٍّ مَنْ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُبَاحُ الظَّنُّ بِمَنِ اشْتَهَرَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِمُخَالَطَةِ الرِّيَبِ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ فَلَا يَحْرُمُ ظَنُّ السُّوءِ بِهِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ دَل عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ سَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ لَمْ يَظُنَّ النَّاسُ بِهِ إِلَاّ خَيْرًا، وَمَنْ دَخَل مَدْخَل السُّوءِ اتُّهِمَ، وَمَنْ هَتَكَ نَفْسَهُ ظَنَنَّا بِهِ السُّوءَ، مِنَ الظَّنِّ الْجَائِزِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يَظُنُّ الشَّاهِدَانِ فِي التَّقْوِيمِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ، وَمَا يَحْصُل بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الأَْحْكَامِ بِالإِْجْمَاعِ (2) .
(1) أحكام القرآن للجصاص 3 / 499 - 500.
(2)
نهاية المحتاج للرملي 2 / 429 ط. المكتبة الإسلامية، حاشية الرملي على أسنى المطالب 1 / 296 ط. المكتبة الإسلامية، حاشية القليوبي 1 / 321 ط. الحلبي.