الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَِنَّهُ عَامِدٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ وَلَا الْمُعَاوَنَةَ (1) .
مِقْدَارُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ:
6 -
قَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَيْسَ هُنَاكَ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ؛ لأَِنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ، بَل يَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، فَيَفْرِضُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَسَبَ حَالَتِهِ الْمَالِيَّةِ كَالنَّفَقَةِ (2) قَال تَعَالَى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا (3) } وَلأَِنَّ تَعْيِينَ مِقْدَارٍ فِيهِ حَرَجٌ عَلَيْهِمْ، فَرُبَّمَا تَحَمَّلُوا مَا لَا يُطِيقُونَهُ، قَال تَعَالَى:{وَمَا جَعَل عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (4) }
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُؤْخَذُ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْعَاقِلَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّ الأَْخْذَ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالتَّبَرُّعِ تَخْفِيفًا عَنِ الْقَاتِل، فَلَا يَجُوزُ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِمْ بِالزِّيَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ هَذَا الْقَدْرِ إِذَا كَانَتِ الْعَاقِلَةُ كَثِيرَةً، فَإِنْ قُلْتَ الْعَاقِلَةُ يُضَمُّ إِلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِل إِلَيْهِمْ مِنَ النَّسَبِ، حَتَّى لَا يُصِيبَ الْوَاحِدَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ (5) "
(1) رد المحتار 5 / 412، المغني 7 / 775 - 777 ط. الرياض، القليوبي 4 / 176 وجواهر الإكليل 2 / 271.
(2)
بداية المجتهد 2 / 449، والمغني 9 / 520 - 521.
(3)
سورة البقرة - الآية: 286.
(4)
سورة الحج الآية 78.
(5)
بدائع الصنائع 7 / 256.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ يُؤْخَذُ مِنْ كُل وَاحِدٍ نِصْفُ دِينَارٍ إِذَا كَانُوا أَغْنِيَاءً، وَفِي الْوَسَطِ رُبْعُ دِينَارٍ، لأَِنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ تَافِهٌ (1) . وَقَال الْفُقَهَاءُ: لَا يُؤْخَذُ مِنَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ؛ لأَِنَّ الدِّيَةَ الَّتِي تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فِيهَا مَعْنَى التَّنَاصُرِ، وَهَؤُلَاءِ لَيْسُوا مِنْ أَهْل النُّصْرَةِ، وَلأَِنَّ الدِّيَةَ صِلَةٌ وَتَبَرُّعٌ بِالإِْعَانَةِ وَالصِّبْيَانُ وَالْمَجَانِينُ لَيْسُوا مِنْ أَهْل التَّبَرُّعِ.
وَكَذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْفَقِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَاّ وُسْعَهَا} وقَوْله تَعَالَى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ (2) } وَلأَِنَّ تَحَمُّل الدِّيَةِ مُوَاسَاةٌ فَلَا يَلْزَمُ الْفَقِيرَ كَالزَّكَاةِ، وَلأَِنَّهَا وَجَبَتْ لِلتَّخْفِيفِ عَنِ الْقَاتِل، فَلَا يَجُوزُ التَّثْقِيل بِهَا عَلَى مَنْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ، وَفِي إِيجَابِهَا عَلَى الْفَقِيرِ تَثْقِيلٌ عَلَيْهِ وَتَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ جَمِيعَ مَالِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَقَدْ لَا يَكُونُ عِنْدَهُ شَيْءٌ (3) .
عَاقِلَةُ اللَّقِيطِ وَالذِّمِّيِّ الَّذِي يُسْلِمُ:
7 -
إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَاقِلَةٌ كَاللَّقِيطِ
(1) الأم 6 / 102.
(2)
سورة الطلاق الآية / 7.
(3)
ابن عابدين 5 / 413، القوانين الفقهية ص 228، المهذب للشيرازي 2 / 214 المغني لابن قدامة 7 / 790.