الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخِنْزِيرِ كَمَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ: إِنَّ الْكَلْبَ لَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ، وَإِنَّمَا لَحْمُهُ نَجِسٌ.
وَلِمَعْرِفَةِ مَا يُعْتَبَرُ نَجِسًا أَوْ غَيْرَ نَجِسٍ يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ: (نَجَاسَة) .
النِّيَّةُ فِي التَّطْهِيرِ مِنَ النَّجَاسَاتِ:
8 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ التَّطْهِيرَ مِنَ النَّجَاسَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، فَلَيْسَتِ النِّيَّةُ بِشَرْطٍ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ، وَيَطْهُرُ مَحَل النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ بِلَا نِيَّةٍ؛ لأَِنَّ الطَّهَارَةَ عَنِ النَّجَاسَةِ مِنْ بَابِ التُّرُوكِ، فَلَمْ تَفْتَقِرْ إِلَى النِّيَّةِ كَمَا عَلَّلَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.
وَلأَِنَّ إِزَالَةَ النَّجَاسَةِ تَعَبُّدٌ غَيْرُ مَعْقُول الْمَعْنَى.
وَقَال الْبَابَرْتِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الْمَاءُ طَهُورٌ بِطَبْعِهِ، فَإِذَا لَاقَى النَّجِسَ طَهَّرَهُ قَصَدَ الْمُسْتَعْمِل ذَلِكَ أَوْ لَا، كَالثَّوْبِ النَّجِسِ (1) .
مَا تَحْصُل بِهِ الطَّهَارَةُ:
9 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُطْلَقَ رَافِعٌ لِلْحَدَثِ مُزِيلٌ لِلْخَبَثِ، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {
(1) العناية بهامش فتح القدير 1 / 21 ط. الأميرية 1315هـ، حاشية الدسوقي 1 / 78، المهذب 1 / 21، كشاف القناع 1 / 86.
وَيُنَزِّل عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} (1) وَلِحَدِيثِ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِحْدَانَا يُصِيبُ ثَوْبَهَا مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهِ؟ قَال: تَحُتُّهُ ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ، ثُمَّ تَنْضَحُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ (2) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ بِالْمَاءِ الْمُطْلَقِ، وَبِكُل مَائِعٍ طَاهِرٍ قَالِعٍ، كَالْخَل وَمَاءِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ مِمَّا إِذَا عُصِرَ انْعَصَرَ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ:(مَا كَانَ لإِِحْدَانَا إِلَاّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِذَا أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ قَالَتْ بِرِيقِهَا، فَقَصَعَتْهُ بِظُفْرِهَا)(3) أَيْ حَكَّتْهُ. وَلأَِنَّهُ مُزِيلٌ بِطَبْعِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُفِيدَ الطَّهَارَةَ كَالْمَاءِ بَل أَوْلَى؛ لأَِنَّهُ أَقْلَعُ لَهَا، وَلأَِنَّا نُشَاهِدُ وَنَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَائِعَ يُزِيل شَيْئًا مِنَ النَّجَاسَةِ فِي كُل مَرَّةٍ، وَلِهَذَا يَتَغَيَّرُ لَوْنُ الْمَاءِ بِهِ، وَالنَّجَاسَةُ مُتَنَاهِيَةٌ، لأَِنَّهَا مُرَكَّبَةٌ مِنْ
(1) سورة الأنفال / 11.
(2)
حديث أسماء: " جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إحدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 331) ومسلم (1 / 240) واللفظ لمسلم.
(3)
حديث عائشة: " ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 413) .