الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَبْسَ غِيَابٌ، وَهُمْ يَقُولُونَ بِالتَّفْرِيقِ لِلْغَيْبَةِ مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ، كَمَا يَقُولُونَ بِهَا مَعَ الْعُذْرِ عَلَى سَوَاءٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(التَّفْرِيقُ لِلْعَيْبِ:
93 -
اتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ الأَْرْبَعَةِ عَلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِلْعُيُوبِ.
إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ خَصُّوا التَّفْرِيقَ هَذَا بِعُيُوبِ الزَّوْجِ دُونَ عُيُوبِ الزَّوْجَةِ، وَجَعَلُوا التَّفْرِيقَ بِهِ حَقًّا لِلزَّوْجَةِ وَحْدَهَا، لاِمْتِلَاكِهِ الطَّلَاقَ دُونَهَا.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَقَدْ ذَهَبُوا إِلَى جَوَازِ التَّفْرِيقِ لِعَيْبِ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ عَلَى سَوَاءٍ، وَأَنَّ التَّفْرِيقَ لِلْعَيْبِ حَقٌّ لَهُمَا عَلَى سَوَاءٍ.
إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ جَمِيعًا اتَّفَقُوا عَلَى تَضْيِيقِ دَائِرَةِ التَّفْرِيقِ لِلْعَيْبِ، وَعَدَمِ التَّوَسُّعِ فِيهِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْعُيُوبِ الْمُثْبِتَةِ لِلتَّفْرِيقِ عَلَى أَقْوَالٍ.
فَذَهَبَ الشَّيْخَانِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ) إِلَى التَّفْرِيقِ بِالْجَبِّ، وَالْعُنَّةِ، وَالْخِصَاءِ فَقَطْ، وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى ذَلِكَ: الْجُنُونَ.
(1)
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى التَّفْرِيقِ بِعُيُوبٍ اتَّفَقُوا
(1) لبحر الرائق 4 / 126، وفتح القدير 3 / 267.
فِي بَعْضِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا الآْخَرِ عَلَى أَقْوَالٍ، وَقَسَّمُوهَا إِلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: قِسْمٌ مِنْهَا خَاصٌّ بِالرِّجَال، وَقِسْمٌ خَاصٌّ بِالنِّسَاءِ، وَقِسْمٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَال.
فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُفَرَّقُ بِالْعُيُوبِ التَّالِيَةِ:
عُيُوبُ الرِّجَال وَهِيَ: الْجَبُّ (1) ، وَالْخِصَاءُ (2) وَالْعُنَّةُ (3) ، وَالاِعْتِرَاضُ (4) .
وَعُيُوبُ النِّسَاءِ هِيَ: الرَّتَقُ (5) ، وَالْقَرْنُ (6) ، وَالْعَفَل (7) ، وَالإِْفْضَاءُ (8) ،
(1) لجب: هو عند الجمهور: قطع الذكر والأنثيين، ومثله في الحكم قطع الذكر وحده، فإذا كان الذكر صغيرًا كالزر فهو كالمجبوب في الحكم أيضًا. وعند المالكية هو قطع الذكر والأنثيين كالجمهور، ومثله قطع الأنثيين دون الذكر عند المالكية.
(2)
الخصاء: هو عند الجمهور: قطع الأنثيين أو رضَّهما أو سلهما دون الذكر، وعند المالكية قطع الذكر دون الأنثيين.
(3)
العنِّة: هي عند الجمهور: العجز عن الوطء مع سلامة العضو، وسمي بذلك لأن الذكر يعن يمنة ويسرة ولا يطأ في الفرج، وذهب المالكية إلى أن العنة هي صغر الذكر بحيث لا يتأتى به الجماع.
(4)
الاعتراض: هو عند المالكية: عدم انتشار الذكر، ويقابله عند الجمهور العنة.
(5)
الرُتق: هو انسداد محل النكاح، بحيث لا يمكن معه الوطء وربما كان ذلك لضيق في عظم الحوض أو لكثرة اللحم فيه.
(6)
القرن: هو شيء ناتئ في الفرج يسده ويمنع الوطء، وربما كان ذلك من لحم أو عظم.
(7)
العفل: رغوة في الفرج تحدث عند الجماع، أو هو ورم في اللحمة التي بين مسلكي المرأة فيضيق به فرجها فلا ينفذ به الذكر. وقيل هو القرن.
(8)
الإفضاء: هو اختلاط مسلك النكاح مع مسلك البول، أو اختلاط مسلك النكاح مع مسلك الغائط.
