الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعِلَاجُ هَذَا الْعُجْبِ أَشَدُّ مِنْ عِلَاجِ غَيْرِهِ، لأَِنَّ صَاحِبَ الرَّأْيِ الْخَطَأِ جَاهِلٌ بِخَطَئِهِ، وَعِلَاجُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ: أَنْ يَكُونَ مُتَّهِمًا لِرَأْيِهِ أَبَدًا لَا يَغْتَرُّ بِهِ، إِلَاّ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ قَاطِعٌ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ صَحِيحٍ (1) .
أَسْبَابُ الْعُجْبِ:
6 -
مِنْ أَقْوَى أَسْبَابِ الْعُجْبِ كَثْرَةُ مَدِيحِ الْمُتَقَرِّبِينَ، وَإِطْرَاءُ الْمُتَمَلِّقِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا النِّفَاقَ عَادَةً وَمَكْسَبًا، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: وَيْحَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ - يَقُولُهُ مِرَارًا - إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُل: أَحْسَبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ حَسِيبُهُ، وَلَا يُزَكِّي عَلَى اللَّهِ أَحَدًا (2) .
وَقَال عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " الْمَدْحُ ذَبْحٌ.
وَلِذَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِل أَنْ يَسْتَرْشِدَ إِخْوَانَ الصِّدْقِ، الَّذِينَ هُمْ أَصْفِيَاءُ الْقُلُوبِ، وَمَرَايَا الْمَحَاسِنِ وَالْعُيُوبِ، عَلَى مَا يُنَبِّهُونَهُ عَلَيْهِ مِنْ
(1) بدائع السلك 1 / 497، وإحياء علوم الدين 3 / 366 - 367، ومختصر منهاج القاصدين ص 245 - 246.
(2)
أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 476) ومسلم (4 / 2296) واللفظ للبخاري.
مُسَاوِيهِ الَّتِي صَرَفَهُ حُسْنُ الظَّنِّ عَنْهَا (1) .
وَقَدْ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ، إِذَا رَأَى فِيهِ عَيْبًا أَصْلَحَهُ (2) .
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يَقُول: رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي (3) .
وَيَجِبُ عَلَى الإِْنْسَانِ إِذَا رَأَى مِنْ غَيْرِهِ سَيِّئَةً أَنْ يَرْجِعَ إِلَى نَفْسِهِ، فَإِنْ رَأَى فِيهَا مِثْل ذَلِكَ أَزَالَهُ وَلَا يَغْفُل عَنْهُ (4) .
(1) أدب الدنيا والدين ص 235 - 236 ط. الحلبي والمنهج المسلوك ص 418.
(2)
حديث: " المؤمن مرآة المؤمن. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 217) من حديث أبي هريرة، وحسن إسناده العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (2 / 180) .
(3)
الذريعة إلى مكارم الشريعة للراغب الأصفهاني ص 307.
(4)
الذريعة إلى مكارم الشريعة 307.