الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَمْ تَتَغَيَّرْ عِدَّتُهَا لَدَى الْجُمْهُورِ، وَلَا يُعَدُّ فَارًّا بِطَلَاقِهَا، وَفِي قَوْلٍ ثَانٍ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّهَا تَرِثُ مِنْهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ. وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى تَوْرِيثِهَا مِنْهُ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِطَلَبِهَا كَالْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَالِعَةِ، أَوْ بِغَيْرِ طَلَبِهَا، حَتَّى لَوْ مَاتَ بَعْدَ عِدَّتِهَا وَزَوَاجِهَا مِنْ غَيْرِهِ. (1)
مَسْأَلَةُ الْهَدْمِ:
67 -
هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَمَيَّزَتْ بِلَقَبٍ خَاصٍّ بِهَا لَدَى الْفُقَهَاءِ، نَظَرًا لاِخْتِلَافِهِمْ فِيهَا وَأَهَمِّيَّتِهَا، وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِمَّا يَلِي: اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ (2) عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ عِدَّتِهَا وَدَخَل بِهَا، ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ: أَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ. كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا - دُونَ الزَّوَاجِ مِنْ آخَرَ - أَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ لَهُ إِلَى الثَّلَاثِ فَقَطْ. فَإِذَا طَلَّقَهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ، فَتَزَوَّجَتْ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ عِدَّتِهَا وَدَخَل بِهَا، ثُمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ
(1) الدسوقي 2 / 353.
(2)
الدر المختار 3 / 418، والشرح الصغير 1 / 467 ط. الحلبي، والمغني 7 / 443 - 444، ومغني المحتاج 3 / 293.
بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ وَانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْهُ:
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَفِيهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ لَهُ إِلَى الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَ أَبَانَهَا بِوَاحِدَةٍ مَلَكَ عَلَيْهَا اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَبَانَهَا بِاثْنَتَيْنِ مَلَكَ عَلَيْهَا ثَالِثَةً فَقَطْ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهِمْ عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ. وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يَمْلِكُ عَلَيْهَا ثَلَاثًا، وَقَدِ انْهَدَمَ مَا أَبَانَهَا بِهِ سَابِقًا، وَمِنْ هُنَا سُمِّيَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَسْأَلَةِ الْهَدْمِ، وَقَوْل الشَّيْخَيْنِ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فِيهِمُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم وَهُوَ قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ، وَالْقَوْل الثَّانِي - وَهُوَ الأَْرْجَحُ عِنْدَهُمْ - مَعَ الْجُمْهُورِ. وَقَدِ اخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِي الْمَذْهَبِ الْحَنَفِيِّ، فَمِنْهُمْ بَل أَكْثَرُهُمْ قَالُوا بِتَرْجِيحِ قَوْل مُحَمَّدٍ، كَالْكَمَال بْنِ الْهُمَامِ، بَل إِنَّهُ قَال عَنْهُ: إِنَّهُ الْحَقُّ، وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبُ النَّهْرِ وَالْبَحْرِ والشُّرنْبُلَالِيُّ وَغَيْرُهُمْ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ قَوْل الشَّيْخَيْنِ كَالْعَلَاّمَةِ قَاسِمٍ، وَعَلَيْهِ مَشَتِ الْمُتُونُ