وَالْبَخَرُ. (1)
وَالْعُيُوبُ الْمُشْتَرَكَةُ هِيَ: الْجُنُونُ (2) ، وَالْجُذَامُ (3) ، وَالْبَرَصُ (4) ، وَالْعِذْيَطَةُ (5) وَالْخَنَاثَةُ الْمُشْكِلَةُ. (6)
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُفَرَّقُ بِالْعُيُوبِ التَّالِيَةِ:
عُيُوبُ الرِّجَال وَهِيَ: الْعُنَّةُ، وَالْجَبُّ.
وَعُيُوبُ النِّسَاءِ هِيَ: الرَّتَقُ، وَالْقَرْنُ.
وَالْعُيُوبُ الْمُشْتَرَكَةُ هِيَ: الْجُنُونُ، وَالْجُذَامُ وَالْبَرَصُ. (7)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يُفَرَّقُ بِالْعُيُوبِ التَّالِيَةِ.
عُيُوبٌ خَاصَّةٌ بِالرِّجَال هِيَ: الْعُنَّةُ، وَالْجَبُّ.
وَعُيُوبٌ خَاصَّةٌ بِالنِّسَاءِ هِيَ: الْفَتْقُ، وَالْقَرْنُ، وَالْعَفَل.
وَعُيُوبٌ مُشْتَرَكَةٌ، هِيَ: الْجُنُونُ، وَالْبَرَصُ، وَالْجُذَامُ. (8)
إِلَاّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبَا حَفْصٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ
(1) البخر: هو نتن الفرج، أو نتن الفم.
(2)
الجنون: هو آفة تعتري العقل فتذهب به.
(3)
الجذام: هو: علة يحمَّر منها العضو، ثم يسود ثم يتقطع ويتناثر، ويتصور ذلك في كل عضو من أعضاء الجسم، إلأ أنه في الوجه أكثر.
(4)
البرص: هو: بقع بيضاء على الجلد تزداد اتساعًا مع الأيام، وربما نبت عليها شعر أبيض أيضًا، وربما كانت بقعا سوداء.
(5)
العذيطة: هو التغوط عند الجماع، والتبول مثله.
(6)
الخرشي 2 / 73.
(7)
مغني المحتاج 3 / 202.
(8)
المغني 7 / 582 مع الشرح الكبير.
زَادَا عَلَى الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ اسْتِطْلَاقَ الْبَطْنِ، وَسَلَسَ الْبَوْل، وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَنْ بِهِ النَّاسُورُ وَالْبَاسُورُ، وَالْقُرُوحُ السَّيَّالَةُ فِي الْفَرْجِ؛ لأَِنَّهَا تُثِيرُ النُّفْرَةَ، وَتُعْدِي بِنَجَاسَتِهَا، وَقَال أَبُو حَفْصٍ: الْخِصَاءُ عَيْبٌ، وَفِي الْبَخَرِ وَالْخَنَاثَةِ وَجْهَانِ. (1)
94 -
وَظَاهِرُ نُصُوصِ الْفُقَهَاءِ تُوحِي بِالْحَصْرِ فِي هَذِهِ الْعُيُوبِ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْمُغْنِي: أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
وَجَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ قَوْلُهُ: وَاخْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ الْعُيُوبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا خِيَارَ فِيمَا عَدَاهَا، قَال فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَجَاءَ فِي بِدَايَةِ الْمُجْتَهِدِ قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قُصِرَ الرَّدُّ عَلَى هَذِهِ الْعُيُوبِ الأَْرْبَعَةِ، فَقِيل: لأَِنَّ ذَلِكَ شَرْعٌ غَيْرُ مُعَلَّلٍ، وَقِيل: لأَِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَخْفَى، وَمَحْمَل سَائِرِ الْعُيُوبِ عَلَى أَنَّهَا مِمَّا لَا يَخْفَى، وَقِيل: لأَِنَّهَا يُخَافُ سِرَايَتُهَا إِلَى الأَْبْنَاءِ.
إِلَاّ أَنَّنَا إِلَى جَانِبِ هَذِهِ النُّصُوصِ نَجِدُ نُصُوصًا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ تَدُل عَلَى عَدَمِ قَصْرِ الأَْئِمَّةِ التَّفْرِيقَ عَلَى الْعُيُوبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَيُلْحَقُ
(1) ينظر في معاني هذه العيوب ابن عابدين 3 / 494. والشرح الكبير 2 / 277 ومغني المحتاج 3 / 202، والمغني 7 / 125.