الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْصْلَاحُ، فَقَدْ شُرِعَ بَعْثُ حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا لِلْعَمَل عَلَى الإِْصْلَاحِ بَيْنَهُمَا وَإِزَالَةِ أَسْبَابِ النِّزَاعِ وَالشِّقَاقِ، بِالْوَعْظِ وَمَا إِلَيْهِ، قَال تَعَالَى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (1) وَ
مُهِمَّةُ الْحَكَمَيْنِ
هُنَا الإِْصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بِحِكْمَةٍ وَرَوِيَّةٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مُهِمَّةِ الْحَكَمَيْنِ، وَفِي شُرُوطِهِمَا، وَذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ التَّالِي:
أ - مُهِمَّةُ الْحَكَمَيْنِ:
74 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مُهِمَّةَ الْحَكَمَيْنِ الإِْصْلَاحُ لَا غَيْرُ، فَإِذَا نَجَحَا فِيهِ فَبِهَا، وَإِلَاّ تَرَكَا الزَّوْجَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا لِيَتَغَلَّبَا عَلَى نِزَاعِهِمَا بِنَفْسَيْهِمَا، إِمَّا بِالْمُصَالَحَةِ، أَوْ بِالصَّبْرِ، أَوْ بِالطَّلَاقِ، أَوْ بِالْمُخَالَعَةِ، وَلَيْسَ لِلْحَكَمَيْنِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إِلَاّ أَنْ يُفَوِّضَ الزَّوْجَانِ إِلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَإِنْ فَوَّضَاهُمَا بِالتَّفْرِيقِ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ التَّوْفِيقِ، كَانَا وَكِيلَيْنِ عَنْهُمَا فِي ذَلِكَ، وَجَازَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِهَذِهِ الْوَكَالَةِ. (2)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ وَاجِبَ الْحَكَمَيْنِ الإِْصْلَاحُ أَوَّلاً، فَإِنْ عَجَزَا عَنْهُ لِتَحَكُّمِ
(1) لآية 35 من سورة النساء.
(2)
تفسير روح المعاني 5 / 27.
الشِّقَاقِ كَانَ لَهُمَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ دُونَ تَوْكِيلٍ، وَوَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إِمْضَاءُ حُكْمِهِمَا بِهَذَا التَّفْرِيقِ إِذَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُصَادِفْ ذَلِكَ اجْتِهَادَهُ.
وَإِنْ طَلَّقَا، وَاخْتَلَفَ الْحَكَمَانِ فِي الْمَال، بِأَنْ قَال أَحَدُهُمَا: الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ، وَقَال الآْخَرُ: بِلَا عِوَضٍ، فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ الْمَرْأَةُ فَلَا طَلَاقَ يَلْزَمُ الزَّوْجَ، وَيَعُودُ الْحَال كَمَا كَانَ، وَإِنِ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ وَبَانَتْ مِنْهُ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ بِأَنْ قَال أَحَدُهُمَا: طَلَّقْنَا بِعَشْرَةٍ، وَقَال الآْخَرُ: بِثَمَانِيَةٍ، فَيُوجِبُ ذَلِكَ الاِخْتِلَافُ لِلزَّوْجِ خُلْعَ الْمِثْل وَكَذَلِكَ لَوِ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ، أَوْ جِنْسِهِ.
(1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنِ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ بَعَثَ الْقَاضِي حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا، وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا فِي الأَْظْهَرِ، وَفِي قَوْلٍ: هُمَا حَاكِمَانِ مُوَلَّيَانِ مِنَ الْحَاكِمِ، فَعَلَى
الأَْوَّل: يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ، فَيُوَكِّل الزَّوْجُ حَكَمَهُ بِطَلَاقٍ وَقَبُول عِوَضِ خُلْعٍ، وَتُوَكِّل الزَّوْجَةُ حَكَمَهَا بِبَذْل عِوَضٍ وَقَبُول طَلَاقٍ، وَيُفَرِّقُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا إِنْ رَأَيَاهُ صَوَابًا، وَإِنِ اخْتَلَفَ رَأْيُهُمَا بَعَثَ الْقَاضِي اثْنَيْنِ غَيْرَهُمَا، حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ، وَعَلَى
الْقَوْل الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الزَّوْجَيْنِ بِبَعْثِهِمَا
(1) الدسوقي 2 / 346 - 347.