الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طَهَارَةُ الأَْرْضِ بِالْمَاءِ:
20 -
إِذَا تَنَجَّسَتْ الأَْرْضُ بِنَجَاسَةٍ مَائِعَةٍ - كَالْبَوْل وَالْخَمْرِ وَغَيْرِهِمَا - فَتَطْهِيرُهَا أَنْ تُغْمَرَ بِالْمَاءِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ لَوْنُ النَّجَاسَةِ وَرِيحُهَا، وَمَا انْفَصَل عَنْهَا غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ بِهَا فَهُوَ طَاهِرٌ.
بِهَذَا قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَبَال فِي طَائِفَةٍ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ أَمَرَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ وَفِي لَفْظٍ فَدَعَاهُ فَقَال: إِنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْل وَلَا الْقَذِرِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَمَرَ رَجُلاً فَجَاءَ بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ فَشَنَّهُ عَلَيْهِ (1) . وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالذَّنُوبِ لأَِنَّ ذَلِكَ يَغْمُرُ الْبَوْل، وَيُسْتَهْلَكُ فِيهِ الْبَوْل وَإِنْ أَصَابَ الأَْرْضَ مَاءُ الْمَطَرِ أَوِ السُّيُول فَغَمَرَهَا وَجَرَى عَلَيْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَبَّ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّ تَطْهِيرَ النَّجَاسَةِ لَا تُعْتَبَرُ فِيهِ نِيَّةٌ وَلَا فِعْلٌ، فَاسْتَوَى مَا صَبَّهُ الآْدَمِيُّ وَمَا جَرَى بِغَيْرِ صَبِّهِ.
وَلَا تَطْهُرُ الأَْرْضُ حَتَّى يَذْهَبَ لَوْنُ
(1) حديث أنس قال: " جاء أعرابي فبال في طائفة من المسجد. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 324) . واللفظ الثاني لمسلم (1 / 237) .
النَّجَاسَةِ وَرَائِحَتُهَا، وَلأَِنَّ بَقَاءَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يَزُول لَوْنُهَا إِلَاّ بِمَشَقَّةٍ سَقَطَ عَنْهُ إِزَالَتُهَا كَالثَّوْبِ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الرَّائِحَةِ (1) .
وَيَقُول الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا أَصَابَتِ النَّجَاسَةُ أَرْضًا رَخْوَةً فَيُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ فَتَطْهُرُ، لأَِنَّهَا تُنَشِّفُ الْمَاءَ، فَيَطْهُرُ وَجْهُ الأَْرْضِ، وَإِنْ كَانَتْ صُلْبَةً يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُكْبَسُ الْحَفِيرَةُ الَّتِي اجْتَمَعَ فِيهَا الْغُسَالَةُ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (أَرْض ف 3) .
مَا تَطْهُرُ بِهِ الأَْرْضُ سِوَى الْمِيَاهِ:
21 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ عَدَا زُفَرَ إِلَى أَنَّ الأَْرْضَ إِذَا أَصَابَهَا نَجِسٌ، فَجَفَّتْ بِالشَّمْسِ أَوِ الْهَوَاءِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَذَهَبَ أَثَرُهُ طَهُرَتْ وَجَازَتِ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَيُّمَا أَرْضٍ جَفَّتْ فَقَدْ ذَكَتْ (3) .
(1) المغني لابن قدامة مع الشرح 1 / 737، 738، 739 ط. دار الكتاب العربي من دار الريان للتراث، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 56، روضة الطالبين 1 / 29 المكتب الإسلامي، أسهل المدارك شرح إرشاد السالك للكشناوي 1 / 34 دار الفكر، جواهر الإكليل 1 / 5 - 6، الشرح الكبير1 / 33 - 34.
(2)
الاختيار شرح المختار 1 / 32 - 33 ط. مصطفى الحلبي 1936م.
(3)
حديث: " أيما أرض جفت فقد ذكت ". أورده الزيلعي في نصب الراية (1 / 211) بلفظ: " ذكاة الأرض يبسها " وقال: غريب، يعني أنه لا أصل له مرفوعا، ثم ذكر أن ابن أبي شيبة أخرجه بهذا اللفظ موقوفًا على أبي جعفر محمد بن علي.