الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَحْصِيل الْحُقُوقِ بِغَيْرِ دَعْوَى وَلَا حُكْمٍ فِي حَالَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَبِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمُ اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْحَاكِمِ فِي كُل مَرَّةٍ يُرِيدُ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَهُمْ عَلَى هَذَا الأَْصْل اسْتِثْنَاءَاتٌ. وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
11 -
ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، وَلَمْ يُوفِهِ إِيَّاهُ بِرِضَاهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ دَيْنِهِ مِنْ مَال الْغَرِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَال مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِنَفْسِ صِفَتِهِ، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دَرَاهِمِ غَرِيمِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ إِنْ كَانَ حَقُّهُ دَنَانِيرَ، وَلَا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ غَرِيمِهِ، وَلَا أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَةً مِنْ مَنَافِعِهِ مُقَابِل تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي لَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّحِيحَ مُقَابِل الْمُنْكَسِرِ، بَل يَأْخُذُ مِثْل مَالِهِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ أَيْضًا (1) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ رَأَى جَوَازَ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا.
(1) البحر الرائق 7 / 192، قرة عيون الأخيار 1 / 380.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنَ الْمَدِينِ مُقِرًّا كَانَ أَوْ مُنْكِرًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلدَّائِنِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَصَّل إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ بِنَحْوِ كَسْرِ الْبَابِ وَثَقْبِ الْجِدَارِ، بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ هُنَاكَ وَسِيلَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يُمْكِنَ تَحْصِيل الْحَقِّ بِوَاسِطَةِ الْقَضَاءِ (1) .
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: إِذَا ظَفِرَ بِمَال مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ وَالْجِنْسُ وَاحِدٌ فِيهِمَا يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِقْدَارَ حَقِّهِ (2) .
ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ مَال مَدِينِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَخَذَ ضَمَانَ الرَّهْنِ (3) .
مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ:
12 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَانَ مُمْتَنِعًا عَنْ أَدَائِهِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الْمَدِينِ قَدْرَ حَقِّهِ، إِذَا كَانَ هَذَا الْمَال مِنْ جِنْسِ حَقِّ الدَّائِنِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ (4) .
(1) انظر المرجعين السابقين.
(2)
البحر الرائق 7 / 192، قرة عيون الأخيار 1 / 380.
(3)
انظر المرجعين السابقين.
(4)
الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص 27، منح الجليل 4 / 321.