الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَادِسًا: الْعِتْقُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ:
17 -
إِذَا قَال السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ لِغَيْرِ وَجْهِ اللَّهِ يَقَعُ الْعِتْقُ بِالاِتِّفَاقِ لِوُجُودِ رُكْنِهِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وَلَاءِ الْمُعْتِقِ وَمِيرَاثِهِ مِنَ الْمُعْتَقِ - فَتْحُ التَّاءِ - عَلَى مَذْهَبَيْنِ:
فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ، لأَِنَّ الْوَلَاءَ ثَمَرَةُ الْعِتْقِ، فَحَيْثُ وُجِدَ هَذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ السَّبَبُ تَحَقَّقَ الْمُسَبَّبُ (1) لِحَدِيثِ: الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (2) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ - بِكَسْرِ التَّاءِ (3) -.
وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (وَلَاء) .
تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ:
18 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ عَلَى مَجِيءِ وَقْتٍ أَوْ فِعْلٍ، كَأَنْتَ حُرٌّ فِي رَأْسِ الْحَوْل، أَوْ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ فَعَبْدِي حُرٌّ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ أَوْ يَحْصُل الْفِعْل، وَبِهَذَا قَال الأَْوْزَاعِيُّ
(1) بدائع الصنائع 4 / 159، 160، روضة الطالبين 12 / 170، مغني المحتاج 4 / 507، فتح الباري شرح البخاري 12 / 35، نيل الاوطار للشوكاني 6 / 79.
(2)
حديث: " لمن أعتق ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 185) ومسلم (2 / 1145) من حديث عائشة.
(3)
حاشية الدسوقي 4 / 417، المغني لابن قدامة 6 / 353، فتح الباري 12 / 32، نيل الأوطار للشوكاني 6 / 79.
وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ - لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لِعَبْدِهِ: أَنْتَ عَتِيقٌ إِلَى رَأْسِ الْحَوْل، فَلَوْلَا أَنَّ الْعِتْقَ يَتَعَلَّقُ بِالْحَوْل لَمْ يُعَلِّقْهُ لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ، فَإِذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ أَوْ حَصَل الْفِعْل الْمُعَلَّقُ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ عَتَقَ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ لَمْ يُعْتَقْ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ - لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: لَا طَلَاقَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا عِتْقَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إِلَاّ فِيمَا تَمْلِكُ (1) . وَلأَِنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ، فَلَمْ يَقَعْ عَتَاقُهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ مُتَقَدِّمٌ.
وَقَال النَّخَعِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى: عَتَقَ، وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَالإِْجَارَةُ (2) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: تَنْقَسِمُ صِيغَةُ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ إِلَى قِسْمَيْنِ: صِيغَةُ بِرٍّ، وَصِيغَةُ حِنْثٍ.
فَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ فَصُورَتُهَا: أَنْ يَقُول السَّيِّدُ: إِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ، أَوْ أَمَتِي فُلَانَةُ حُرَّةٌ.
وَأَمَّا صِيغَةُ الْحِنْثِ فَصُورَتُهَا: أَنْ يَقُول
(1) حديث: " لا طلاق إلا فيما تملك. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 640 - 641) والترمذي (3 / 477) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب.
(2)
المبسوط للسرخسي 7 / 80، 84، حاشية الدسوقي 4 / 364، نهاية المحتاج 8 / 354، كشاف القناع 4 / 522، المغني لابن قدامة 9 / 375، 376.